غزة&- عكست الاجواء الحزينة التي تخيم على قطاع غزة مع اقتراب عيد الفطر حالة الفقر المدقع الذي يعيشه الفلسطينيون جراء الحصار والاغلاقات الاسرائيلية المتواصلة بعد مرور اكثر من عامين على الانتفاضة.
وقال الطفل خليل ابو وردة من سكان مدينة غزة الذي يبيع الحلوى في الشارع وهو بالكاد ينجح في اخفاء دموعه "امنيتي ان اشتري ملابس العيد".&بهذه العبارة يختصر هذا الطفل الفلسطيني ابن الاعوام العشرة حالة الفقر التي تعيشها العائلات الفلسطينية التي باتت غير قادرة حتى على شراء مستلزمات العيد الاساسية من مأكل وملبس.
وقال الطفل خليل انه اضطر لترك المدرسة باكرا كي يشارك في اعالة اسرته المكونة من احد عشر فردا بعد ان اقعد المرض والده، والذي كان اصلا عاطلا عن العمل بعد ان منعت اسرائيل العمال الفلسطينيين من التوجه الى اسرائيل للعمل.
وجاء في تقرير للهيئة العامة للاستعلامات التابعة للسلطة الفلسطينية صدر في نهاية الشهر الماضى ان "الممارسات الاسرائيلية ساهمت في تدمير الاقتصاد الفلسطيني وارتفاع معدلات البطالة وانتشار الفقر وازدياد حدته في الاراضي الفلسطينية ".
واوضح التقرير ان "الناتج المحلي انخفض باكثر من 70 %". وحسب وزارة العمل الفلسطينية فان نسبة البطالة فى قطاع غزة تصل الى حوالى 70 بالمئة.
&ولم يحالف الحظ الطفلة فاطمة عكيلة وعمرها تسعة اعوام لشراء ملابس العيد وقالت وهي تبكي امام منزلها لفرانس برس متسائلة "لماذا لا يملك ابي نقودا لشراء ملابس العيد لي ولاخوتي؟".
وكان والدها العاطل عن العمل يعمل قبل الانتفاضة الحالية داخل اسرائيل. &بينما قالت الحاجة ام سمير اللوح انها تعيش اجواء العيد على زخات النار من القوات الاسرائيلية حيث انها تسكن قرب مستوطنة كفر داروم في دير البلح وسط قطاع غزة.&وتزداد حياة الفلسطينيين الذين يعيشون قرب المستوطنات صعوبة بسبب الاجراءات التي يتخذها الجيش الاسرائيلي خصوصا الاغلاقات المتكررة.
وقالت هذه المراة انها "تسعى لاعالة اولادها بعد ان اصيب زوجها بشلل نصفي اثر سقوط قذيفة على المنزل". &وقالت انها لم تتمكن من شراء ملابس العيد لاولادها خلال السنتين الماضيتين "فلا احد يعيلنا سوى الله واصبحنا من الفقراء".&ولم تكن حالة الباعة واصحاب المحال التجارية افضل حيث قال رمزى السويركى صاحب محل لبيع الفاكهة: "السنة الماضية كانت حركة البيع والشراء افضل بكثير من هذه السنة بسبب الاغلاقات".
واضاف السويركي ان "منع العمال من دخول الخط الاخضر (اسرائيل) وفقدانهم الدخل الشهري له تاثير مدمر على الاقتصاد الفلسطينى".&ويشار هنا الى ان السلطة الفلسطينية لم تتمكن من دفع رواتب الموظفين الشهر الماضي بسبب "عدم توفر الاموال اللازمة" والتي تقدر ب45 مليون دولار شهريا بحسب مصدر في السلطة الفلسطينية.
وعبر الحاج عبد الكريم بصل صاحب محل احذية وسط سوق الرمال الراقي بغزة عن "حسرته لايام زمان" وقال "هذه الايام هي الاسوأ التي مرت علي خلال 36 عاما من العمل".&وقالت سعاد التي تجولت في السوق بغرض التسوق وهي من سكان دير البلح انها لا ترى اي "اجواء فرح على الناس في شهر رمضان لان حياة الفلسطينيين اصبحت صعبة جدا".
وتساءلت "كيف يمكن للناس ان يفرحوا وهم لم يتمكنوا من زيارة بعضهم البعض رغم قرب المسافات بسبب الحواجز".&ويقيم الجيش الاسرائيلي عدة حواجز على مداخل المدن في قطاع غزة خصوصا عند حاجزي ابو هولي في دير البلح والمطاحن في خان يونس جنوب قطاع غزة ويضطر الفلسطينيون في كثير من الاحيان للانتظار ساعات طويلة للمرور.
وكانت وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (انروا) اعلنت الشهر الماضي على لسان بيتر هانسن المفوض العام للانروا "ان حوالى 222 الف عائلة فلسطينية من الاراضي المحتلة بحاجة حاليا لمساعدة غذائية، مقابل 11 الف عائلة قبل انطلاق الانتفاضة الثانية" في ايلول(سبتمبر) 2000.
واشار هانسن الى ان عدد العاطلين عن العمل يفوق عدد السكان العاملين في غزة والضفة الغربية. وذكر بان 70% من السكان يعيشون دون عتبة الفقر، اي باقل من دولارين في اليوم للشخص.