غيوم بونيه: بقعة دم صغيرة وصورة واكليل من الزهور، وجدل يتجدد. هذا ما تبقى في جنين بعد مقتل موظف بريطاني في الأمم المتحدة قبل اقل من أسبوعين برصاص الجيش الإسرائيلي خلال عملية في مخيم جنين الذي عرف بسبب المواجهات الدامية التي دارت خلال حصاره المطول في الربيع الماضي.
&وصل ايان هوك (53 عاما) إلى جنين قبل شهر، بعد ان خدم في كوسوفو وتيمور الشرقية. وكان يتولى ادارة مشروع تنفذه وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (انروا) من اجل اعادة اعمار المخيم بعد ان دمره الاسرائيليون في نيسان/ابريل.
&وفي 22 تشرين الثاني/نوفمبر، قتل برصاصة قناص اسرائيلي خلال عملية قام بها الجيش في المخيم بحثا عن شريك انتحاري فلسطيني.
&وعندما اندلع تبادل اطلاق النار متقطعا بين الجنود والفلسطينيين، اختبأ هوك برفقة ثلاثين موظفا داخل المقر العام للانروا الذي تحمل بوابته الزرقاء اثر رصاصة من عيار ثقيل.
&وروى موظف فلسطيني في الانروا لوكالة فرانس برس ان الرجل اصيب في وركه، لكنه "نزف كل دمه لمدة حوالي نصف ساعة لان الاسرائيليين رفضوا السماح بدخول سيارتي اسعاف" الى المركز.
&واكد الجيش الذي لم ينشر نتائج تحقيقه بعد ان القناص اطلق النار على هوك من باب الخطأ لانه "كان يمسك غرضا يشبه مسدسا"، مشيرا الى ان "رصاصا" كان ينطلق من المقر العام للانروا.
&غير ان الموظف الفلسطيني الذي طلب عدم كشف هويته بسبب منع الامم المتحدة موظفيها من الادلاء بشهادتهم، يؤكد ان "هذا غير صحيح". ويروي انه "عند مقتله قرابة الساعة 13:00، كان الهدوء قد خيم قبل حوالي ربع ساعة. واغتنم هوك الفرصة للخروج من مكتبه وتدخين سيجارة. وما ظنه (الجنود) مسدسا كان على الارجح هاتفا محمولا".
&وشاهدت مواطنة اجنبية اوقفها الجيش عند مدخل المقر العام للانروا كل الاحداث التي سبقت المأساة. وتروي ان "هوك خرج ثلاث مرات، حاملا علم الامم المتحدة بيده، ليفاوض الجنود. وسمعت العسكريين يجيبونه مرة +لا يهمنا ان تكون من الامم المتحدة او من اي مكان اخر. اغرب من هنا وعد الى بلادك+".
&واضافت "كان يكلمهم بالانكليزية، ولم يكن من الممكن الا يدرك الاسرائيليون انه اجنبي".
&ولا تعتقد المرأة ان الجندي "تعمد اطلاق النار على موظف في الامم المتحدة"، مرجحة فرضية حصول "خطأ فادح، ناتج على الارجح عن سوء اتصال بين القناص وقائده".
&وتابعت انه "في اخر مرة خرج هوك، استخدمه مقاتل فلسطيني كدرع بشري واطلق النار على الجنود قبل ان يهرب. ولم يرد الاسرائيليون لان الخطر كان كبيرا باصابة مدنيين".
&وهي تعتقد انه "حين شاهد القناص في وقت لاحق هوك داخل المقر العام، قتله، ظنا منه ربما انه فلسطيني".
&ويقول توفيق فرحات (74 عاما) ان اربعة قناصة اختبأوا في منزله الواقع على مقربة من المقر العام للانروا، في الجهة المقابلة من الشارع. ويعرض الرصاصات الفارغة التي عثر عليها في البيت. وهو ايضا يؤكدا انه "لم يكن اي كان يطلق النار من مقر الانروا".
&وفي انتظار صدور نتائج التحقيق الذي يجريه خبراء من الامم المتحدة والذي ارجئ نشره، اصدر 64 موظفا اجنبيا في الامم المتحدة يعملون في الاراضي المحتلة اليوم الثلاثاء عريضة، هي الاولى من نوعها منذ بدء الانتفاضة في ايلول/سبتمبر 2000.
&وذكر موقعو العريضة بمقتل فلسطينيين يعملان في الامم المتحدة خلال الربيع برصاص الجيش الاسرائيلي، ودانوا "الجيش الاسرائيلي باشد التعابير بسبب العنف المجاني الذي قام به ضد رجل اعزل قتل في الظهر برصاص قناص".