&
&
إيلاف: حكم أمس على الممرض تيد ماهر(44 سنة) الذي أشعل حريقا قضى على المصرفي البليونير اليهودي اللبناني الأصل إدمون صفرا (67 سنة) وممرضته وهز إمارة موناكو، بالسجن لمدة عشر سنوات.
ووجدت محكمة مونتي كارلو التي حكمت في هذه الجريمة أن ماهر، الذي كان في السابق من أصحاب القبعات الخضراء في الجيش الأميركي، مذنبا لجهة إشعاله الحريق الذي أدى إلى مصرع إدمون صفرا، أحد أكبر الأثرياء في العالم، وممرضته التي تدعى فيفيان تورينت، ولكن زوجة ماهر اقترحت استئناف الحكم.
أما ليلي صفرا، أرملة القتيل، فقالت في بيان مكتوب عقب صدور الحكم: " نحمد الله على أن العدل قد أخذ مجراه. لقد عوقب الجاني وكشف النقاب عما حدث في تلك الليلة الرهيبة التي كانت قبل ثلاث سنوات تماما والتي قتل فيها زوجي الحبيب وممرضته المخلصة، وبات بإمكان الجميع الاطلاع على الحقائق والتفاصيل الكاملة عن هذه الجريمة البشعة". وكان صفرا، وهو مؤسس البنك الوطني الجمهوري ومساهم رئيسي فيه، قد قضى اختناقا في حمام شقته الفخمة في موناكو والتي& تبلغ مساحتها 3000 قدم مربع، حيث كان مختبئا لاعتقاده بأن مسلحين قد اقتحموها.
وكان ماهر قد أعلن أمام المحكمة دامع العينين أن الحريق بدأ بإضرامه النار في سلة للمهملات قبل أن يطعن نفسه ويتوجه مسرعا إلى صفرا بهدف الإيحاء له بأنه أسرع إليه لإنقاذه من ألسنة النيران وليظهر أمامه في صورة "البطل المنقذ". وبعد ذلك قال ماهر عن صفرا أنه أفضل رئيس عمل معه في حياته وأنه لم يتعمد قتله أو قتل ممرضته وأن ما حدث كان بالنسبة إليه "حادثة رهيبة".
وقعت هذه الجريمة حوالي الساعة الخامسة والنصف صباح الثالث من كانون الأول (ديسمبر) عام 1999 وحينها قال ماهر، الذي كان الدم ينزف من بطنه وفخذه بعدما طعن نفسه بالسكين،& لحارس المبنى أنه اشتبك مع شخصين مقنعين في المبنى وقال له أن هناك خطرا كبيرا يتهدد صفرا وزوجته البرازيلية المولد، وروى القصة نفسها لرجال الشرطة الذين هرعوا إلى مكان الحادث بعد دقائق.
في الساعة السابعة والربع، أي بعد أقل من ساعتين على بدء الحريق، عثر رجال الإطفاء على جثتي صفرا والممرضة تورينت بعدما اقتحموا الشقة عن طريق السطح.
في البداية كان تصور المحققين أن المهاجمين المقنعين أضرموا النار في الشقة ثم لاذوا بالفرار بعدما فشلوا في الوصول إلى الشخصين المستهدفين (صفرا والممرضة).
بعد ذلك سرت اشاعات في نيويورك ولندن عن جريمة قتل تم التعاقد مع أشخاص معينين لتنفيذها، وأن نية القتل هذه لها علاقة إما بتعاون البنك الوطني الجمهوري مع مكتب التحقيقات الفدرالي FBI بشأن التحقيق في قضية تبييض أموال روسية أو ببيع البنك الوطني الجمهوري إلى بنك HSBC بمبلغ عشرة بلايين دولار أميركي ـ حصة صفرا منها حوالي ثلاثة بلايين دولار.
ومما يذكر عن صفرا هو أنه كان مصابا بمرض باركنسون وفي حاجة إلى عناية طبية على مدار الساعة وأنه ركب في شقته أجهزة إنذار ومراقبة، ولكن أيا من الأشرطة التي تفحصها رجال الشرطة لم يدل على حصول عملية اقتحام.
أما ماهر الذي أمضى أربعة أيام في المستشفى بعد "التمثيلية" التي قام بها، وبعد استمرار التحقيق معه، فقد انهار آخر الأمر واعترف للمحكمة بأن وظيفته التي كان تؤمن له 600 دولار أميركي في اليوم كانت أفضل وظيفة حصل عليها في حياته، ولكن صونيا هيركراث، رئيسة ممرضات صفرا، كانت تستخف به وهذا الأمر جعله يخاف فقدان وظيفته.
في مقابل ذلك قالت المحامية ساندرين سيتون، وكيلة ماهر، أن موكلها فكر في إشعال الحريق ومن ثم إنقاذ صفرا لكي يسجل موقفا نبيلا يشكره عليه رئيسه، ولكنه لم يكن ينوي قتله على الإطلاق. ثم عادت فأضافت أن موكلها كان يحترم رئيسه ولا يضمر له إلا الود، ثم حاولت التخفيف من خطورة ما أقدم عليه فقالت : " من المسلم به أن التصرفات الغبية تستحق العقاب ولكنها ليست جناية" مشيرة إلى أنه بانتفاء نية القتل العمد فأن العقوبة يجب ألا تزيد عن السجن لمدة ست سنوات.
هذا الكلام رد عليه المدعي العام دانيال سيردت بالقول أن ماهر ترك رقعة النار تزداد اتساعا بدلا من السعي لإطفائها الأمر الذي تسبب في وفاة شخصين، كما أن ماهر بتلفيقه قصة المسلحين المقنعين أعاق أعمال الإنقاذ وترك صفرا وممرضته محجوزين وسط اللهب وبالتالي تسبب بشكل مباشر في موتهما.
من جهتهم قال رجال الشرطة والإطفاء في المحكمة أن احتمال إنقاذهم لحياة صفرا وممرضته كان قائما لو أنهم دخلوا الشقة دون إبطاء، ولكنهم عملوا أولا على تأمين المبنى لأنهم كانوا يعتقدون أن هناك مسلحين مرابطين داخله.
أما إليزابيث دي فرانتشيشي،الإختصاصية في علم النفس، فقالت أن ماهر، الذي هو أب لثلاثة أولاد وسبق له أن تزوج مرتين، معقد نفسيا وحذر وغير ناضج وطموح ولا ثقة له بالآخرين، ثم أضافت: "كان همه إظهار إخلاصه لإدمون صفرا من خلال تضحية كبرى يقوم بها. لقد كان يبذل ما في وسعه للبروز وسط من حوله، وكانت تصرفاته من منطلق الغيرة والمنافسة."
هذه الجريمة شلت إمارة موناكو وهذا ليس بالأمر المستغرب إذا عرفنا أن معدل الجرائم فيها لا يتجاوز الواحدة كل عشر سنوات.