نصــر المجالي
&
مغامرة قرر ان يفعلها علي غندور رئيس مجلس ادارة الخطوط الجوية الملكية الاردنية عبر ارسال اول طائرة تهبط في طهران المشتعلة ثورة على كل ما هو ملكي وامبراطوري، وكانت حساباته خاطئة، وقيل لنا في جريدة (الرأي) حيث نستعد للقيام بالمهمة الصحافية ان الرحلة آمنة من عمان الى طهران.
وقبيل الغروب اتجهنا الى طائرة الملكية الاردنية صاعدين على متنها في الطريق جوا الى طهران، وكان من المسافرين عديد ما لايقل عن مائتين وخمسين من الناس اجانب وعربا من ذوي الاصول المتعددة والاهداف المتعددة في السفر ايضا، حيث اغرتهم الملكية الاردنية بالسفر مغامرة منها وهم لا يدركون او لايعرفون عن اهداف من قررة الرحلة المكلومة اياها.
علي غندور رئيس مجلس ادارة الخطوط الجوية الملكية الاردنية غامر في حسابات له مقاصده الشخصية منه بتسيير الرحلة المحبطة، وهو ان كان يعلم او لا يعلم ان طهران الثورة حظرت أي طيران اجنبي، فالامام القائد آية الله الخميني عائد منتصرا زعيما& للأمة والشاه البهلوي غادر البلاد، والاجواء محظورة تماما.
لقد كانت طهران قريبة قريبة وكنا نراها من اضوائها المنيرة المستنيرة مع حالها الجديد، وكنا على وشك الهبوط، ولكن فجأة قال صوت من قمرة القيادة "نلفت نظر المسافرين الكرام بأننا سنعود الى عمان، حيث منعنا من الهبوط في مطار مهر آباد".
واستدارت الحافلة الجوية الى الغرب وعدنا الى عمان في رحلة ساعات ثلاث ونصف الساعة مع محاولات الطاقم التهدئة النفسية وهم لا يعلمون أي خطأ كبير ارتكبه علي غندور بتسيير تلك الرحلة المجهضة.
علي غندور مهند س مبدع في المجال الجوي حاله حال ابداعه في نمط تسويق العلاقات العامة ، وهو سياسي حكم عليه بالاعدام في لبنان حيث تهمته التآمر لقلب نظام الحكم في اوائل الستينيات من القرن الفائت وآواه الحكم الاردني الهاشمي.
واذ أتى علي غندور الى عاصمة الهاشميين مرحب به لاجئا سياسيا في بلد شقيق فإنه من خلال علاقاته العامة الوطيدة (سياسيا وطيرانيا) صدر قرار ملكي بتعيينه في موقع الرجل الاول في اول شركة طيران بكر للمملكة الهاشمية(وهذه قصة طويلة لها تفاصيلها واسرارها).
واذا ما كنا نتناول حال العلاقات العامة، فإنه حين كانت ايران تهدر بثورة عارمة يقودها التيار الاسلامي بقيادة آية الله الخميني من ضاحية منفاه قرب باريس، فان علي غندور (الشيعي المذهب، القومي السوري المبدأ منهاجا) استطاع اقناع الملك الاردني الراحل الحسين بن طلال بأنه سيقوم بوساطة ناجحة مع الرجل القوي الآتي الى حكم ايران.
والرجل هو بالطبع آية الله الخميني الذي كان اسمه ملء الآفاق، في ايران الداخل التي كانت تلعلع بالرصاص ابتهاجا بعودته مظفرا مع طرد احفاد آل قاجار من البلاد مرة واحدة والى الأبد.
ولأن الاردن دائما في مهب الريح واتجاهتاها خدمة لمصالح البقاء بغرادة دولة حديثة المعالم وحليفة للغرب،وهو كان حليفا صلبا لشاه ايران، ولأنه عرف بالتمييز او القدرة عليه ان الشاه ذاهب اليوم او غد على ابعد تقدير، فإن علي غندور (الذكي آنذاك) رتب لقاء وساطة وتفاهم في باريس بين الملك الهاشمي والامام الخميني.
اللقاء لم يتم كما تم ترتيبه في حال العلاقات العامة التي كان يقودها اشخاص كثيرون وقيادات مهمة شيعية كانت ام سنية ومن بينها علي غندور بين عاهل هاشمي هو الحسين بن طلال المنتمي الى بيت الرسالة النبوية، وبين المدافع بالسيف والقلم والخطاب عن آل البيت النبوي عبر علي بن ابي طالب وانتظار المهدي، وهو آية الله الخميني.
باعتراف صادق قطب زاده في لقائي معه حين كان مديرا للاذاعة والتلفزيون من بعد انتصار الثورة في ايامها الاولى، فإنه كان الرجل الذي التقى العاهل الهاشمي في باريس، وقال لي "اسمع نحن نعلرف ان ثورتنا الاسلامية ستنتصر، وقلنا للملك الاردني لا مجال للمساومة ولن تكون لنا علاقة بك وبعرشك حتى ولو كان هاشميا".
وقال قطب زاده الذي اعدام في وقت لاحق من بعد ان سلموه منصب وزير الخارجية " لاعلاقات مع انظمة حكم بائدة، فالامام الخميني نفسه رفض لقاء الملك حسين وندبني للمهمة ولم نتوصل الى حل وسط، فنظام الحكم الاسلامي شيء والممالك والامبراطوريات امر مختلف في نهج ثورتنا الاسلامية بقيادة الامام الخميني نائب الامام الغائب المهدي المنتظر".
* غدا (تحقيق مع امن الثورة)
&