تونس "إيلاف" من حكمت الحاج: في الفضاء الثقافي "المدرسة العاشورية" الواقع في "المدينة العتيقة" كان الجمهور على موعد، ليلة 29 نوفمبر المنصرم، مع عرض موسيقي غنائي بعنوان "ذاكرة ألحان" Memoire en transe& ترك أطيب الأثر عنده، وأثار في الوقت نفسه الكثير من التشجيع والاعجاب من أهل الفن بخاصة، وأهل الثقافة بعامة، لما زخر به هذا العرض من قوة في الصياغة الموسيقية، ولما تميزت به الأصوات التي قدمته من موهبة وقدرة على التوصيل، ونذكر في هذا السياق بالخصوص الفنانة زهرة الأجنف المتألقة ليلتها والتي حازت على استحسان الجمهور الحاضر& والفنان ماهر الهرماسي. بينما ضمت المجموعة الصوتية كل من: عايدة نياطي وريم ماشطة ووهبية الهرماسي، وكلهم من خريجي المعهد العالي للموسيقى بتونس.
تصور هذا العرض الموسيقي وأداره ووزع موسيقاه الفنان الدكتور زهير قوجة وهو باحث مختص في علم موسيقى الشعوب وأستاذ بالمعهد العالي للموسيقى بتونس يهتم أساسا بمسائل التراث الموسيقي التقليدي التونسي. شارك في العديد من الأعمال الموسيقية والمهرجانات العالمية. وقد ساهم أيضا في العرض المذكور بالعزف على آلة "الساز" أو البزق، الشعبية التركية الأصل.
اقترح عرض "ذاكرة ألحان" قراءة جديدة لنماذج من التراث الموسيقي التونسي الآلي والغنائي غير المتداول وغير المعهود. ويصف الفنان الدكتور زهير قوجة هذه القراءة قائلا بأنها محاولة لتأسيس ذوقية فنية مستحدثة تجعل من تراثنا الموسيقي حلقة تواصل بين مختلف الأنماط الموسيقية التقليدية العربية الاسلامية والمتوسطية الافريقية..
أستهل العرض بسلسلة من القوالب الآلية التقليدية المستوحاة من الرصيد الموسيقي الشعبي لـ "طبالة" جزيرة "جربة" ذي الجذور العثمانية الإنكشارية. وتواصل العرض ليصبح سلسلة من الأغاني والأناشيد التقليدية أدتها بالتناوب مجموعة صوتية مع التركيز في المرحلة الغنائية على صوتين غنائيين مفردين هما:
1. زهرة الأجنف وهي أستاذة خريجة المعهد العالي للموسيقى تهتم بالتراث الغنائي النسائي التقليدي وتعد حاليا أطروحة دراسات عليا في هذا الشأن. شاركت في فرقة "المعهد الرشيدي" وكذلك في فرقة "الفن العربي" بقيادة الفنان محمد سعادة حيث قدمت معه عرضا موسيقيا في قصر "النجمة الزهراء" بتونس. شاركت في الغناء في فيلم "نغم الناعورة" من اخراج عبد اللطيف بن عمار بالغناء مع سمير الشيشتي الذي قدمت معه عام 2001 الجزء 3 من السلسلة الموسيقية "القنطرة". تعمل زهرة الأجنف على إنجاز مشروع فني يتضمن تقديم أنماط من الغناء البدوي بالجنوب التونسي في مقترح جديد. تشارك في "ذاكرة ألحان" بمجموعة من الأغاني التراثية الخاصة بمنطقة "قفصة" مثل ريم الحاحاية وقسوا بوطاهم وجمل يربخ ومنك مريض ارياف وعلى الذرعانة وسوق وربص التي أدتها برفقة وهبية الهرماسي من المجموعة الصوتية.
2. ماهر الهرماسي أستاذ خريج المعهد العالي للموسيقى وهو مطرب يهتم بالأغاني التراثية وشارك في العديد من المهرجانات الفنية مثل مهرجان "تستور" لفنون "المالوف". كما صاحب ماهر الهرماسي المجموعة الصوتية لفرقة "المعهد الرشيدي" طيلة سنوات وأنتج ثلاثة ألبومات غنائية تراثية. وشارك في "ذاكرة ألحان" بمجموعة من الأغاني التراثية الخاصة بمنطقة "القصرين"، مثل: هزي حرامك والعين الكحلة ويا عيني نوحي وغيرها.
أما العازفون الذين أبهروا الجمهور بعزفهم ضمن عرض "ذاكرة ألحان" فهم كل من : سمير بشة متحصل على شهادة البكالوريوس في الموسيقى على آلة الكونترباص. وعبد الونيس العجرودي وهو عازف طقم ايقاعي لاتيني متحصل على دبلوم في الموسيقى العربية. وكمال الناغولي: بكالوريوس موسيقى عازف آلات هوائية مثل القصبة والناي والكولة. وعبد الله أورير: عازف آلة الطبل الجربي. وأخيرا فيصل عطية: عازف آلات ايقاعية تقليدية تونسية.
هذا وقد أدت الفنانة عايدة نياطي أغنية "لابس الشاشية" وهي من تراث منطقة "تستور"، قبل أن يختتم العرض بأغنية "يا لالي" من أداء المجموعة بكاملها.