بروكسل - فيليب فالا: ستحسم القمة الاوروبية التي ستعقد في كوبنهاغن بين المطالب المتناقضة للدول الاعضاء والبلدان المرشحة للانضمام الى الاتحاد الاوروبي لتحديد الكلفة النهائية لتوسيع هذه الهيئة، لكن المعركة باتت تدور حول مبالغ زهيدة بالمقارنة مع حجم العملية ونتائجها.&ويتعلق الخلاف الاخير لعملية توسيع الاتحاد من 15 الى 25 دولة يتفق الجميع على انها "تاريخية" بالنسبة الى القارة الاوروبية، بمبلغ اضافي قيمته نحو 5،1 مليار يورو يوزع على الدول الجديدة بين عامي 2004 و2006.
ويمثل هذا المبلغ 1.5 % من الميزانية الحالية للاتحاد الاوروبي اي 0.1 % من اجمالي الناتج الداخلي لفرنسا.&ومع اقتراب موعد انعقاد القمة يومي الخميس والجمعة المقبلين، تحولت المفاوضات بين الاتحاد الاوروبي والدول المرشحة للانضمام الى "مفاصلة" بحسب تعبير الوزيرة البولندية المكلفة الشؤون الاوروبية دانوتا هوبنر.
&ووراء الجانب المادي البحت، تريد الدول الاشد صرامة في كل معسكر (المانيا وهولندا من الدول الاعضاء وبولندا ومالطا والمجر من الدول المرشحة الانضمام) اثبات للرأي العام المحلي عزمها على الدفاع عن مصالحها المالية.&وللوهلة الاولى من الصعب تصور فشل عملية التوسيع بسبب عشرات ملايين اليورو التي تطالب بها احدى الدول المرشحة بالحاح.
&فقد حذر رئيس الوزراء الدنماركي اندرس فوغ راسموسن من الاصرار على مطالب "قصوى" ما قد يؤدي الى موقف معاكس تماما من قبل الدول ال15.&فقد اتفقت دول الاتحاد ال15 خلال قمة بروكسل في نهاية تشرين الاول/اكتوبر على المبلغ الاجمالي الواجب تخصيصه لعملية التوسيع ويقدر باقل من 40 مليار يورو بين عامي 2004 و2006.
&ومع مبلغ يقدر ب23 مليار يورو، ينتزع الصندوق المخصص لتحسين اوضاع المؤسسات في المناطق التي تلاقي صعوبات حصة الاسد امام المساعدات المخصصة للقطاع الزراعي (9.5 مليار يورو).&وتم تسوية مشكلة الشق الزراعي بتسوية غير متوقعة بين فرنسا والمانيا بالمصادقة على مبدأ دفع اقساط مباشرة الى المزارعين في الدول المرشحة.
&وسجل اتفاق بروكسل مرحلة حاسمة، وما زال يفترض اقناع الدول ال10 المرشحة بالقبول بالشروط الموضوعة.
&وفي اطار مفاوضات الانضمام اعتمدت الرئاسة الدنماركية للاتحاد الاوروبي اسلوبا جريئا بتحريك مبالغ اضافية دون الموافقة المسبقة للاتحاد قدرت بـ1.3 ثم 1.6 مليار يورو.&وسيخصص القسم الاكبر من الاموال (900 مليون) لتحسين مراقبة حدود الدول المرشحة التي ستصبح ايضا الحدود الخارجية الجديدة للاتحاد. وقد خصصت ايضا 300 مليون يورو كمبالغ اضافية لميزانية العام 2004.
&وبحسب الرئاسة الدنماركية فان معظم الدول المرشحة باتت مستعدة لقبول الاطار المالي بعد اضفاء تحسينات عليه. الا انها اعربت عن تحفظات امام مطالب بولندا المتزايدة مشيرة الى ان اي تنازلات تقدم في اللحظة الاخيرة الى احدى الدول المرشحة يجب ان تقدم للدول الاخرى.
&وذكرت المانيا من جانبها بان العرض الدنماركي السخي في نظرها يجب ان يحصل على موافقة الدول ال15 في كوبنهاغن. كما تعارض فرنسا الحسابات الدنماركية وتقدر القيمة الحقيقية للتنازلات الاخيرة باكثر من ملياري يورو.&ولم يستبعد راسموسن، الذي وجد نفسه بين مطرقة دول الاتحاد وسندان الدول المرشحة الانضمام، بان تتحول القمة الى "مفاصلة لا متناهية" قد ترغمه على تمديد النقاشات خلال عطلة نهاية الاسبوع.

&25 يورو سنويا على ثلاث سنوات لكل من سكان الاتحاد الاوروبي كلفة عملية توسيعه&
&
تحدد القمة الاوروبية في كوبنهاغن هذا الاسبوع نهائيا كلفة توسيع الاتحاد الاوروبي لكل من سكانه ال380 مليونا وتقدر ب25 يورو سنويا على ثلاث سنوات.&واتفق المسؤولون الاوروبيون في تشرين الاول/اكتوبر خلال قمة بروكسل على مبلغ يقل عن 40 مليار يورو لعامي 2004-2006. واقترحت الرئاسة الدنماركية للاتحاد الاوروبي ان يضاف اليه مبلغ 1.6 مليار يورو لتقديم تنازلات اضافية الى الدول ال10 المرشحة.
&وستساهم هذه الدول في ميزانية الاتحاد الاوروبي فور انضمامها المقرر في الاول من ايار 2004 3.3 مليار يورو خلال السنة الاولى واكثر من خمسة مليارات في العامين التاليين.
&وهكذا تم خفض المبلغ المترتب على الاتحاد دفعه ليصل الى 28 مليار يورو على ثلاث سنوات اي 6،24 يورو سنويا لكل فرد.&وتصر الدول الاعضاء على ان تبقى مساهمتها ضمن حدود الميزانية المحددة في العام 1999 خلال قمة برلين حيث خصص مبلغ اجمالي قيمته 42.5 مليار يورو لتمويل عملية التوسيع بين عامي 2004 و2006.
&وبالنسبة الى مبلغ ال40 مليار يورو الذي تم الاتفاق بشأنه في بروكسل، يزيد هامش المناورة عن ملياري يورو حسب ما كشفت الدول المرشحة لدعم مطالبها بزيادة حجم الاموال.
&واكدت ان قمة برلين طرحت قضية توسيع الاتحاد ليشمل ست دول جديدة في حين بات عددها حاليا 10 دول.&وفي معسكر الدول الاعضاء سيكون من الاصعب اقناع ابرز الجهات المساهمة في ميزانية الاتحاد بصوابية التدابير المالية (وهي المانيا وهولندا والسويد وبريطانيا) التي تتخوف من زيادة كبيرة في النفقات بعد عملية التوسيع.
تركيا والاتحاد الاوروبي: الحجج الرئيسية في الجدل القائم&
&
يتواجه انصار ومعارضو انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي في جدل يستند كل من الطرفين فيه الى حجج جغرافية وسياسية واقتصادية وثقافية، في ما يلي اهمها.
&
&تركيا ليست دولة اوروبية.
&
&كان رئيس المعاهدة من اجل مستقبل اوروبا فاليري جيسكار ديستان اول من استند الى هذه الحجة، وقد اثارت منذ ذلك الحين جدلا كبيرا. واعتبر الرئيس الفرنسي الاسبق ان "95% من سكان (تركيا) خارج اوروبا"، كما ان "عاصمتها ليست في اوروبا".
&ويرد انصار انضمام تركيا ان وجهة النظر هذه لا وزن لها، اذ ان العاصمة الاقتصادية والثقافية لتركيا هي اسطنبول، وهي تقع في اوروبا. كما ان القسطنطينية القديمة اضحت بعد سقوط جدار برلين "العاصمة الاقتصادية والتجارية لجنوب شرق اوروبا"، بحسب ما كتب وزير الاقتصاد التركي السابق كمال درويش. ويشير البعض الاخر الى ان تركيا عضو في مجلس اوروبا منذ 1949 وفي الحلف الاطلسي منذ 1952، ولم يتم التشكيك مرة في وفائها بواجباتها في هاتين الهيئتين.
&ويطرح هذه الجدل بصورة عامة مسألة حدود اوروبا. فاين تتوقف القارة الاوروبية؟ لم يكن من الممكن يوما البت في هذه المسألة الحساسة. ويعتبر الكثيرون مثل جيسكار ديستان ان الملف التركي يشكل محطة في عملية توسيع اوروبا، ستسمح اخيرا بالرد على هذا السؤال بشكل واضح وصريح.&ويقول انصار انقرة انه من المفيد بالتاكيد التساؤل عما اذا كانت روسيا البيضاء او اوكرانيا لها مكانة في اوروبا، غير ان هذا السؤال لم يعد مطروحا بالنسبة لتركيا التي منحها الاتحاد الاوروبي رسميا عام 1999 وضع الدولة المرشحة للانضمام.
&
*تركيا بلد ذو كثافة سكانية مرتفعة ومتأخر كثيرا اقتصاديا.
&
&من المرجح ان تصبح تركيا بعد عشرين عاما الدولة الاكثر كثافة سكانية في الاتحاد الاوروبي في حال انضمامها اليه، حيث سيبلغ عدد سكانها حوالي مئة مليون نسمة مقابل 66 مليونا حاليا.&واعلن رئيس بلدية مرسيليا (جنوب فرنسا) جان كلود غودان اخيرا انه في ظل هذه الظروف، "لن نجعل من تركيا بالرغم من كل شيئ الدولة الاكثر كثافة سكانية في اوروبا، مع كل المصاعب التي نواجهها حاليا. هذا مستحيل".
ويحذر معارضو انضمام انقرة من ان المدخول للفرد في تركيا بالكاد يوازي ثلثي ما هو عليه في الجمهورية التشيكية. كما ان هذا البلد يعاني من ازمة اقتصادية حادة ومن تفشي الفساد. وهذه العوامل تثير موجة هجرة كثيفة الى اوروبا.
ويرد انصار انضمام تركيا ان المدخول للفرد التركي يرتفع تقريبا الى ثلاثة اضعاف مستواه في رومانيا، وهي دولة واثقة من الانضمام الى الاتحاد الاوروبي في العام 2007. اما في ما يتعلق بالمصاعب الاقتصادية التي تعرفها تركيا، فقد اعتبر رئيس الوزراء الفرنسي السابق ميشال روكار ان انضمامها الى الاتحاد الاوروبي سيسمح لها بمعالجتها بسهولة اكبر، ما سيؤدي الى تراجع "حركة الهجرة".
&
*&تركيا دولة اسلامية لا تشاطر اوروبا التاريخ ذاته والقيم ذاتها.
&
&يعتبر النائب الاوروبي الفرنسي جان لوي بورلانج ان تركيا "دولة تتعارض تاريخيا مع اوروبا".&ويرد كمال درويش انه بالرغم من ان التاريخ "يزخر بالنزاعات بين العثمانيين والاوروبيين، غير ان هذه النزاعات لم تكن اعنف من تلك التي دارت بين القوى الاوروبية". ويضيف انه في مطلق الاحوال، فان "الامبراطورية العثمانية كانت متجذرة في البلقان بقدر ما كانت متجذرة في الشرق الاوسط، بل ربما اكثر".
&ويشير انصار انقرة الى انه خلف التاريخ او الثقافة تكمن الحجة الدينية، مذكرين بتمسك الدولة التركية بالعلمنة ومنددين بمحاولة تحويل اوروبا الى "ناد مسيحي". وينفي رئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود جانكر هذه الحجة، مؤكدا ان "اوروبا ليست حكرا على الشعوب المسيحية. وحاول جانكر مع عدد من النواب الاوروبيين الاخرين اغلاق هذا الملف الديني، مشيرين الى ترشيح دول اسلامية مثل البوسنة والهرسك او البانيا للانضمام الى اوروبا.
&ويرى انصار انقرة ان اغلاق ابواب اوروبا امام تركيا يعود الى رفض اهم دولة اسلامية وربما الوحيدة العلمانية حقا، وهي دولة يمكن ان تلعب دور الوسيط بين الغرب والاسلام. ويعود هذا بنظرهم الى تشجيع كل من يعد في العالم لحروب دينية جديدة.
الدولتان اللتان انهتا&مفاوضات الانضمام الى الاتحاد الاوروبي:
قبرص وسلوفاكيا

منجهة أخرى اعلن وزير الخارجية الدنماركي بير ستيغ مولر اليوم الاثنين ان بلدين مرشحين للانضمام الى عضوية الاتحاد الاوروبي انهيا مفاوضات الانضمام قبل ثلاثة ايام من القمة الاوروبية في كوبنهاغن هما قبرص وسلوفاكيا.&وجاء هذا الاعلان اثر اجتماعات عقدت مع ممثلي هذين البلدين.
واضاف الوزير الدنماركي ان بلدين اخرين اظهرا تصميما على تاكيد مطالبتهما بحسم موضوع الانضمام خلال قمة كوبنهاغن وهما حسب مصدر مقرب من الملف بولندا ومالطا فيما كان مصدر دبلوماسي اشار في وقت سابق الى ان الامر يتعلق ببولندا وتشيكيا.