واشطن - فيليب كوراتا: يقول مراسل سابق لصحيفة "وول ستريت جورنال" في الشرق الأوسط إن الجماعات الإسلامية المتطرفة كـ"القاعدة" هي نتيجة تخلف اقتصادي ومؤسساتي كان حاصلا في الشرق الأوسط على مدى الثمانين سنة الماضية.
وقال ستيفن غلين في خطاب ألقاه أمام مؤسسة نيو أميركا في واشنطن العاصمة في 4 كانون الأول (ديسمبر) "إنني أستطيع أن أقول بأن القاعدة هي نتاج لهذه العملية من التخلف الاقتصادي والمؤسساتي."&وأضاف، "عندما تكون لديك حكومات لم تعد قادرة على أن تحقق نتائج إيجابية بالنسبة إلى السلع والخدمات الأساسية، فإنك توجد هوامش اقتصادية في المجتمع هي عرضة لأن تسيس ثم تصبح راديكالية."
وقال غلين، إنه قبل أن تقسم الدولتان الإستعماريتان، بريطانيا وفرنسا، الشرق الأوسط في استراتيجية "فرق تسد" بعد الحرب العالمية الأولى، كانت المنطقة الشاسعة التي هي الآن مقسمة بين دول كالعراق، سورية، الأردن، ولبنان "في الأساس منطقة واحدة اقتصاديا."
وقال غلين، إن اتفاق سايكس بيكو عام 1916، وهو تحالف سري بين بريطانيا وفرنسا بموافقة روسيا القيصرية، على تقطيع أجزاء الإمبراطورية العثمانية السابقة، يسجل ما يدعوه "تصلب الأنسجة البطيء، الثابت في العالم العربي."
وقال الصحافي المخضرم، إن الدول الاستعمارية جزأت "سوقا عظيمة من 40 مليون شخص" وتركت وراءها "أسواقا صغيرة غير قابلة للحياة." وقال إن أنظمة التعريفات التي فرضتها حكومات لاحقة في الشرق الأوسط "تخنق هذه الاقتصاديات وقدرتها على النمو."
وأضاف، "لو كنت مستثمرا أجنبيا، لفضلت أن أبني مصنعا للسيارات في بلد يحتوي على 60 أو 80 مليون نسمة."&وقال غلين، إن التحدي الذي يواحه الولايات المتحدة والغرب هو أن تساعد الشرق الأوسط على أن يصلح مؤسساته المالية كي تستطيع التجارة أن تزدهر مرة أخرى.
وأشار غلين، إلى أنه عندما كانت الحضارة العربية في أوجهاـ كانت العملة العربية متداولة في منطقة تمتد من اسكندنافيا إلى الصين، والحوالة المالية الموقعة تجاه حساب في دمشق تصرف في غوانغدونغ.
وكانت هذه تعرف بالعربية باسم صك وهو الإسم الذي اشتقت منه كلمة شيك الإنكليزية.&ويؤكد برنامج الأمم المتحدة للتنمية صحة نظرية غلين بان تصلب الأنسجة الاقتصادية يرهق منطقة الشرق الأوسط.
فقد قال برنامج الأمم المتحدة للتنمية في الشرق الأوسط في أول تقرير له عن التنمية الانسانية العربية، صدر عام 2002، إنه "خلال العشرين سنة الماضية، كانت نسبة النمو في الدخل الفردي هي الأدنى في العالم، باستثناء الدول الإفريقية الواقعة جنوبي الصحراء الكبرى."
وقال التقرير، "إنه إذا بقي الاتجاه الحالي في المستقبل على ما هو عليه الآن، حيث معدل النمو السنوي هو 0.5 فسيحتاج المواطن العربي العادي إلى 140 سنة لكي يضاعف دخله، بينما مناطق أخرى ينتظر أن تحقق ذلك المستوى خلال أقل من 10 سنوات."
وقال التقرير، "إن الانحدار في إنتاجية العمال رافقه تدهور في الأجور الحقيقية، الأمر الذي فاقم الفقر." وأضاف، "من ناحية التنمية الإنسانية، فإن وضع التنمية الإنسانية في العالم العربي مدعاة للقلق."&ووصف غلين جزءا كبيرا من العالم العربي بأنه في "حالة قبل ثورية" بعد سنين من الجمود.&وقال، "عندما ترى درجة اليأس وعدم الرجاء المنتشرة في المنطقة، لا تتعجب لكون الكثير من هذه المشاعر يتحول إلى عنف."
وأضاف غلين قائلا، إنه مع ذلك يعتبر أمرا ذا مغزى بأنه بعد هجمات 11 أيلول / سبتمبر، لم تحدث "ثورات في العالمين العربي والإسلامي لصالح نظام ثيوقراطي (ديني)من النوع الذي فشل فشلا ذريعا في إيران."
وقال، "ذلك يعني أن المركز الحيوي للمجتمع العربي والإسلامي، وهو شاسع، يعمل الآن ولم يعد ينزع بصورة فعلية إلى نظام ثيوقراطي متسلط أكثر من نزوعه إلى نظام علماني متسلط."
ورغم نجاح الاحزاب ذات القاعدة الاسلامية في الانتخابات الأخيرة في عدد من الدول، يرى غلين أن الاهتمام الأساسي للشعوب في العالم العربي هو نفسه الذي لشعوب في كل مكان --تربية أطفالها وتعليمهم.&وقال غلين، إن الناس يتجهون إلى الإخوان المسلمين في مصر للمساعدة في قضايا الرعاية الاجتماعية لأن تلك هي الجهة التي يجدون فيها المساعدة.
وقال، إن الافتقار إلى مدارس ممولة من قبل الدولة في مصر، يجعل الآباء يرسلون أطفالهم إلى مدارس إسلامية. وأضاف، "إنهم لا يريدون أطفالهم أن يشبوا أميين."&وبالنسبة إلى ما ينبغي عمله لعكس اتجاه تصلب أنسجة المجتمع العربي، قال غلين إن المهمة هائلة.
وأضاف، "لم أقابل بعد وزيرا، ولا أقول رئيس دولة، في العالم العربي يعرف حقا كيف يعمل الاقتصاد. إن الطبقة المتوسطة في الشرق الأوسط ستقرر ما إذا كان المتطرفون يحققون اندفاعا مهما ومقنعا إلى داخل المجتمع العربي."
وقد أصابت الحاجة إلى دعم التجارة وتنمية الطبقة المتوسطة في المنطقة وترا حساسا في كونغرس الولايات المتحدة. ففي شهر تموز / يوليو، عقد هنري هايد، رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب، جلسة استماع حول إطلاق برنامج تنمية اقتصادية شاملة في الشرق الأوسط على غرار مشروع مارشال الذي أعاد بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
وقال هايد، "لقد لمسنا أن الأشخاص الذين لديهم أمل بحياة أفضل من الناحية الاقتصادية لن يلجأوا إلى العنف. ولمسنا أن الأشخاص عندما تكون لهم مصلحة في مستقبلهم الاقتصادي، فإنهم لا يتمسكون بإيديولوجيات متطرفة. ونعتقد أن الطريق نحو المستقبل هو تحرير الإقتصاديات من يد التنظيمات القديمة البالية، والتعريفات والحواجز التجارية الأخرى داخل المنطقة."
ودعا هايد إلى إنشاء وكالة مؤقتة خاصة للقيام باستثمارات في القطاع الخاص في الشرق الأوسط. وقال إن الاستثمارات من قبل هذه الوكالة يجب أن تكون مشروطة بـ "التزامات ثابتة يمكن قياسها، بالانفتاح الاقتصادي، بما في ذلك تجارة حرة عبر كامل المنطقة، كي يكون النمو متواصلا."