كابول- ستيفان اورجوليه: يثير مشروع اميركي يهدف الى انشاء هيئات اقليمية للتنسيق "المدني العسكري" في افغانستان قلقا كبيرا لدى الكثير من المنظمات غير الحكومية الناشطة في هذا البلد وحيرة لدى المؤسسات الدولية.
وتسعى الولايات المتحدة الموجودة في افغانستان منذ عام على رأس الائتلاف الذي اطاح نظام طالبان وحلفاءه من تنظيم القاعدة، الى تشكيل "فرق اقليمية مشتركة" تتولى التنسيق بين النشاطات الانسانية والامنية. وقد اجرت اتصالات بهذا الشأن مع منظمات غير حكومية ومنظمات دولية، وكذلك مع الحكومة الافغانية.
وكان الجنرال تومي فرانكس المسؤول العسكري الاميركي الرئيسي عن عملية "الحرية الدائمة" اعلن ان هذا المشروع قيد الدرس في البنتاغون والبيت الابيض، وذلك خلال زيارة خاطفة قام بها الى افغانستان في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
وبادرت "وحدة التنسيق بين الوكالات من اجل اغاثة افغانستان"، التجمع الرئيسي للمنظمات غير الحكومية الافغانية والاجنبية، الى اطلاق الجدل معبرة عن مخاوفها من ان يشكل هذا التطور خطرا على البرامج الانسانية وعلى امن العاملين المدنيين في اطارها.
ويخشى هذا التجمع الا يعود المقاتلون المناهضون للائتلاف او حتى السكان المدنيون يميزون بين العسكريين والعاملين الانسانيين، خصوصا وان المعارك لم تتوقف بعد. ويعزز هذه المخاوف الشعار الاميركي "الفوز بقلوب وعقول" الشعوب الموروث من حرب فييتنام.&وقال مسؤول غربي في منظمة غير حكومية ان "امننا على الارض يكمن تحديدا في اننا لا نحمل اسلحة ولا نرتدي بزات".
واوضحت وحدة التنسيق ان مناقشة هذا المشروع لا تزال جارية، غير ان بعض المنظمات غير الحكومية مثل "تضامن" الفرنسية الناشطة في هذا البلد منذ 1980، اعلنت منذ الان انها ترفض المشاركة في اي "تنسيق".&ويؤكد المسؤولون العسكريون الاميركيون ان هدفهم من خلال هذا المشروع ليس الهيمنة.
وقال الكولونيل رودجر كينغ الناطق باسم الجيش الاميركي في افغانستان ان "الفكرة هي ان نلعب دور طرف يسهل العمليات بين المجموعات الثلاث الاخرى (المنظمات غير الحكومية والمؤسسات والحكومة) ويوجه المساعدة الانسانية الى حيث تكون ضرورية".&وينتقد البعض المنظمات الانسانية آخذين عليها في احاديث خاصة انها تفيد من الدعم اللوجستي العسكري غير انها تتردد في قبول اي تعاون صريح.
ولا يتردد الكولونيل كينغ نفسه في التشديد على هذه النقاط المثيرة للخلاف، مذكرا بان الامم المتحدة اضطرت الى سحب عامليها الاجانب من مدينة غارديز في منطقة مضطربة من جنوب شرق البلاد حيث ينتشر الجيش الاميركي، اثر تعرض مكاتبها لهجوم بالقنابل اليدوية.&وقال "سيكون امرا ممتازا ان تذهب الامم المتحدة الى هذه المناطق لكن غارديز اعتبرت منطقة لا يمكن العمل فيها".
والمؤسسات المشاركة في المساعدة الانسانية مترددة هي ايضا حيال العرض الاميركي، وهي تشير الى انه لم يتم اتخاذ اي قرار حتى الان، وتؤكد انها تتابع المحادثات الجارية "بانتباه".
وقال جون هايوارد المسؤول عن مكتب الاتحاد الاوروبي للتنسيق الانساني ان "همنا الرئيسي هو الا يتم الخلط بين المساعدة الانسانية والنشاطات السياسية او العسكرية"، معبرا عن قلقه للمستقبل "في افغانستان وفي دول اخرى" اذا ما جرى هذا الخلط.&اما الحكومة الافغانية، فلم تحدد بعد موقفها. غير ان وزارة التخطيط المكلفة تولي المساعدات الخارجية تدعم المنظمات غير الحكومية.
ويبدو انها تريد اغتنام هذا الجدل من اجل اثبات وجود السلطات الافغانية في قطاع لقي انتقادات كثيرة خلال الاشهر الماضية، اخذت عليه ارتفاع النفقات في حين ان اعادة البناء غير ظاهرة على الارض.
وقال نائب الوزير بايمان ميناوال ان "المساعدة والهبات ينبغي ان تبقى منفصلة عن الشؤون السياسية". واضاف "نريد ان ندعم نشاط (العاملين الانسانيين)، لكن ينبغي ان تشرف الحكومة عليهم ".