نضال حمد
&
بعد أن وصل ملف الأسلحة العراقية إلى الأمم المتحدة وتم تسليمه لرئيس مجلس الأمن الحالي السيد ألفونسو فالديفييسو مندوب دولة كولومبيا, قام الأخير وبدون استشارة باقي الأعضاء بتسليم النسخة الكاملة الوحيدة منه للإدارة الأمريكية. لقد تصرف مندوب كولومبيا وكأنه قائد عصابة مافيا كولومبية أمريكية مشتركة, ومعروف عن تلك العصابات أنها تنشر المخدرات والسموم في الأمريكيتين وباقي دول العالم, كما أنها تنسق أعمالها الإجرامية وتجارتها المربحة مع أجهزة مخابرات عالمية منها جهاز الموساد الصهيوني حليف السي أي آيه الذي تسلم بدوره نسخة الإعلان العراقي.
&هذه الحادثة تدل على مدى العجز الحالي الذي تمر به الأمم المتحدة بكل مؤسساتها من رئيسها حتى أصغر أعضاءها. ولو أن مجلس الأمن الدولي الذي يضم دولا كبيرة أو عظيمة كما تصنف في الأعلام والسياسة, كان مجلسا يحترم نفسه ووجوده لما سمح لمندوب كولومبيا بالتصرف على مزاجه وبناء على تعليمات عليا أمريكية. لقد خالف رئيس مجلس الأمن الحالي القوانين والشرائع وحتى القرار 1441 المتعلق بالعراق وأسلحته وحياته ومماته وخاصة الفقرة الثالثة من القرار المذكور. لقد أثارت القرصنة الأمريكية للإعلان العراقي احتجاجات عدة دول من الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن الدولي وخاصة سوريا والنرويج.
ففي تعليقه على الموضوع قال وزير خارجية النرويج السيد يان بيترسون " أن بلاده يجب أن تحصل على التقرير العراقي وكل أعضاء مجلس الأمن يجب أن يعاملوا على قدم المساواة ". لكن الولايات المتحدة الأمريكية التي سبق واستولت مباشرة على تقارير لجان التفتيش في العراق عبر السيد بتلر رئيس فريق المفتشين الدوليين سابقا والذي قام بتسليم تقاريره مباشرة لادارة كلينتون بدلا من مجلس الأمن الدولي, عادت هذه المرة نفس الكرة لكن عبر المندوب الكولومبي في مجلس الأمن. إن الإدارة الأمريكية تمارس اليوم دور الحاكم الفعلي للعالم الحالي, عالم ما بعد هزيمة القيم الديمقراطية التي كانت تتغنى بها الولايات المتحدة الأمريكية. وهي بهذا الدور تفرض على الدول والحكومات والشعوب سياسة الأمر الواقع عبر الترغيب والترهيب, فتمد يد العون المشترط لبعض الحكومات بالمساعدات السخية وتغض النظر عن خروقات تلك الدول في مجالات عديدة أهمها مجال حقوق الإنسان. وآخرها محادثة بوش التلفونية يوم أمس مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك التي يطالبه فيها بالضغط والعمل في قمة الاتحاد الأوروبي التي تبدأ أعمالها اليوم في كوبنهاغن العاصمة الدنمركية, من أجل قبول عضوية تركيا في الاتحاد. لكن فأن المقابل المتوجب على تركيا دفعه نتيجة تدخل أمريكا لصالح عضويتها في الاتحاد سيكون مواقف تركية تساعد أمريكا في حربها على العراق وتوفر لها الأرض والبحر والسماء كمنطلق عدواني مريح على شعب مجاور. وأمريكا التي بدأت تدافع عن عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي هي نفسها التي ستظهر في الأيام القادمة لتدافع عن كولومبيا أو غيرها من دول الخدمات في إحدى الملفات أو المجالات. أنها السياسة الأمريكية التي قالها علنا الرئيس بوش عبر تصريحاته هو وشريكه البريطاني توني بلير,حيث أكدا نيتهما شن الحرب على العراق بدون الرجوع لأي قرار دولي. وهذا الصلف وهذه العنجهية والتسلط في التعامل مع العراق حاليا سوف يشمل الجميع في المستقبل. لأن العراق بداية سيطرة أمريكا ومماليكها على العالم الجديد, عالم ما بعد 11 أيلول الماضي. لذا على الشعوب أن تحذر وتعلن رفضها لعقلية الهيمنة الأمريكية حيث لم يعد هناك مبرر لوجود مؤسسات دولية مستقلة مادامت أمريكا تسلب تلك المنظمات والمؤسسات& استقلاليتها وتفرض عليها املاءاتها وشروطها. ثم هل من مبرر لوجود منظمة دولية تعجز عن إدانة ومواجهة القتل والحصار والإرهاب الصهيوني وذبح وخنق شعب بأكمله في فلسطين المحتلة والمقسمة بقرار دولي, بينما هي نفسها تشرع الابتزاز والحرب والعدوان والتسلط من دولة عظمى على دولة أخرى أصغر اسمها العراق.. فعلا أنه زمن مماليك في مملكة البحرين و مشيخة قطر حيث القواعد الأمريكية تشرع وجودها وتؤكد احتلالها لتلك الدويلات الهشة.