الدكتور سعد الرفيعي
&
كلمتي أمام& مؤتمر المعارضين العراقيين
&
إن القرار الوحيد المفيد والمشرف الذي ينبغي ان يخرج به المؤتمر الذي ينعقد في لندن هذا اليوم ويضم بعض المعارضين العراقيين هو إعلان صريح وشجاع عن إستعداد المجتمعين لبدء عملية التفاوض الجدي مع قيادة النظام ضمن سقف زمني محدد في خلال الأشهر القادمة للوصول الى إتفاق من أجل المشاركة السياسية وتشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية تدافع عن البلاد ضد أي عدوان وتطبيق كافة القرارات الدولية وتخضع لها كافة أجهزة الدولة والجيش وولادة العراق التعددي الدستوري والنظام السياسي الذي يكفل الحريات التامة وتشارك في بناءه كافة القوى السياسي، ضمن إستمرارية مشروع الدولة والكيان العراقي من دون فرطه. وسيكون من باب تحصيل الحاصل أن يخلو العراق الجديد التشاركي من أسلحة الدمار الشامل وذلك لأن الحكم سيكون ليس لحزب البعث إنما للحكومة التشاركية وتحت مسائلة البرلمان الوطني الحر والذي سوف لايسمح ببناء مثل هذه الأسلحة أو إستعمالها في المستقبل.
إن المعارضة الوطنية يجب أن تتبارى مع قيادة النظام في الدفاع عن الوطن ومصالحه والدين وشريعته والإنسان ووجوده أمام خطر الحرب الأمريكية& وكل خساراتها ونكبتها العظيمة.
إن المعارضين الذين يطالبون النظام أن يثبت شجاعته والقيام بالتغيير اوالذين يطالبون بإستقالته يجب أن يثبتوا امام& انفسهم وأما شعبهم وامام العالم أنهم يملكون هذه الشجاعة على تغيير منطقهم وتبني الحلول العملية، وهم في معظمهم يعيشون في المنافي في مجتمعات أجنبية تعطف عليهم وتأويهم، ولايملكون السلطة وملذاتها والتي قد يصعب على نفوس الحاكمين التنازل عنها!
إن معارضة ضعيفة لاتستطيع أن تفعل شيء بقدراتها الذاتية بما فيها القدرات الأدبية والمعنوية وتبكي في منطقها السياسي وتستجدي العون من الولايات المتحدة الأمريكية التي تعادي العرب والمسلمين وتدعم الكيان الصهيوني ليست معارضة حقيقية قادرة على قيادة مجتمع، إلا أن تتخلص من هذا الخطاب والمنهج الضعيف.
&&
إن الأمل والخطاب السياسي& لهذه المعارضة والذي& يستند من الناحية العملية على دعوة أمريكا للقيام بالحرب على العراق وتدميره وليكن مايكون،& والإستعداد على التعاون معها في كل الخطط والسياسات المتعلقة بمستقبل العراق والمنطقة، هو منطق مرفوض ومغاير لأبسط المفاهيم والقيم البشرية والنضالية. فبالإضافة الى حرمة وهبوط& هذا المنطق السياسي الذي يتشرف المرء بأن لايكون محسوبا فيه وعليه، فان إمكانية حدوثه لازالت موضع شك.& ودليلنا على ذلك هو تهرب أطراف هذا الإجتماع ونكرانهم لهذا المنطق ، ماخلا قلة منهم،&& لما يمثله من خزي وعار. ولكنهم يعلمون أن هذا النكران لا يصدقه أحد من العراقيين أو غير العراقيين والواضح أنهم يجتمعون تحت الأوامر الأمريكية ضمن خطة الحرب وليكونوا عملاء وطبول لها شأنهم شأن جيش لبنان الجنوبي وعملاء إسرائيل الذين كانوا واجهة لإحتلال لبنان. فمن قال أن جنرالات الخيانة سعد ولحود وغيرهم من عملاء إسرائيل لم يملكوا في ذلك الوقت مطالب سياسية مرتبطة بحقوقهم ورؤاهم للحياة اللبنانية، من دون أن يعني ذلك أن المعارضة العراقية غير محقة في مطالبها السياسية المشروعة التي يجب أن يحققها النظام على الفور، كما هي مواقفنا المتكررة ونضالنا السياسي الطويل أسوة بكل المعارضين الشرفاء والمناضلين من شعب العراق.
إضافة الى ذلك فان أي بيان سياسي أو إتفاق لاقيمة له في هذه اللحظة مادام المقصود منه أن يكون لفترة ما بعد الحرب وإحتلال العراق لا قدر الله. والمنطق يقول أنه لو تم إحتلال العراق،& فسينشأ واقع جديد عسكري وإجتماعي وستسيطر القوة العسكرية المحتلة على الوضع وعند ذلك يمكن أن يعاد النظر بكل هذه الإتفاقات وطبيعة الحكم وكيف ستسير الأمور.& ومادام هؤلاء المعارضون يعيشون في خارج العراق وأن منتسبي& الدولة الكبيرة والقوى العسكرية والمدنية في داخل العراق والموجودة على الأرض سيكون لها الدور الأكبر في التفاعل بشكل وبآخر مع المحتل العسكري لاقدر الله.
وإزاء كل هذا،& فالقرار الوحيد الصحيح& وذو القيمة السياسية والعملية والذي يمكن أن يساهم في حل هذه المعضلة قبل وقوع الحرب ويبرهن صدقية المعارضة السياسية ويحفظ العراق ويحفظ الأرواح والإمكانيات ويضبط عملية التحول الدستوري ولايفتح العراق ليكون مرتعا للجواسيس والأجهزة الدولية من دون إرادة وطنية وإدارة وطنية تحفظ الكيان العراقي، إن القرار الوحيد هو الإستعداد للمشاركة السياسية والمصالحة الوطنية الكبرى وإستثمار كل الظروف الدولية المؤاتية لمصلحة هذا التغيير المنشود الذي يصب في مصلحة الشعب العراقي. ومن الطبيعي أن يكون هذا التغيير السلمي تحت رعاية دولية بالشكل والحجم المناسب.
يجب أن يدرك العراقيون المعارضون أن المرارة والعداء الموجودة بين المعارضة والنظام لاتقل عن العداء بين الشعوب المتحاربة، وبالأمس القريب بين إيران والعراق بعد أن مئات آلاف الضحايا بين الجانبين ولكن عندما غلب طرفي النزاع وخاصة الإمام الخميني حكم العقل والشرع وأدرك المخاطر الهائلة المحدقة بايران وبالمنطقة، نزع الى السلم والصلح والتحكيم. وكذلك ماحدث في المسألة الفلسطينية.
إننا باسمنا ويساندنا طبقة متزايدة من الشرفاء والمناضلين العراقيين، من الفقهاء والمثقفين والسياسيين،& نضع هذا المؤتمر أمام إمتحان عسير للكرامة والشجاعة.
وإنني إذ أوجه هذا النداء الحار أرجو من الشخصيات المسؤولة في هذا المؤتمر وخاصة السيدين مسعود البرزاني وجلال الطالباني،& بما أنهما يؤمنان بمنهج الحوار والتفاوض ويمتلكان المهنية السياسية والتاريخ والخبرة النضالية، الى دفع المؤتمر بهذا الإتجاه وأخذ تخويل منه بالتفاوض مع النظام وتخليص العمل السياسي العراقي من هذا التدهور السياسي الخطير، وتغليب الحكمة والسلم والعقلانية.
كما إن إتخاذ هذا القرار سيجعل الكرة في ملعب النظام الذي يجب عليه أن يستجيب لها ويثبت أمام الله والتأريخ موقفه المشرف.& وهو من الناحية السياسية سيكون في مصلحة المعارضة العراقية التي تكون تبرأت من وزر هذه الخطيئة السياسية فيما لو وقعت الحرب لأسباب صهيونية وخطط يرسمها بعض المتربصين& في الإدارة الأمريكية.
كما ينبغي على المؤتمر إتخاذ قرار سياسي أقل مافيه أن يتأسى بكل دول العالم والشعوب الحرة والشعوب العربية والإسلامية و الدول التي لها خصومات تاريخية مع النظام العراقي، كالكويت وإيران،& وذلك برفض الحرب الأمريكية على العراق وتجميد علاقة فصائل المعارضة العراقية التي تتلقى الدعم من الولايات المتحدة الأمريكية حتى تنجلي هذه الأزمة ويذهب خطر الحرب نهائيا.
سياسي إسلامي عراقي