&
باريس - هدى ابراهيم: يجمع كتاب "ابريل في جنين" الصادر في باريس عن دار "لاديكوفرت" شهادات حول ما دار في شهر نيسان/ابريل الماضي في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين الذي حاصرته القوات الاسرائيلية واقتحمته ودمرت اجزاء كبيرة منه.& ويعتمد الكتاب اساسا على شهادات ناشطين غربيين قاموا بعدة زيارات الى الاراضي الفلسطينية تعبيرا عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، وكانوا من اوائل الذين دخلوا المخيم المنكوب بعد المواجهات الدامية التي شهدها.
الا ان الكتاب الذي عملت على جمع وتنسيق نصوصه كل من الباحثة اللبنانية نهلا الشهال والصحافية والمترجمة السورية هالة قضماني، لا يقتصر على هذه الشهادات فحسب، بل يتخطاها ليقدم صورة شبه متكاملة عما حدث في المخيم.
واضافة الى شهادات فرنسيين كانوا في عداد زوار المخيم هناك شهادات بريطانيين واميركيين وكنديين وحتى اسرائيليين ممن دخلوا المخيم في الوقت نفسه، وكذلك شهادات حوالى ثلاثين فلسطينيا من مختلف الاعمار من سكان المخيم.
&وينقل الكتاب شهادات مروعة لهؤلاء الفلسطينيين الذين عاشوا لحظة بلحظة احتلال المخيم وسقوط اقرباء لهم في المنزل نفسه احيانا وجرف المنازل احيانا على رؤوس اصحابها.
وتشمل الشهادات الرسائل الالكترونية والاتصالات التي خرجت من المخيم في الايام الاولى لاحتلاله اضافة الى شهادات ممرضي مستوصف المخيم والاطباء في المستشفيات المجاورة وخاصة شهادة الطبيب محمود ابو غالي مدير مستشفى جنين.
وهناك اخيرا شهادات اعضاء الهيئات الانسانية والطبية الدولية الذين دخلوا المخيم في ما بعد.
ومن ابرز الشهادات شهادات لمقاتلين فلسطينيين شاركوا في الدفاع عن المخيم، واخرى لاحد الجنود الاسرائيليين منقولة عن صحيفة "يديعوت احرونوت" الاسرائيلية وتعتبر من اهم الشهادات التي تضمنها الكتاب.
ويدعى هذا الجندي في الاحتياط موشيه نيسيم وهو يعمل حاليا في بلدية القدس.
وقال في تصريحه للصحيفة انه "اراد تحويل المخيم الى ملعب لكرة القدم" ويشير بفخر الى انه "عمل مدة اثنين وسبعين ساعة دون توقف على تدمير المنازل وزجاجة الويسكي في يده".
ويضيف هذا الجندي في شهادته "لم يكن يرف لي جفن وانا ادمر منازلهم، لان ذلك سيحمي حياة جنودنا"، مضيفا "توسلت الضباط لكي يسمحوا لي بتدمير كل شيء.. حين تتلقى امرا بتدمير منزل هناك دائما بضعة منازل اخرى مجاورة تزعجك".
وينهي شهادته متحسرا "انا آسف لانني لم ادمر كل شيء".
وتعيد مقدمة الكتاب التي وضعها الفرنسي اليهودي دانيال بن سعيد تحت عنوان "سجل جريمة دولة" التذكير بكيفية حل لجنة الامم المتحدة المكلفة التحقيق باحداث جنين لان "كل يوم يمر يمحو الدلائل"، كما قال الامين العام للامم المتحدة كوفي انان في حينه تدليلا على عجزه امام الرفض الاسرائيلي لاستقبال لجنة التحقيق الدولية لكشف ملابسات تدمير مخيم جنين.
ويضيف بن سعيد ان جنين "اسم جديد يضاف الى سلسلة الاسماء الاخرى مثل دير ياسين وصبرا وشاتيلا".
ويتابع ان "البعثات المدنية الدولية وبغياب هؤلاء المحققين دخلت المخيم لتقدم الشهادة الضرورية على ما حصل".
وبين الشهادات الطبية شهادة للطبيبة النفسية سيلفي منصور التي انتدبتها القنصلية الفرنسية في القدس لدراسة الحاجات النفسية للمخيم بين 19 و26 نيسان/ابريل. تقول الطبيبة "لدينا احساس فعلي باننا امام هزة ارضية، لكن ما حصل لم يكن بفعل قوانين الجيولوجيا وانما بفعل ارادة بشرية ارادت فرض اكبر قدر ممكن من الدمار والموت كما ارادت القضاء على اية رغبة لدى سكان المخيم بالصمود في وجه المحتلين".
ويحرص الكتاب في كل مرة يعرض فيها شهادة شخص من سكان المخيم على ان يوضح مسيرته ونزوحاته المتكررة مشيرا الى "ارادة صلبة للسكان بعدم مغادرة بيوتهم مرة اخرى".