د.رياض الأمير: تنشر بين الحين والآخر بعض المقالات والتعليقات عن ارتفاع أسعار النفط إلى أرقام خيالية في حالة بداية عمليات عسكرية لتغير النظام العراقي على أساس توقف الإمدادات النفطية العراقية. ومن الملاحظ للمتتبع للشأن الاقتصادي في مجال الصناعة النفطية يرى أن السوق النفطية العالمية الحالية تشهد زيادة مستقرة في كمية النفط المطروحة في الأسواق العالمية. وتقدر هذه الكمية بثلاثة ملايين برميل يوميا. ومصدر الفائض هو تجاوزات صادرات دول منظمة أوبك عن سقف الإنتاج المتفق عليه في المنظمة،منذ بداية هذا العام ولغاية المؤتمر الأخير الذي انتهى في الثاني عشر من كانون أول/ديسمبر الحالي وهو 21،7مليون برميل يوميا. وكذلك تصل السوق النفطية كميات إضافية تأتي من الدول غير الأعضاء في المنظمة مثل روسيا والنرويج والمكسيك وغيرها من الدول المنتجة التي التزمت بعضها بسياسة أوبك حول خفض الإنتاج. وبعد انفلات الوضع لدي دول أوبك أخذت الدول من خارجها زيادة صادراتها وخاصة روسيا الاتحادية التي "ترقص طربا" للسعر الذي يتراوح الآن حول 26دولارا وهو اكثر من معدل السعر المستهدف من قبل منظمه أوبك (22ـ28دولارا أمريكيا)، في الوقت الذي كلفة إنتاج برميل النفط الروسي منخفضة بالمقارنة من كلف الإنتاج في دول أخرى مثل النرويج وبحر الشمال. ويكفي روسيا سعر ستة عشر دولار ليكون في مصلحتها. وكذلك تلعب الاستثمارات الأجنبية وهي أمريكية في الأساس في صادرات غير مقيدة من روسيا. وتراوح سعر النفط في الوقت الحاضر حول 26 دولارا هو معدل جيد بالنسبة للدول المنتجة يعود الفضل للمضاربين في سوق النفط والملوحين بالخوف من العمليات العسكرية ضد العراق. ففي الحقيقة والواقع أن إمدادات النفط العراقية بشكلها الرسمي لا تتعدى 2،400مليون برميل يوميا في أحسن الأحوال وهي كمية اقل من الفائض في السوق والمصدرة من دول منظمة أوبك وحدها. وقد حددت ثلاثة مؤسسات حاجة السوق النفطية العالمية في العام القادم، الفترة المحتملة لقيام الولايات المتحدة بعمل عسكري ضد نظام بغداد، وهي منظمة الطاقة الدولية التي تتخذ من باريس مقرا لها وكذلك إدارة الطاقة الأمريكية ومنظمة أوبك بأنها ستكون في حدود 76 مليون برميل يوميا تغطي منها حوالي 46مليون الدول غير الأعضاء في منظمة أوبك ودول أوبك 23مليون برميل يوميا حسب قرار المنظمة الأخير في فيينا، عدا العراق. فهذا يعني أن هناك وفرة في إمدادات النفط دون حساب إمدادات النفط العراقية. لقد عملت اكثر من جهة من اجل الوصول إلى تهيئة السوق العالمية لإمكانية بداية عمليات عسكرية لإسقاط النظام العراقي دون أن يضر ذلك بالدول المستهلكة، وهي الدول الصناعية (أمريكا ودول أوربا الغربية واليابان). وان الخوف من ارتفاع أسعار النفط ليس صحيحا ومن المحتمل أن لا يحدث. وقد صرح الدكتور عدنان شهاب الدين مدير دائرة البحوث ونائب السكرتير العام لمنظمة البلدان المصدرة للنفط أوبك في حديث تلفزيوني بان السوق سوف لن تتأثر بالوضع الذي يمكن أن يحدث في الحالة العراقية أو غيرها لوجود تلك الثلاثة ملايين برميل، لان دول المنظمة سوف تلبي الطلب وحسب دستورها. وبقي أن المضاربين سوف يستفيدون بعض الوقت من الوضع، ولكن ليس في زيادة اكثر من المعقول، خاصة وان إمدادات النفط العراقية سوف تتدفق بعد تغير النظام في بغداد ووجود الولايات المتحدة على الساحة العراقية. ومن المفترض أن يعاود العراق صادراته النفطية بطاقة ستصل إلى ستة ملايين برميل يوميا، وحسب رغبة المعارضة العراقية التي سوف تساهم في إدارة العراق القادم بشكل من الأشكال في بقاء العراق خارج سياسة أوبك في مجال الإنتاج لمدة خمسة سنوات بمعدلات عالية، سيساهم حتما على هبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى معدلات قياسية. ومن نتيجة ذلك تبدأ حرب الأسعار بين دول أوبك من جهة ومن جهة ثانية الدول المنتجة من خارجها. وفي تلك الحالة ستوضع علامات استفهام كبيرة حول أهمية منظمة أوبك وكذلك مستقبل التنمية لدي الدول العربية التي تعتمد على النفط كمصدر أساسي لدخلها.
[email protected]