يحي أبوزكريا
&
تعتبر قناة الجزيرة الفضائية التي تبث من الدوحة في قطر واحدة من أبرز القنوات العربية الإعلامية والتي يوليها صنّاع القرار ودوائر القرار في الغرب إهتماما خاصا. ومردّ هذا الإهتمام يعود لمجموعة أمور منها:
أنّ قناة الجزيرة باتت مرجعا في فهم العديد من التطورات العربية, وأنّها القناة الوحيدة التي يمكن من خلالها قراءة طروحات الشارع العربي والإسلامي بمختلف شرائحه على عكس القنوات الفضائيّة -الغنائية - التي تعّد فرعا من فروع الرئاسات العربية ودوائر الإستخبارات العربية التي تعتبر الإعلام وسيلة إستراتيجية تماما كالسلاح في الدفاع عن السلطات ورموزها , والتي تكرّس الخطاب الرسمي وتسجل يوميات السيّد الرئيس, والغربيون المعروفون بحبهم لمعرفة كل شيئ يهمهّم معرفة التفاصيل عن الواقع العربي والإسلامي, ولا يوجد قناة عربية سوى الجزيرة تنقل حيثيات الواقع العربي بصدق وأمانة. ذلك أنّ الكثير من صنّاع القرار في الغرب لا يثقون كثيرا بالتقارير الرسمية التي يستلمها سفراؤهم من الرسميين في العواصم العربية.
ومن جهة ثانية فانّ قناة الجزيرة في قطر لا تعّد قناة إخباريّة فحسب بل تعّد صاحبة منهج ورؤية وخط سياسي عربي وإسلامي وإقبال المهاجرين العرب والمسلمين على مشاهدتها في الغرب يشكل بطريقة أو أخرى تلقينا لهم لمبادئ لا يرضاها كثيرا الغربيون, وهذا ما جعل مسؤول غربي يقول أنّ الجزيرة نسفت كل مخططات الإندماج التي وضعناها لإقحام المهاجرين في المعادلة الاجتماعية الغربية.
ومعظم المهاجرين في العواصم الغربية يقبلون بكثافة على مشاهدة الجزيرة, ولأنّ الوقت لايسمح لهم بقراءة الصحافة العربية, ولعدم وصول هذه الصحافة إلى العواصم الغربية, فانّ قناة الجزيرة في قطر باتت المرجع الأول والأخير في قراءة الأحداث العربية والإسلامية,&وبهذا الشكل باتت الجزيرة أهم صانعة للرأي وسط المهاجرين العرب والمسلمين في الغرب.
&وأهمية قناة الجزيرة وضرورتها مسألة لا يختلف عليها إثنان فانّ الإنتليجانسيا العربية بمختلف مشاربها من إسلامية وقومية ويسارية وغيرها تقر بأهمية الجزيرة, وفي ظلّ تحيز وسائل الإعلام الغربية بشكل كامل لصالح الدولة العبرية, فإنّ قناة الجزيرة باتت ترفد معنويات العرب والمسلمين بكثير من القوة والعنفوان. وهي بهذا الشكل وكما يعتقد بعض صنّاع القرار في الغرب أصبحت تصيغ الرؤية والخط السياسي لملايين العرب والمسلمين في الغرب, والإشكال بالنسبة لهؤلاء أنّ هذه الرؤية لا تنسجم مع طرحهم الحضاري وخطابهم السياسي بشكل عام.
ومثلما فعل بعض صناع القرار في العالم العربي عندما أصدروا أوامر إلى أجهزتهم الأمنية للتحرّي حول كل ما يتعلق بقناة الجزيرة مالكها الحقيقي والهيئة التي تشرف عليها و هدفها الراهن والمستقبلي, فإنّ صناع القرار في الغرب تحركوا في الخط نفسه وراحوا يسألون بعض الخبراء العرب عما يعرفونه عن قناة الجزيرة الفضائية.
وفي كثير من غرف وزارات الخارجية في الغرب تعتبر الجزيرة من الأعضاء الدائمين حتى باتت التقارير التي تصاغ حول الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي لا بدّ أن تكون الجزيرة قد شاركت في صياغته.
ويمكن الجزم وكما تقرّ بذلك تقارير غربية فانّه منذ تأسيس قناة الجزيرة في قطر فانّ الوعي السياسي القومي والإسلامي ما فتئ ينمو بإضطراد وسط العرب والمسلمين في الغرب, وهو ما بات يشكل تحديّا للعواصم الغربية التي يتمنى صناع القرار فيها أن ينتهي عهد الجزيرة وهي نفس الأمنية التي تقبع في نفس عشرين حاكما عربيّا, وفي نفس بعض المثقفين أو المثيقفين العرب الذين يعترضون على أي نظام عربي يأتي من بوثقة الدبابة العربية والعسكريتاريا العربية ويقبلون بالنظام المستعرب المتأمرك الذي يأتينا على متن طائرة الشبح الأمريكية!