نضال حمد
&
هل جاء دوره من جديد, فبعد أن فشلت إسرائيل اليهودية بتصوير المناضل الوطني الفلسطيني,المفكر عزمي بشارة على أنه يعادي إسرائيل من خلال مناصرته للإرهابيين, وبأنه يتباهى بإعلان تأييده " للإرهاب العربي",هنا تعني إسرائيل بالإرهاب العربي, الكفاح المسلح للمقاومتين اللبنانية والفلسطينية. ثم هل من المعقول أن يحاسب المرء على أقواله بدلا من محاسبته على أفعاله, نحن أمام حالة عداء عنصرية استعمارية صهيونية تستهدف معاقبة بشارة من أجل لجم ومحاسبة باقي جماهير الشعب الفلسطيني في أراضي أل 48. ففي المرة الأولى تم سحب الحصانة البرلمانية من النائب بشارة ومن ثم بدأت محاكمته التي تحولت إلى محاكمة للاحتلال الصهيوني, حيث الأبارتهايد اليهودي وحكم الدين وأعداء الدنيا من المتعصبين والعنصريين.
على الصعيد نفسه ذكرت اليوم يومية يديعوت أحرونوت أن المستشار القضائي لحكومة الإرهابي أرييل شارون السيد الياكيم روبنشطاين يدرس إمكانية التوجه إلى لجنة الانتخابات المركزية بطلب إلغاء ترشيح النائب عزمي بشارة للكنيست أل 16 التي ستجري في 28-01-2003. لكن الأمور مازالت غامضة ويوم غد سوف يتحدد ويتضح إذا كان المستشار روبنشطاين سيقوم بهذه الخطوة أم لا. وكان الأخير حاول جاهدا البحث عن ثغرة في القانون كي يدخل منها لمنع النائب بشارة ومرشحي التيار القومي العربي من ترشيح أنفسهم للانتخابات بحجة أنهم لا يعترفون بيهودية الدولة ويطالبون بالمواطنة الكاملة والمساواة الحقيقية وبأن تكون هذه الدولة لكل مواطنيها. وهم يرتكزون في طرحهم هذا على أساس أنهم أبناء الأرض الحقيقيين وسكانها الأصليين بينما الآخرين مستوطنون جدد استولوا على الأرض والبلد وأسسوا& نظامهم الجديد الذي ينص علنا على يهودية الدولة وأنها ليست لكل سكانها ولا مكان فيها لمن لا يعترف بيهوديتها. كان الدكتور عزمي بشارة قد فضح زيف الديمقراطية الصهيونية يوم أعلن ترشيح نفسه لرئاسة الوزراء مع علمه المسبق بعدم نجاحه, لكنه فعل ذلك ليثبت للعالم أجمع , أن إسرائيل دولة يهودية ولليهود فقط, وأن هذا النظام الصهيوني هو عبارة عن نظام فصل عنصري متطور في عنصريته ومتقدم في استعماره للأرض و الإنسان.
&بالمناسبة نرى أنه من المهم لكل مهتم بهذا الشأن العودة لأفكار الدكتور بشارة التي نشرها في أربعة إصدارات هامة هي " مساهمة في نقد المجتمع المدني - صدر 1996- و الخطاب السياسي المبتور ودراسات أخرى- 2002 و& لئلا يفقد المعنى - مقالات من سنة الانتفاضة الأولى - صدر 2002 وأخيرا& كتاب ما بعد الاجتياح في قضايا الاستراتيجية الوطنية الفلسطينية صدر 2002. في هذه الكتب الهامة يستطيع المرء أن يقرأ واقع العرب الفلسطينيين على حقيقته وأن يعرف ما كان مجهولا وأن يطرق أبواب مازالت مغلقة في العلاقة بين المستعمر الصهيوني وسكان الأرض الحقيقيين.
لقد حاول عزمي بشارة جاهدا في كتاباته فضح العلاقة العضوية بين النظرية الصهيونية وسياسة الدولة الإسرائيلية التي اتبعت ولازالت تتبع ضد الفلسطينيين داخل وخارج الخط الأخضر. لقد عرف الصهاينة أن فضح أساليبهم العنصرية والكولونيالية سوف يجلب لهم مشاكل جديدة ستكلفهم سمعتهم في الخارج. لكنهم وبما أنهم يعملون بالمثل القائل " ألي استحوا ماتوا" فأنهم يرفضون مجرد النقاش في قضية أن إسرائيل دولة لكل سكانها,بل يؤكدون مرارا وتكرار أنها دولة لكل يهودها وليس لكل مواطنيها. وفي العودة إلى كتاب الدكتور بشارة الخطاب السياسي المبتور ودراسات أخرى نجد في الصفحة 37& ما يلي " هناك قوانين في إسرائيل تمنع أية قائمة ترفع لواء مطلب المساواة المدنية,بشكلها المحدد والواضح من الترشيح للكنيست" وفي الصفحة 56 من نفس الكتاب نقرأ ما يلي "- فإسرائيل ليست دولة جميع مواطنيها و إنما دولة اليهود- كما أن العرب الذين يعيشون فيها لا يشكلون مع اليهود أمة إسرائيلية ديمقراطية واحدة," فشعب إسرائيل" (باللغة العبرية " عام يسرائيل") يعني الأمة اليهودية فقط". أن عزمي بشارة في دقه الأبواب المغلقة وولوجه الكهوف المظلمة في علاقة سكان الأرض الأصليين بالوافدين الغرباء الذين أصبحوا أكثرية تحكم البلاد والعباد, إنما هو دخل حقول ألغام منوعة وعديدة, ليس أصغرها أو أقلها ما تقوم به السلطات الصهيونية من محاولات و ملاحقات أثمرت عن نزع الحصانة النيابية عنه وفتح دعوى قضائية ضده واستدعائه للمحكمة وبدء محاكمته. وبحكم صداقتنا وعلاقتي الجيدة مع الدكتور عزمي ومتابعتي لقضيته فأنا أجزم أنها تحولت لقضية دولية ستفضح إسرائيل.
إن محاكمة عزمي بشارة والتي هي بالأساس محاكمة للتيار القومي العربي في أراضى ال48 تحولت فعلا لمحاكمة للاحتلال وللعنصرية الصهيونية, فلقد شارك في جلسات المحكمة وفود دولية وبرلمانية أعربت عن شكها وقلقها من الديمقراطية الإسرائيلية التي توجد على المحك وفي الميزان, وقد سمعت هذا الكلام من أعضاء من البرلمان الأوروبي شاهدوا جلسة المحكمة.
غدا سوف يتضح هل سيقوم روبنشطاين بخطوة غير عقلانية بحق التجمع كتيار وطني قومي عربي يقف على خط المواجهة الأول مع العنصرية الصهيونية,أو فقط ستكون خطوة ضد الدكتور بشارة وهو قائد التجمع المذكور. مهما كانت الخطوة التالية للقضاء الصهيوني ومهما حاولوا استغلال تصريحات بشارة المؤيدة للكفاح المسلح ضد الاحتلال والتي ما زال يحاكم بشأنها, فأن قضيته قضية وطنية شاملة وعامة تخص وتمس كل مواطن عربي فلسطيني في الداخل. ومعروف أن تصريحات عزمي بشارة حول الكفاح المسلح اتخذت قبل أن يرى النور القانون الإسرائيلي الذي يحرم مثل تلك التصريحات ويجعلها حجة لمنع قائمة ما أو مرشح ما من الترشيح للكنيست. وعلى الرغم من ذلك فأن التوقعات تشير إلى أن المستشار القضائي لشارون السيد روبنشطاين سيعتمد في منعه بشارة من الترشيح على تلك الأقوال ونفس التصريحات ونفس القانون. وبحسب الخبراء والمطلعين فأن إلغاء ترشيح شخص ما يعتبر أكثر صعوبة وتعقيدا من إلغاء ترشيح قائمة ما. لأنه يحتاج لموافقة ثلث أعضاء لجنة الانتخابات المركزية حتى يتم تقديم الطلب بشكل قانوني. كما يحتاج بعد عرضه على اللجنة للتصويت موافقة ثلثي الأعضاء. وفي حال وافقت اللجنة على الطلب فأن موافقتها يجب أن تنال مصادقة المحكمة العليا.
بقي هنا أن نؤكد أن المفكر الحر والمناضل العربي القومي عزمي بشارة ليس وحده في هذه المعركة الصعبة والمعقدة, لأن خلفه جماهير الشعب العربي الفلسطيني في أراضي فلسطين التاريخية وهو ليس فرد بلا حماية بل معه التجمع الديمقراطي العربي الذي يحميه ويشاركه المصير والمعركة ومعه ومع التجمع شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية وكافة أحرار وشرفاء العالم من محبي العدل والمساواة والديمقراطية والسلام.&