اسحاق الشيخ يعقوب
&
الرأي الحر.. لا يصبح رأيا حرا الا في حالة التعبير عنه.. وكذلك التفكير الحر.. لا يصبح تفكيرا حرا.. الا في حالة ان يصبح تفكيرا نقديا.. حرية الرأي.. اي حرية التعبير.. وحرية التفكير.. اي حرية النقد.. وقد اطلق علي حرية الفكير: ام الحريات من حيث اهميتها في الحياة النقدية.. وفي المادة الثامنة عشر يؤكد الاعلان العالمي لحقوق الانسان علي انه لكل انسان الحق في حرية التفكير والضمير والمعتقد وقد ربط حرية التفكير لحق المواطن (ذكرا كان ام انثي) في التفكير والتأمل والخوض بحرية نقدية كاملة في كافة القضايا التي تشغل بال المواطن والمواطنة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتاريخيا وفلسفيا وادبيا وفنيا وابداعيا ودينيا وعقيديا ومذهبيا.. وفي جميع ما يواجهه الانسان في الحياة من معضلات واشكاليات.. وتشكل حرية التفكير خطورة نقدية بالغة الاهميته.. من حيث واقعها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والابداعي والتاريخي والفلسفي.. ومنذ الازل كانت حرية التفكير هي الاكثر عرضة للقمع والتحريم والتفكير والقتل.. وينقل لنا التاريخ.. ولايزال حالات من القمع والقتل والتنكيل للكثير من الحالات البشعة والظالمة التي جابهها رواد حرية الفكر في الاسلام وما قبل الاسلام.. ويشهد عصرنا الحديث في السودان قتل الشيخ محمود طه علي يد الطاغية النميري وبمباركة وتأييد حسن الترابي.. وذلك لانه اجتهد في فكرة بحرية نقدية واعتبر ان الاجتهاد في الشئون الدينية.. ضرورة فكرية ونقدية .. تقتضيها ضرورة تحولات العصر في الكثير من الشئون الفقهية والدينية للمجتمع السوداني.. كما لاقي المفكر الاسلامي حامد ابو زيد فتوي دينية باباحة دمه وفصله قسرا عن زوجته بسبب ارائه التنويرية والاجتهادية في الشئون الدينية.. وكذلك فقد هدر دم المفكر والكاتب المصري فرج فوده بسبب مواقفه الانتقادية ضد فقه الظلام وقوي التطرف والارهاب وفي لبنان تم اغتيال المفكر اللبناني حسين مروه والكاتب والمفكر مهدي عامل.. بسبب اطروحاتهما الفكرية والفلسفية والنقدية.. واعمال افكارهم الحرة في القضايا الدينية والفقهية والفلسفية!! ان من لم يكن حرا في تفكيره.. لا يمكن ان يتمتع بحرية التعبير.. ومن ليس حرا في تفكيره .. لا يمكن ان ينعم بنعمة العبادة الحرة.. لان العبادة هي في حرية عبادتها تجاه الخالق المعبود.. وتقول دراسة لحزب العمل التونسي ومن ليس حرا في تفكيره لا يمكن ان ينعم بحرية التنظيم.. لان الجمعيات تبني علي الافكار التي تنبثق عنها الاختيارات السياسية والاقتصادية والثقافية.. ومن لا يتمتع بحرية التفكير لا يمكن ان يقدم نفسه الي الانتخابات او يختار من ينوب عنه او من يحكمه بحرية.. لان حرية الاختيار هذه مرتبطة رأسا بحرية التفكير.. وفي كلمة لا حرية سياسية دون حرية فكرية.. ولا نهضة اقتصادية واجتماعية وثقافية وعلمية وابداعية اذا لم تتوفر الحرية الفكرية وتؤكد الدراسة قائلة: ومن المؤكد ان اساس حرية التفكير هو الروح النقدية.. وهذه الروح هي التي تمكن من احلال فكر الحرية مكان فكر الاستبداد.. ومن احلال مبدأ النقاش الحر.. محل الاوامر والاقناع المؤسس علي الضغط والاكراه.. وهو ليس اقناع بل خضوعا.. وهذا يعني انه لا حرية (لذكر ام انثي) دون التمتع بحرية النقد وحرية النقاش .. لانه لا ابداع دون تحليل الواقع بعين نقدية للوقوف علي ما فيه من تناقص وايجاب وسلبيات. ان الحرية والديمقراطية.. ترتبط ارتباطا عضويا بحرية التفكير المرتبطة بحرية الضمير والمعتقد.. وحرية التفكير في واقعها هي حرية نقدية.. تستمد واقعها النقدي من حرية تفكيرها. ان حرية التفكير هي اساس مجمل الحريات.. والتي منها تتشكل هيكلية المجتمعات بمبانيها الفوقية والتحتية.. وان حرية التفكير المرتبطة بحرية النقد والديمقراطية والتعددية والحريات العامة والخاصة في المجتمع هما النقيضان الاكثر عداء للتطرف والتشدد والتسلط والمغالاة في الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والسياحية والسياسية والتنظيمية وبناء مرافق الحياة العامة. ان مظالم العبودية والدكتاتورية والتسلط الفردي.. تسود وتنمو وتزدهر في غياب الحريات الفكرية والنقدية في المجتمع. ولا غرو فان قواعد افكار الارهاب والفاشية والغلو في المفاهيم الاصولية المتطرفة .. تأسست ونمت وترعرعت في الاجواء التوليتارية والثيوغراطية حيث لا مكان ولا زمان لحرية الفكر والضمير والمعتقد!! (عن "الايام" البحرينية)