كتب نصـر المجالي: اعترفت مصادر في مقر رئاسة الحكومة البريطانية امام "إيلاف" اليوم بأن رئيس الحكومة توني بلير الذي تحادث مطولا امس الاثنين مع الرئيس السوري الزائر بشار الاسد اعرب عن يأسه من مطالباته الكثيرة لدى الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش في ضرورة حسم قضة الشرق الاوسط ولذلك فهو "مضطر الى الدعوة لمؤتمر دولي لحسم الأمر".
وقالت المصادر ان بريطانيا صاحبة العلاقة الوثيقة في المنطقة تاريخيا تريد القيام بهذا الدور حيث هي "اعرف وأخبر من واشنطن في قضية الشرق الاوسط"، وكانت بريطانيا الى غاية العام 1947 دولة انتداب على فلسطين وحين انسحبت قواتها اعلن قيام دولة اسرائيل بقرار من الامم المتحدة.
والمؤتمر الدولي للشرق الخاص الذي سيعقد برعاية مباشرة من رئيس الحكومة البريطانية وبرئاسة وزير الخارجية جاك سترو سيشارك فيه ممثلون للسلطة الفلسطينية والاردن ومصر والمملكة العربية السعودية اضافة الى ممثلين عن اللجنة الرباعية ولن تشارك فيه اسرائيل.
واللجنة الرباعية فيما يذكر تضم الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا والامم المتحدة. وبالطبع فان رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات غير مدعو بشخصه الى حضور المؤتمر ولكن يتعين عليه اختيار ممثليه.
وقالت مصادر مقر رئاسة الحكومة البريطانية لـ"إيلاف" ان المؤتمر المقترح المنتظر عقده في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل لا يتعارض منهاجا او قرار تحرك مع خارطة الطريق التي رسمتها الولايات المتحدة منذ شهرين لحسم الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بل هو سيكون مظلة جديدة ولكن برعاية بريطانية وليس اميركية هذه المرة.
واضافت المصادر "وما دام الحليف الاميركي منهمك في الاعداد لحرب منتظرة ضد حكم الرئيس العراقي تؤيدها لندن، فاننا عاقدو العزم على المضي بخطوات عملية تؤدي الى وقف حمام الدم في المنطقة اسرائيليا وفلسطينيا".
يذكر ان بريطانيا هي واضعة القرار الدولي الرقم 242 من بعد الحرب العربية الاسرائيلية العام 1967 الذي يطالب بانسحاب اسرائيل من اراض احتلتها في تلك الحرب.
وواضع القرار كان مندوب بريطانيا لدى الامم المتحدة الراحل اللورد كارادون الذي عمل في الاربعينيات حاكما لمنطقة نابلس الفلسطينية ابان الانتداب البريطاني.
ولم ينفذ القرار الى اللحظة رغم ان الامم المتحدة تعتبره الى جانب القرار الرقم 338 اساس الشرعي لحل ازمة الشرق الاوسط وهما يؤكدان على انسحابات اسرائيلية وعقد مؤتمر للسلام والاعتراف بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني مع اعتبار امن اسرائيل وبقائها في المنطقة.
ووافق العرب مجتمعين على القرارين ماعدا العراق، الذي ظل الى اللحظة يدعو الى الحرب لازالة "الكيان الصهيوني من على ارض فلسطين العربية".
وقرار رئيس الوزراء البريطاني نال في الامس مشروعيتن، اولهما ان السيد بلير اشار اليه في مؤتمره الصحافي المشترك مع الرئيس السوري بشار الاسد الزائر رسميا لبريطانيا راهنا، وكذلك فإنه تكلم عنه في شكل علني امام مجلس العموم الذي ايد المبدأ ورحب به كثيرا.
وتقول مصادر المراقبين ان دعوة بلير لمؤتمر كهذا فكأنما هو يصدر "مرسوما رسميا يلغي بموجبه وعد بلفور الذي صدر في العام 1917 وهو يمنح اليهود وجودا شرعيا على ارض فلسطين".
وبلفور الذي حمل الوعد اسمه كان وزيرا للخارجية البريطانية وهو وجه في ذلك العام رسالة الى حاييم وايزمان رئيس الوكالة اليهودية العالمية آنذاك يقول فيها ان "حكومة صاحب الجلالة البريطانية يؤيد حق اليهود المشروع في بناء وطن لهم في فلسطين مع احترام حقوق الاقليات الاخرى" ـ أي الفلسطينيين.