الرياض-&ايلاف: قالت مصادر مطلعة في واشنطن ان التوقعات تتزايد على نحو مفاجئ بحدوث تحرك عسكري عراقي داخل بغداد للإطاحة بالرئيس صدام حسين.
وفيما يبدو من الصعب في مناخ العاصمة الأمريكية الراهن التعرف على صحة ما يتردد في حواراتها، أي ما إذا كان محتوى تلك الحوارات يستند إلى معلومات صحيحة أم إنه جزء من الحرب النفسية ضد بغداد، فإن المؤكد أن أنظار كثيرين ممن يتابعون تطور الموقف على الجبهة العراقية تحولت في الآونة الأخيرة إلى انتظار أن ينبثق حل الأزمة الراهنة من داخل تحالف عسكري عشائري يضم ممثلين عن عشيرة الرئيس العراقي نفسه ليجنب العراق دمار الحرب.
ومن المحتمل أن يكون التزايد المفاجئ في الحديث عن توقعات حدوث مثل هذا التحرك العسكري قد جاء نتيجة لما قيل عن أن موسكو وافقت بالفعل على التنسيق مع واشنطن لبحث حدوث حل من هذا النمط للأزمة، وأن ذلك هو في واقع الأمر بسبب قيام السلطات العراقية بإلغاء عقود النفط التي سبق أن وقعتها مع شركة "لوك أويل" الروسية الكبيرة.
وكانت بعض التقارير الأمريكية محدودة التداول قد أشارت إلى أن مدير شركة "لوك أويل" فاجيت أليكبروف قد قال أمام عدد من الدبلوماسيين الغربيين في موسكو إن الشركة حصلت على تأكيدات بأن تعاقداتها العراقية ستستمر سارية المفعول بعد سقوط النظام العراقي الراهن. وفيما وصل ذلك إلى علم السفارة العراقية في العاصمة الروسية التي نقلته إلى بغداد، فإنه كان يؤكد ضمنا أن موسكو توصلت بالفعل إلى اتفاق مع واشنطن لحماية المصالح الروسية في العراق مقابل تعاونها مع الولايات المتحدة لإسقاط النظام. وفي الإطار نفسه قال وزير الخارجية الروسي إيجور إيفانوف أمس إنه وجه رسالة إلى بغداد تتضمن "دعوة للقيادة العراقية لإعادة النظر في قرارها وبدء مفاوضات بهدف إيجاد حل مقبول لدى الطرفين دون الإساءة إلى مصالح الشركة النفطية الروسية".
ونقلت صحيفة الوطن السعودية عن مسؤول أمريكي رفض نشر اسمه بأنه لا علم له بوجود خطط أمريكية - روسية مشتركة لبحث احتمالات حدوث انقلاب في بغداد. وأضاف المسؤول أن إلغاء عقود شركة "لوك أويل" في العراق قد لا يكون قرارا نهائيا، وأن هناك ما يشير إلى أن الشركة ستتفاوض مع بغداد مجددا لإقناع السلطات العراقية بالتراجع عن القرار، وأن مثل هذا التراجع "هو أمر غير مستبعد" في تقديرات إدارة الرئيس بوش.
إلا أن مصادر أخرى في واشنطن قالت إن الافتراض بأن "الرهان الأساس" للإدارة الأمريكية الآن هو على حدوث انقلاب عسكري في بغداد هو "افتراض صحيح" حسب وصفها. وكانت تقارير أمريكية قد أشارت إلى دراسة وضعتها وكالة المخابرات المركزية في مرحلة متقدمة من الأزمة قالت فيها إن حدوث انقلاب داخل بغداد هو أمر "بالغ الصعوبة" في الظروف العادية، وإن من الضروري تغيير هذه "الظروف العادية" لزيادة احتمالات حدوث مثل ذلك الانقلاب. وتتلخص تلك التغييرات المقترحة في جعل قادة الوحدات العسكرية العراقية يشعرون أن هزيمتهم باتت مؤكدة ووشيكة، وأن يقتنع "رموز النظام" بأنهم سيواجهون محاكمات عسكرية قد تفضي إلى إعدامهم، وأن يشعر قادة العشائر العراقية أن من الأفضل لهم القفز من عربة النظام قبل أن تتحطم. وتشكل هذه المحاور بالفعل أسس الحرب النفسية التي تشن الآن ضد بغداد.
وعلى الرغم من ذلك فإن واشنطن تواصل الاستعداد للحرب دون توقف وذلك باتخاذ بعض القرارات ذات المغزى على هذا الدرب. فقد قرر الرئيس بوش تطعيم القوات المسلحة ضد مرض الجدري، وهو قرار بالغ الأهمية بالنظر إلى أن التطعيم في ذاته سيؤدي إلى عدد من الوفيات في صفوف الجنود الأمريكيين. ويبدو أن استعداد الإدارة لتحمل هذه الخسائر في الأرواح الناجمة عن التطعيم تأكيد على جديتها في إعداد قواتها للاشتباك في معارك قد يتعرضون فيها لقذائف عراقية تحمل جرثومة الجدري. ولم يكن هناك مبرر لتحمل تلك الخسائر في الأرواح بسبب التطعيم لو لم تكن الإدارة تتجه بالفعل إلى إعداد قواتها للاشتباكات. فضلا عن ذلك فقد قرر الرئيس بوش استدعاء 27 ألف جندي من قوات الاحتياط للخدمة. وعلى الرغم من أن القرار لم يوضع موضع التنفيذ بعد إلا أن المؤكد الآن أنه سيطبق خلال أيام قليلة، وذلك في إشارة واضحة جديدة إلى قرب موعد الحرب التي يتفق أغلب المحللين الأمريكيين على أنها ستبدأ في فبراير المقبل.