نيويورك - جودي اييتا: قال مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، آندرو ناتسيوس، في معرض وصفه لدولة تنهض مجدداً من دمار شبه شامل ببطء ولكن بثبات ومن غير ريب. واضاف إن العمل في أفغانستان قد بدأ بالتحول من عمليات الإغاثة الإنسانية الملحة إلى برامج التنمية الطويلة الأمد التي ستعيد القطاع الزراعي إلى مكانته السابقة، وتعزز التعليم، وتحسن الصحة وتخلق الأعمال.&
ولكنه أضاف، في مقابلة أجريت معه في الاوان الأخير إن على الشعب الأفغاني والمجتمع الدولي العاكف على العمل معه أن يدركا، رغم ذلك، أن التقدم المحرز لا يتجلى دوماً بوضوح لأنه يدور حول أكثر بكثير من مجرد إصلاح المباني التي دمرتها القنابل.&
ووصف جهود الإغاثة الدولية التي تبلغ تكاليفها آلاف الملايين من الدولارات بأنها "الاقتصاد، وبناء القدرات، وهي تأمين المساعدة الإنسانية لطوال فترة استمرار فصل الشتاء. إنها المدارس، والمستشفيات، والمستوصفات وشبكات المياه."
&وقال ناتسيوس: "الحقيقة هي أنه لا يمكن للمرء أن يعيد بناء بلد دمرته أربع وعشرون سنةً من الحرب الأهلية خلال ثمانية أشهر. إن هذا غير ممكن." وأضاف أن أفغانستان تمثل واحداً من أصعب التحديات الإنسانية والتنموية التي تمت مواجهتها عبر التاريخ.
وقد قدمت الولايات المتحدة، منذ بداية هذا العام، حوالى 690 مليون دولار من المساعدات لأفغانستان، إما على صورة مساعدات مباشرة، أو على شكل إسهامات تقدمها للأمم المتحدة وهبات تقدمها لوكالات الإغاثة غير الحكومية. وتتوقع الحكومة الأميركية تقديم حوالى 300 مليون دولار سنوياً خلال الأعوام القادمة.
&وقال ناتسيوس إن أول مبدأ يعمل المجتمع الدولي على تحقيقه هو إعادة تنشيط الاقتصاد بالتعاون مع حكومة الرئيس حميد كرزاي. وتتوفر تلك المساعدة على عدة أشكال، كزيادة الإنتاج الزراعي، والمساعدة في خصخصة أعمال كانت الدولة تملكها في السابع، وتأمين العمل للأفغانيين في شق الطرق وغيرها من المشاريع الإنمائية، وإزالة الألغام الأرضية، وتدريب المعلمين، وإتاحة الفرص لرجال الأعمال الأفغانيين لإعادة تنشيط أعمالهم التي ظلت متوقفة فترة طويلة.
&ومضى مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلى القول: "أما المبدأ الثاني فهو أن علينا أن نطور قدرة حكومة الرئيس كرزاي الانتقالية الجديدة على حكم البلاد ، وتأمين الخدمات العامة، وتوفير الاستقرار، والاستعداد لانتخابات ديمقراطية."
&وقال إن الولايات المتحدة ستقوم، على سبيل المثال، بتدريب موظفين في وزارة المالية في مجالات تدوين الحسابات وتدقيق الحسابات التجارية وإدارة الأعمال. "والهدف من ذلك التدريب هو التأكد من أنه سيكون لديهم نظام يؤدي مهمته في جمع الدخل الحكومي، ومعظمه من الرسوم الجمركية."
&وأوضح بهذا الشأن أن أفغانستان تقع على ملتقى الطرق في آسيا الوسطى، ولذا فإن الرسوم الجمركية ستكون مصدر معظم العائدات الضريبية لتمويل الإنفاق على الخدمات العامة.
&وقال ناتسيوس إن نفس الخبراء الذين ساعدوا البوسنة وكوسوفو على إنشاء آليات توجيه اقتصادية، كنظام الضرائب، ونظام الرسوم الجمركية، ونظامي وضع ميزانية وتدوين حسابات للوزارات، وإدارة البنك المركزي، وعملة جديدة، سيعكفون على العمل الآن في أفغانستان.
&كما أشار إلى أنه قد بدأ التعامل بعملة جديدة في أفغانستان وأنه تم تمزيق العملة القديمة. وقال إن الرئيس كرزاي يشعر أن ترسيخ عملة موحدة لجميع أنحاء البلاد يشكل "واحداً من أهم إنجازاته."
&أما العنصر الثالث في برنامج المساعدات الدولي لأفغانستان فهو مواصلة جهود الإغاثة الإنسانية لضمان عدم عودة معدلات الوفيات إلى الارتفاع خلال فصل الشتاء القارس المتوقع.
&وقال ناتسيوس بهذا الشأن: "لقد أصبح تسعون بالمائة من المواد الغذائية التي ستكون هناك حاجة إليها في المناطق النائية المعزولة في فصل الشتاء في المخازن، كي لا نواجه أزمة كالأزمة التي واجهناها في الشتاء الماضي. "
&وأضاف أن الزيادة الباهرة في إنتاج المواد الغذائية في الصيف الماضي هي من أكثر التطورات مدعاة للأمل والتفاؤل.
&وأشار إلى أن "الزيادة في إنتاج القمح بلغت 800 ألف طن، أي بنسبة قدرها 50 بالمائة. "ورغم أن ما تحتاجه البلاد من المواد الغذائية يزيد بنسبة 25 بالمائة عما يتم إنتاجه، إلا أننا نشعر بأننا نستطيع أن نعيد القطاع الزراعي خلال الثمانية عشر شهراً القادمة إلى المستويات التي كان عليها قبل عام 1978، حين كانت أفغانستان تسد حاجة شعبها من الطعام وتصدّر الفواكه والخضار والعنب والمكسّرات."
&وقال ناتسيوس إن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تقدم لأفغانستان أيضاً بذوراً محسنة للزراعة نجحت في تحقيق زيادة في محصول القمح بنسبة تتراوح ما بين ثمانين بالمائة ومائة بالمائة. ويؤمل أن يزيد إنتاج القمح خلال السنوات الثلاث القادمة 800 ألف طن أخرى.
&وأضاف ناتسيوس أن المزارعين الأفغان أكدوا لموظفي الإغاثة أن كروم العنب وبساتين الفاكهة ستعود إلى مستواها المعتاد (ما قبل الحرب) خلال ثلاث سنوات إذا ما تم إصلاح شبكات الري.
&وقال: "نعرف أن الأمن الغذائي قد تحسن بشكل باهر نتيجة لموسم الحصاد الماضي. وقد بدأت الأسواق بالعودة إلى النشاط في المناطق الريفية. وسيحتاج الأمر إلى بضع سنوات قبل أن تعود الحياة إلى سابق عهدها، ولكن الاقتصاد قد بدأ بالتعافي وإن تمكنّا من إعادة تشغيل نظام الري، سيزداد ازدهار البلاد يوميا."
&والجدير بالذكر هو أن الهدف الطموح التالي الذي تسعى الوكالة الأميركية للتنمية والمجتمع الدولي إلى تحقيقه هو ترميم كل مستوصف أو عيادة طبية من الـ1034 عيادة في أفغانستان، ورفع مستواها إلى مستوى موحد، بحيث تتوفر في كل منها نفس المستحضرات الصيدلية والمعدات والموظفين المدربين. وسيتم بعد ذلك تعزيز مستوى عيادات محددة في كل منطقة لتصبح متميزة بخبرتها في مجال خاص كصحة الحوامل أو العمليات الجراحية أو غيرهما من فروع الطب.
&وقال ناتسيوس: "هناك هدف طموح جداً هو تأمين عيادة طبية لا تبعد أكثر من أربع ساعات سيراً على الأقدام عن أي مواطن أفغاني. وهو هدف طموح جداً ولكننا نعتقد أننا نستطيع تحقيقه بالتعاون مع وزارة الصحة والمنظمات غير الحكومية والمقاولين ومنظمة الصحة العالمية وصندوق رعاية الطفولة التابع للأمم المتحدة (اليونسف) والاتحاد الأوروبي."
* (تصدر نشرة واشنطن عن مكتب برامج الإعلام الخارجي بوزارة الخارجية الأميركية)