كتب نصـر المجالي: تكرمهم عواصم ممالكهم وجمهورياتهم شموليون كانوا ام ديموقراطيين، فهذا شأن الامة الواحدة في الداخل وهو امر اعتيادي في كثير من الاحيان، لكن ان يكرم رجل تاريخي في غير بلاده فأن الامر مهم ويستحق التوقف عنده، ففرنسا تكرم الراحل العربي الكبير محمد الخامس والد المملكة العربية العلوية الاسلامية في شمال افريقيا.
في العشرين من الشهر الجاري حيث احتفالات الغرب على قدم وساق استقبالا لأعياد الميلاد وراس السنة الجديدة، فان باريس ستصحو في العشرين من الشهر الجاري على لقاء على غير موعد مع الثائر والملك العربي محمد الخامس.
ففي مربع رئيس في الدائرة الخامسة قبالة معهد العالم العربي في عاصمة الثقافة العالمية وعاصمة الجمهورية الخامسة فإن نصبا تذكاريا سيقام للعاهل العربي الراحل محمد الخامس بحضور احتفالي مرموق يشارك فيه حفيده العاهل المغربي الملك محمد السادس وحامل اسمه الى جانب رئيس فرنسا جاك شيراك وقيادات فرنسية وعربية واسلامية ومغاربية.
واذ الملك الراحل الكبير يستحق التكريم العالمي لنضالاته الهادئة الممزوجة بالدم من اجل الاستقلال، فإن الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول محرر فرنسا قال عنه انه "رفيق التحرير".
ولقد قاتل العاهل العلوي الراحل قوى النازية وقاوم بنضال عصيب مشهود كل الضغوطات عليه من الحكومة الفرنسية المفتعلة (فيشي) الى ان قررت نفيه الى جزيرة مدغشقر النائية بعيدا عن بؤرة النضال الكبير والمثير.
وحين عاد في العام 1956 معلنا الاستقلال بإباء وكبرياء فإن دعائم مملكة عربية اسلامية بدأت تتشكل وسط حفاوة عالمية كبيرة. وهذه المملكة تتربع الآن على اكثر مستوى من الاحترام العالمي رغم فقرها وشح مواردها، ولكن تظل كلمتها مسموعة.
وزيارة العاهل المغربي الشاب في العشرين من الشهر الجاري لباريس تحظى باهتمام كبير يتجاوز قضية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الى آفاق من التعاون على نحو دولي وحل مشاكل مستعصية كثيرة لعل ازمة العراق وفلسطين وهي قلق مغربي في مقدمة تلك الموضوعات الحساسة.
وحسب معلومات "إيلاف" من مصادر بريطانية فإن عاصمة الملوك العلويين لها حظوة كبيرة ومرشحة اكيدة لعضوية الاتحاد الاوروبي في مستقبل قريب من دون تخليها عن واقعها التاريخي العربي والاسلامي وهي ميزة تعتز بها، وتعتبرها اضافة مهمة في استمرارها كبلد قرار يفصل بين الشرق والغرب جغرافيا ولكنه يجمعهما ثقافيا وحضاريا.