امير الدراجي
&
مابعد الصمت وقبل النطق، مابعد الشر وقبل الخير، ما بعد الخوف وقبل الطمانينة السياسة وقبل الشعر، ماقبل الوطن وبعد الخيانة، ما بعد القلق وبعد المسكنة،& ما بعد المحو وقبل التجاسد، ما قبل اللاحضور وما بعد الغياب، ما بعد وما قبل الجرح. بعد الالتباس وقبل التوضّح، قبل الظلام وبعد النور، بعد تيه وقبل الامل. يكتب العراقي أناشيده كانت بالامس متيقنة من وضوح تيهها ووضوح قلقها وذروات يقين فيه من الامتثال ما لن يتححل - من حلول- في شخصية صوفيةالعراقي الباحث عن معالم تيهه لا يقينه، واكثر متاهة انك لا تعرف انك تائه، اكبر الالام تلك التي تدخلك ولم تحونك. اخطر المآسي ليس التي تحل بك بل تضربك ولن تتحمس لاحزانها!!هكذا يستعيد الملاك ملامحه حيث يصل الى منطقة الامحاء المطلق. ثقوا انها سياسة وليس شعر، ثقوا انها وقائع وليس خيال، فسياستنا نحن العراقيون نوعا من تلبس مليوديا اكثر لعنة شكسبيرية، لاننا امة الشعر كعضو اضافي في اجسامنا هو المحرك المركزي لادوات تصرفنا مع الوقائع والوقوف منها، انه اللاترف واللامتدارك، هو البسيط الذي يلطم رئاتنا كنسيمة وقحة تاتي في الليلة الاخير فبيل الاعدام، اعدامنا الخالد. قلنا نحن بحاجة لخطاب هوميروسي لاننا نحلنا كثيرا غير ملامحنا وتحدثنا بالسياسة كلغة جافة كانت ترتاب من ان لا تتجانس مع لغة البشر وهي ترطن بهلوسة الملائكة. الملائكة الذين يغتسلون باريج الفردوس في عز عهرهم، الذين تتسوى، لنقائهم، اماكن المجون واماكن العبادة!!اليس الملاك هو الكائن الابله الذي لا يفرق بين الخطيئة والفضيلة؟اذ يبقى نقيا في أي تلوث ونقيا في أي فضيلة، لان هذا الشعب الذي خلق ملحمة الخطيئة الاولى و"اكل التفاحة" لم ياكلها بعد كي يفرق، وحيث يموت عنصر التفريق والمقارنة فانكلا تحتاج للمخاطبة في لغة البشر بل لغة الملائكة!!فمن يفهم سياسينا هذا المفترق المذهل للكينونة العراقية؟سيقال هذه هلوسة شعراء، وهنا ساثبت انها وقائع صارمة ومنطقية في شعب اقتحم في المنطق رمنسات الحلم والخيال العلوي، فاستبطنه في الخطاب، وما علينا الا معرفة الظاهر من علم الباطن، وهنا ايضا سنتحدث بلغة السياسة عن ماهو شغري ماحق له اسبقية الحسم في شتى مناحي الحياة، لا ندري من ينقذ العراقي كي يخلصه من الشعر، ويعيده للبلاهة السياسية كاي وضيع ومبتذل بعد ان ارّخ في كيانه ذلك التعالي الروحي والانساني الخلاق، وترفع في محساسه وتجريده قوة الافعال الطبيعية والكونية ليكن تمركزا كونيا تقود لعناته مدينة كوكبنا هذا! هذه ليست دعوعة حمقاء للعنصرية او المبالغة بالذات انها دعوة وضيعة لهدم المبالغة والكبرياء والتعالي، فاحمو العراقي من الشعر كي يعرف السياسة!
لناتي لخاطة القناع لا خارطة الاصل، وهي خارطة تتحدث عن المتداول والسائد بلغة اضطرارية ترتكب هفوة الشائع من الاخطاء، فلنخطأ قليلا كي نتجه نحو الاصحاح الاول على الاقل.&
لتفكر اميركا ما تشاء لانها لم ترتق لمرتبة المدبر الاعلى، وهو مدبر ليس حاكما عسكريا كما تتصوره الاصوليات الهمجية والبدائية، انه حلول الذات العليا في كينونة وحي تصوره العامة كاي اتصال فيزيكي، او مكالمة هاتفية بين اثنين! اذن لتتصور قياس القوة العضلية منتصرا على قياس قوة امتلاك الكون بالحلولية العليا في سياق مركزة الكون في صورة بشر عاديين. لتشبع من تصورات التاجر الذي يتعامل مع غابات الرهبان بمحصول ما نتجه من خشب وعلف حيواني واراض زراعية، لا احد يحسد التجار على صفقة الدواجن، ولا احد يحسد ناقديهم على تقاسم مثل هذه الصفقة، لاننا نبحث بسكان الغابة لا بانتاج الخشب.& وكل له موقفه: خشبيا كان ام علفيا ام انسنيا وروحانيا.
هل يعقل ان اميركا ليست عاقلة؟هل يعقل ان سلطة العراق لا تفهم؟ هل يعقل ان المعارضات لا يفترض ان تفهم وتكون اصحاحا لخطا ام يفترض ان تكون الاصحاح ؟هل ان العراق هذا هو مجرد جغرافيا زراعية ونفط ومخيم هنود حمر او مجموعة استيطانية فقط ام ماذا؟ هل التاريخ هو مجرد قصص للاستئناس ام حقائق فاعلة في تقع في صلب القراءة السياسية؟ لا ندري من كل هذه الافتراضات الا حسن النية او بعض سوئها الساذج عندنا. نحن نفترض ان اميركا والعراق والمعارضة والسلطة كائنات دماغية على الاقل تتمتع بنشاط دماغي ما، وبعد ذلك النشاط تكمن تقديرات ان تفهم او لا، لانك ان لا تفهم يعني انك ادخلت نظم تفكيرية في دماغك وخانك ان تعرفها!!فهل هذه الخيانة المعرفية ممكنة؟ واذا كانت كذلك فاننا سعداء ان حلت بنقيصتها على دماغ الناس، وان لا فتلك كارثة، وعليه فاننا ننطح الجدار بقوة الكلمة.
لنتفترض التالي: نحن لا نفهم وهم يفهمون. ولكن دعونا نمارس نشاطنا الدماغي باقل طاقة، وان بغباء، لا يهم. ناتي للسلطة اذا كانت تلعب لعبتنا القديمة مع اميركا، وهي لعبة لا تحتاج لدورة مخابرات عالية، لاننا نحن الصغار كنا نتقنها وهي: نطلب من احد زملائنا ان يقوم بالاعتداء على فتاة نحبها، ثم ناتي بتلك اللحظة المناسبة تماما وننقذها، بعد الاتفاق معه والطلب منه ان يهزم نفسه ويكون جبانا امام نخوتنا! انها لعبة صبيانية عتيقة لا تحتاج لكل هذا الالم، اما اذا كانت نوايا مقاومة اميركا حقيقية باستخدام سلاح الياس وما اسمية: ما بعد الهاوية، فهذا سلاح فعال جدا، لكنه يناسب حروب الثوار والمعارضات ومقاتلي حرب الشعب ممن حقق حلم الاجماع ولم يتحول تنفيذا للحلم ويمارس فرصة الدولة بعد استراتيجية الياس واختلال ميزان القوى فيما استراتيجية الياس تخلق توازن الرعب بحيث تشكل هزائمها العسكرية نصرا سياسيا كفعل ميلودرامي سيكولوجي كلما اشتدت تضحياته وبسالته زاد من تشويه القوى المنتصرة عسكريا وزاد من جمالية الامل عند الشعب وهم يسقطون احلام العدل على تلك القوى الثورية الخاسرة في بعض المعارك، او الصامدة في حصارات تحيل قوى الردع الى قوى جريمة معزولة ومشوهة، وهذا ما جربناه في حروبنا الطويلة بحركات التحرر وحروب الشعب. ولكن ان تتحول دولة لم تبقي ماثرة واحدة في حياتها، دولة هي كناية عن مؤسسة اعدامات وجمهورية مشنقة واغتيالات وسجون ومشردين، مديرية سوط، وفواضل زنزانة، ورئاسة قهر ورعب، دولة من هولاكيوية، ومؤسسة التحقير ومواطن كبت طويلا حتى بات الشيطان جزءا من حاسة الامل في حياته. كيف بالامكان استخدام ما بعد الهاوية، أي استراتيجية الياس الصامد وهي افلست تماما، وهي تعرف ذلك، من أي تاييد شعبي داخلي ناهيك عن ملايين مشردة هي التي قامت بصناعة وظائف التشرد لها. كيف يمكن خوض استرتيجية الهاوية وهي في اشد حالة العزلة؟ اما الاعتماد على كلاسيكية البطل القومي والمظاهرات السياحية والترفيه الصوتي فهذا باعتقادي جنون وشرك ذاتي، بل فخاخ سعيدة تقود الذات الى المحق الاخير.& ذلك ان المظاهرات العربية والقيادة العراقية خير خبراء علم الوقائع واللاثقة بالاحلام، بل بالبراغماتية الشرهة والقدرة على المساومات في اوضع تجلياتها لا يقنعنا ان هذه القيادة تراهب كما عبد الناصر على خيال البطل الثوري والقاعدة الرومانسية للمارد الجماهيري المضجر. اذن ماذا تنتظر هذه القيادة غير ان تقيم صفقة، في ارقى الحالات، مع اميركا، بحيث يحدث التبديل بمهانة رئاسية تهين معها الوطن برمته، لاننا نهان حيث يهان مجرمنا من الغرباء، ذلك لاعتبارات كريمة تحافض على قيم وطنية القصاص، اما اذا ارادت هذه القيادة ان تمنح القصاص للغرباء ضد ذاتها فهذا ايضا قاس ومهين جدا، فيما امامها خطوة استباقية ذهبية تحفظ للجميع حقهم وكرامتهم وامنهم وعدالتهم، كما تحفظ حق الصفقة الداخلية في وقت ما تزال المساحة شاسعة للعبة الاوراق الشيطانية والرحمنية داخل البيت الوطني. وهذا يتلخص بتقديم استراحة رئاسية او فرصة نقاهة تساكن ذاتي وانتجاع رحماني بعد تاريخ من صناعة الرعب والقهر اليومي للذات القاتلة وليس المقتولة، وذلك بتوريط العراقيين جميعا في صناعة قرار الهزيمة او النصر او تفويت فرصة تدمير بقايا اللحم العراقي الرخيص. (الحديث عن استرتيجية الياس في مقال اخر)
اما اميركا، وهي تعمل كدولة على العرقيين شبيهة بدولة الرئيس الاوحد، دولة المنتصر على شعبه المتمنن بالمكرمات السياسية لهذا دون ذاك، فانها تخطط لانتحارها مسبقا كما يخطط النظام لانتحاره، وهي تدخل من المكان الخاطئ والمتوتر والمتروم كاي انتفاخ ايديولوجي متخيَّل لا يعنيه من الوقائع بالقدر الذي يجعله معتدا بذاته الى حد الافراط، وقد امن دعاية كافية لمداخل توريمية انتفاخية لا تحتسب الا للمشهد الاول اما ما بعد هذا المشهد "الجميل" فذلك في زاوية المحقرات اللامحسوبة!اميركا تعين قيادة قطرها كما يعين الرئيس العراقي قواه الولائية، وهي كدولة ديمقراطية ليبرالية، ولن نقول غير ذلك، تتصرف بعقل لاهوتي بابوي كما اشار العديد من ناطقيها الرسميين في خطاب جعجاع مثلهم مثل المناهج الستالينية والبابوية، الحياد مهمل، والوسط محتقر والخصم مسحوق، والسلطة مطحونة في اسنان المسرفات! اذن الا يشبه هذا ذاك؟ بالقطع نعم، لاننا امام "بعثيين" جدد واما طاغية جديد امام صدّاميين جدد، وما بين الصدامين لا خيار امامنا الا ان يختار صدام نفي ذاته وعقله ومؤسسته، وهذا اسطوري وخرافي كما اعتدناه. جماعة اميركا تحضر عزلتها منذ الان، وتحضر غيابها، كما لن تحقق امام اكثرية عقلانية أي احترام شعبي او اريحية المنقذ والمخلص، وهي الاخرى تقدم اكبر خدمة للدكتاتورية كما تقدم الدكتاتورية خدمة لاميركا، لان الطرفين "الاعداء الاخوة وليس الاخوة الاعداء كما يريد كازنتزاكي" يقومون بتقاطع ضمني للمصالح الانتحارية، كما لو ان الانتحار مصلحة!!غرائب هذه الرعونات السياسية، وربما نحن الاغبى او الارعن! قيادة قطرية من الستة المؤلفة قلوبهم، الستة الابرار، وربما ستتوسع القومية الاميركية لتشكل قيادة قومية، تطعمها عمائم اممية للاسلام الثوري الجديد! اسلام اسوء براغماتية مبتذل الشعارات ممن علمنا قديما ولم نقتنع به ولم نصدقه، بتلك الكلمات على اميركا من مثل: تلاستكبار، الشيطان الاكبر، دولة الكفر، امم المجون والفساد. الخ من كلمات التعبوية الايمانية ومحمولات الخطاب "الالاّوي" - من اللّه- المعروف، فما الجديد بهذه القيادة الاطباقية القطرية، غير منهج اكثر شرها وجوعا من سابقه، فالحرامي الشبعان افضل من لص جائع! اذ كم سننتظر حتى يشبع دم وقتل ونهب كي نكيف انفسنا بخوف جديد(هذه ليست جديدة، فلدينا كتاب نشر فصل منه مع نخبة من المفكرين منشورات رياض الريس يتحدث عن بطاركة الثورة وطغاة العبيد مقارنة بقيصر، والامر لا يخص العراقين بل المفهوم الكوني لتجارب البدائل على مستوى التجربة الانسانية). نفس الغرف المغلقة، نفس الكون المحصور بجمجمة قائد مستبد، لا احد يخرج من وطنية الاجتماع في صالون الى مساحة الوطن بطميه وطمثه واغبرته، لا احد يعترف بالتمثيل وصناعة السلام الداخلي بتوريط قوى اوسع في اتخاذ القرار، لا ندري لم البشر يحبون الخسارة لوحدهم ويكرهون توريط أحد لمشركتهم في الخسارة؟ لاننا في تاريخ اللاربح!، في مؤرخ الهاوية. اذن اميركا كما هو مبين تمارس طبيعيا التفكير بحكومة طوارئ وحرب، وهناك تزاحم في شغل مناصب الحرب وقد جرى تعيينهم.
اما القوى الاخرى ممن لا زال اما متفرجا مصابا بالذهول وانعقاد خرزة اللسان فهو صبور كامن على الطرفين، وهو قابل لاتخاذ موقف ترجيحي لهذا الفريق او ذاك طبقا لشروط استعادت السلام والعدل وانهاء منهج تصنيع الجمهور الى مصفقين وبلهاء وعبيد، وقد يتقبل هذا المنهج مرة جديدة لانه اخذ رسا طويلا في التقية وعدم الافصاح عن مفردة الضمير السحرية، وهو كائن داهية خطر الذكاء لا تستطع مسك خيوط لعبته الكمونية. هذا جمهور الاكثرية الذي يعارض ويوالي بنفس التورية ومبدا الكمون. دعنا منه لانه كثير الاشتباكات والتقاطعات الغامضة اللامفكر بها.
&القوى السياسية الاخرى التي تحاول تشديد حضورها في اكثر الفرص تغييبا لها، واكثر المحاولات شطبا وتهميشا لدورها، ستكون في سياق من اختبار كل القوى ما اذا كانت ديمقراطية ام لا؟انها طرف المخالفة الايجابية، والتخاصم الابيض مع قوى السلطة في الداخل او دكتاتورية سلطة المعارضة في الخارج. وهذه قوة من اعرق حركات المعارضة وان لم تعيد صياغة دورها النظري والمعتقدي الا في نتف بخيلة من التنازلات النظرية والعقائدية، وهي في ساحة اهداف النقد الفكري والسياسي، لكنه من ضمن المؤجلات نقدا او شكا في بقائها في العقد التوتاليتاري والايديولوجي الاول، لكنها الاكثر احتراما واريحية وطنية من غيرها على مستوى الموقف، وعلى مستوى البقاء في تيه الوطن اشرف من يقين التغريب سواء من قبل السلطة الحاكمة ام السلطة البديلة في منافي الوكالات الخارجية، كما كانت دول الوكالات العربية ايام الصراع الساساني البيزنطي، مثلما سماها الدكتور فكتور سحاب في كتابه ايلاف قريش الرائع.& ولكي لا نقمط حق احد لابد والحال هذه من بحث ملامح هذه القوى، وهي على التوالي.
الشعار الذي اختصر معظم هذا التيار ذلك الذي اشترك في صيغته شتى التيارات، ب"لا للدكتاتورية لا للاحتلال"، وربما هنك من خفف وغلب وفاضل بشعار:"لا للاحتلال -ثم- لا لاميركا"، وهناك من كرس لائه لرفض الاحتلال فقط، وقد اشيعت حالة من الاحتفالية الضخمة حول ذلك،& من مظاهرات، وتضامنات شعبية دولية الى تواقيع مثقفين وشخصيات عالمية كبيرة،& فيما هناك تيار حاد وهو تيار وطني مفرط في تعشيقه المعارض لايديولوجيا التسقيط الماحق والساحق للسلطة، وهو لا يرفض الاميركان ولا يقبلهم كحل امثل وهؤلاء موجودون حتى بين التيار المحسوب على اميركا، كما بين الضباط العراقيين الكبار ممن يتعذب بين الشرف العسكري وشرف الاعتراض الكامل لنظام لم يقدم أي فرصة لمن اراد به خيرا وليس شرا، لانه نظام يعدم على نوايا. قلنا نوايا الخير فكيف بنوايا الشر او اعلان خير التعدد واو شر الانقلاب عليه؟ كل هذه التيارات المتيّهة في دروب يمحي ملامحها الضباب والدخان السياسيين والحربيين، ما تزال ينقصها تصور العراق ومن هو؟ لانها تتعامل معه بمضمّر سلطة نجاح الحزب والتيار لا سلطة التعدد والمشاركة، وان ادعت فهذا تعبوى توروي باطني المآل، من الصعب تصديقه لاننا نقراء البيئة المحاطة والمحتاطة وهي مولدات النتيجة والحقيقة والتفكير، بل المنضد الاول للحقيقة، وهنا نحتاج لايمان مركب عقلي اكثر منه قلبي او عاطفة سياسية ورثت وتفاعمة ملامحها مع الوقائع. لان ازمة بين اللغة والدلالة الايمانية ما تزال في طور مازوم تاريخي لم يفك ارتباطه بعد، لذا لم نصدق الشعار والفكر التعبوي الدعائي، لانه على ما يبدو اننا لم نسجل بطولة واحدة في التاريخ الحديث عن بقاء الصداقة الحميمة والانسانية الوطنية بين طرفين اثنين فكيف بجمع مختلفين متعددين؟اذن نحن بحاجة الى مزيد من الخوف على الوطن، ومزيد من الالم كي نقبل الاخر كحميم مختلف، لاننا على ما يبدو مشحونون بالمخاصمات الحادة ومناهج القوع المقدسة، وهذا يحتاج الى عقل تركيبي ذكي، يفكر بالم التباعد لا الم المنافسة على سلطة او بلاد لم تكن حريمه الشخصي!! اذا لم نكن قد كونا قاعدة التجابه هذه لا يمكن ان تكون البرامج والشعارات ذات تاثير او ضغط لان طاقة الضغط توزع نفسها على مناطق عدة فتكون ذات دفع ناقص ان لم تتمركز في ناحية واحدة وهي محاصرة السلطة ادبيا والهجوم عليها سياسيا باستثمار الضغط الدولي، ومن ثم قراءة المصلحة السياسية لدى مجموعات دولية تدرك جيدا ان خسارة هذا التيار يتقاطع مع خسارتها، ولعله ايضا من الحكمة الاعتراف من قبل رافضي الحل الاميركي بان اميركا قوة مؤثرة وفاعلة ومصابة بشتى بارنويات الارهاب الخارجي، وهذا يتطلب قراءة نقطة تلاقي المصالح الدولية والاميركية والعراقية، ودون ذلك لم يكن سياسيا انما نخوات قبيلة وصرخات بدو في صحراء قاحلة. وهنا لا بد من الاشارة الى ان الوثوق بالميل الشعبي وارتكاب الرهانات الحماهيرية، نعتقد ان ذلك موغل في القدم الكلاسيكي، ولعله انتهى منذ الحرب العالمية الثانية، حيث استحدثت قيم كريمة للوطنية بموازة قراءة المصالح الدولية مجتمعة، دون ان يكون ذلك منقصة، لانه كذلك اذا اعتمد عقل الاستقلال في ازمنة الخناجر والسيوف، فثمة بالكون على البيت الابيض مكان ربما في موسكو او في القمر، لان تطور العلوم والمعلومات والمعرفة والطاقات الدافعة لسرعة انتقال وسائل الردع قدم وقائع جديدة لمفهوم الوطنية المشاركة للعالم والامم، اذ لم تبقى قيم الوطنية خلف جدار او ساتر معزول كما هو جدار الطين او برلين، يحبس امما في وطن، ويحيل جغرافيا في كوكب الى جغرافيا فضائية في كوكب اخر!!
هذه القيم النسبية السائدة لوطنيات العالم، عالم تفككت عزلته ودخل مرحلة الاطمئنان الدولي مستخما مشاركته في حقل التعاون على حياة افضل ومخاصمات الامر الواقع، لان عناصر الرعب الاقصى من اسلحة التمير الشاملة حيدت وللابد قيم الحرب اللامحدودة واللامسيطر عليها ان حدثت، فكيف بالتيارات والاحزاب في وطن واحد ومصيبة واحدة واهداف واحدة ما تزال تتصرف بعزلة كما لو انها كوكب مستقل، ولوحدها تمتلك مفتاح تسيير الكون؟
امام القوى المتحفظة على الغزو الاميركي، والقوى المحرجة من شحة الخيارات ان تتعاون على عناصر مركبة شديدة التعقل، في ان تختار نخبها لتمثيل مؤتمر جماعي كبير، يخلص الى تحقيق اليات واقعية من اجل الضغط على السلطة بالعراق والضغط على النموذج الاميركي المحرج، وهذذا سيكون جزءا من تظاهرة اعلامية على الاقل، تحت شعار المؤتمر المناوب لانقاذ العراق.& وعلى كل التاكيد لا يجب اتباع خدع المصالحة والتحالفات الماكرة او تلك التي تدفن خلافاتها، فثمة جامع مع وجود الخلافات كلها، حيث تاجيل البعد النظري على البعد العملي، والعد العملي جامع للذين مع اميركا والذين مع صدام ذاته، وما بينهما مساحة البراءة والنظافة السياسية، لان صدام كقراءة اخيرة لم يعد موجودا الا وحده وقلة من مناصريه وحرسه اما الباقون فكلهم محكومين في لحظة قادمة تحسم ذلك التيه، ذلك لان العراق عمليا تحت الاحتلال الاميركي والدولي المقنع، فثمة حاكم ومندوب سام يتصرف كمحقق بوليس دولي مع متهمين لم تثبت براءتهم الى الابد، وهذا اكثر صلاحية من محتل، فالقصور الرئاسية صارت قفص اتهام، والعراق كله ساحة محكمة، مع ان مشهدها غير معلن! اذن لا بد من اقامة مؤتمر مناوب ومفتوح الى اجل التبدل او سقوط السلطة، وذلك لملئ الفراغ وانقاذ البلاد من دوامت حروب وثارات تتحكم في تصرفات محومة بالانفلات والانتقام مهما جملنا الصورة، وهنا مكان لولادة الماثرة العراقية في لحظة احراج سياسي كبير، كيف؟
تتشكل لجنة من اجل خلق مناوبة وآلية اتصال اولية تجمع شخصيات وممثلين عن كل التجمعات العراقية في الخارج، مسخدمة شبكات الانترنيت والاتصالات المعتادة، ويحدد مكان انعقاد مؤتمر ينتخب لجنة مناوبة تحيي حالة المتمر باليات نشاط واتصالات دولية واقليمية وتحركات من اجل المقاومة المدنية سواء ضد الغزو او ضد السلطة، ولا يستثنى تيار معارض او موالي من هذه الالية، مع التحفظ على الموالي بسبب بطش النظام ومسلكية التقية، نقصد بالموالي من كادرات الشعب ايا كان ممن يرى انقاذ البلد بتغيير السلطة والنظام، واذا لم يحدث ها اللقاء والتعاون، فانه من الصعب تصديق الطرف الثالث ممن يدعو لمقاطعة النظام ورفض الغزو، لانه اما يبحث عن فرصة في النموذج الاميركي او فرصة تجميلية مع النظام، كما فعل غيره.
&الآليات المطلوبة هي: قيام لجنة احصاء من اجل تشخيص التيارات الثالثة والاتصال بها لاستشفاف رايها في امكانية تقديم ممثليها بتمثيل مناطقي(حسب ظروف التجمعات العراقية في المنافي) او بتمثيل حزبي او تيار او تجمعات ثقافية او منظمات واندية قومية او اقليات دينية او مستقلين او حتى اولئك الذين يؤيدون الحل الخارجي لانهم مجموعة لها حضورها، وعلى هذا الاساس تحدث فعاليات الضغط على السلطة باطار منظم غير فردي او اجتهادي، كما يتشكل لوبي دولي وعربي لدعم هذا التوجه، وعليه ليس امامنا أي خيار غير ان نعمل وان في توقع الخطا والاحباط والفشل، وذلك كي لا يسجل التاريخ نحن شعب مبتذل ورخيص ومطواع او شعب من حريم وجواري جاهزة للبيع وللزواج بالاكراه كي تتخلص من ماساتها، كما يسجل هذا التاريخ لمن سياتي بعدنا اننا بمستوى حواضرنا وبمستوى وطن كالعراق، ومن اجل ان لا نحرج احفادنا بجبن اجدادهم وبطر خلافاتهم وتفاهة مرادهم لنبدا منذ الان كي نشبه العرق لانشتبه فيه.