رجاء النقاش
&
الدكتور أحمد زويل العالم العربي المصري المقيم في أميركا والحائز قبل عدة سنوات على جائزة نوبل يقدم إلينا نحن العرب تحذيرا شديدا بأن نتوقف عن البكاء وإسالة الدموع الغزيرة الدكتور زويل مع صديقنا الصحفي المعروف الدكتور عمرو عبد السميع الذي يشرف الآن على تحرير الأهرام الدولي وكان حديث الدكتور زويل إلى زميلنا العزيز حديثا رائعا وصادقا وفيه جدية كاملة ولهفة شديدة على ان يتقدم العرب إلى الأمام مع الثقة من جانبه بأن العرب قادرون بشرط واحد هو ان يتوقفوا عن البكاء ولطم الخدود وان يلجأوا بدلا من ذلك إلى شيء آخر واضح وبسيط هو: العمل حتى لو بدأ العرب عملهم من نقطة الصفر وقد جاء حديث الدكتور زويل ضمن كتاب بديع اصدره الدكتور عمرو عبد السميع أخيرا تحت عنوان على ضفاف الثقافة ـ حوارات حول المستقبل والذي جمع فيه ما يقرب من عشرين حوارا مع عدد من المفكرين اصحاب الوزن الثقيل والتجارب العميقة والرؤية الأمينة للواقع العربي الآن وفي حوار الدكتور زويل حديث صريح عن الانهيار العلمي في العالم العربي وهذا الانهيار حقيقة يلمسها الجميع ويرى الدكتور زويل انها السبب الاصلي الأكبر للتخلف العربي الذي نعاني منه ونذرف بسببه كثيرا من الدموع ثم نرده في أغلب الاحوال للمؤامرات التي يتم تدبيرها لنا من جانب أعدائنا الكثيرين ومن يقرأ كلام الدكتور زويل يقتنع به فلم يستطع انسان في هذه الدنيا ان يصلح أحواله بالبكاء على ما اصابه بل ان الدموع تزيد المصائب ولا تقلل منها والأفضل للانسان الذي يريد ان ينهض بعد سقوطه هو العمل بإرادة قوية وصبر شديد وانتظام لا يتعرض لأي اختلال وهذا هو نفسه ما ينطبق على كل الشعوب التي تعرضت لظروف سيئة فرضت عليها التخلف والرجوع إلى الوراء ولذلك يقول لنا الدكتور زويل و معه الحق في كل ما يقول: علينا نحن العرب ان نعمل كثيرا وان نرتب بيتنا من الداخل قبل ان نقول ان الغرب يحتكر العلوم ويجعلها سرا علينا ثم نتذرع بهذا الاحتكار ونركن إلى الشكوى والبكاء فالتبادل الاقتصادي بين اقطار العالم العربي لا يزيد على 10% من الاقتصاديات العربية و90% حجم التبادل الاقتصادي مع الغرب وهذا وضع لا يستقيم ولا بد من تكامل الامكانيات العربية فبعضنا يملك المال وبعضنا يملك العقول والطاقات البشرية الرهيبة وعلى الرغم من ذلك فإن العالم العربي لم ينجح في الظهور على الخريطة العالمية فيما يخص التقدم في العلوم والتكنولوجيا والتقدم العلمي الرهيب الذي حدث في الانترنت وفي نظام المعلومات يستطيع أي بلد لديه قاعدة علمية قوية ان يلحق به وان يتعامل عن طريقه مع بقية العالم والدليل هو ان الهند لم يكن لديها أي مقومات لصناعة البرمجيات واصبحت اليوم رقم اثنين في العالم كيف حدث هذا؟ بالعمل طبعا كان من الممكن ان ينخرط الهنود في البكاء قائلين ان أميركا تحتكر اسرار العلوم الحديثة ولكنهم لم يفعلوا لقد أنشأوا معاهد ومدارس كثيرة في الهند لتعليم اولادهم ولخلق القاعدة العلمية السليمة وقد شق الهنود طريقهم إلى المشاركة في التقدم العلمي العالمي الكبير ومعي الآن حيث أعمل في جامعة كالتاك الأميركية إثنان من الهنود مستواهما قمة لا أميركان ولا غيره وعندنا نجد ان القاعدة العلمية ضعيفة ولا بد من اعادة بنائها وقبل ان نشكو أو نبكي علينا حشد مواردنا لبناء هذه القاعدة العلمية ولو ان أحد الاثرياء العرب أو إحدى دوله الثرية خصصت مبلغ مليار دولار لبناء هذه القاعدة فسوف تفعل الكثير خلال خمس سنوات وجامعة كالتاك لديها منحة مقدارها ملياران ونصف المليار دولار وقد تخرج من هذه الجامعة حتى اليوم 28 فائزا بجائزة نوبل هل مليار دولار هو أمر كثير على موارد العالم العربي حتى يمكن اقامة قاعدة علمية فيه!! ويجيب الدكتور زويل على السؤال بقوله بالطبع لا ونحن من جانبنا نقول: بالطبع لا لا لا!