د. رياض الأمير
&
هناك ثمة قانون يعرفه البحارة منذ قديم الزمان هو: هروب الفئران من السفينة عندما تشعر بأنها ستغرق. ويحدث ذلك قبل غرقها بزمن. وجاء في صحيفة الحياة في يوم العشرين من الشهر الجاري خبرا على صفحتها الثانية عن "مجاهدين خلق" في أن ابرز قيادتاهم خرجت من بغداد مع عائلاتهم وانتقلوا خلال الأسبوعين الماضيين إلى عدد من الدول الأوربية، فيما أغلقت مجموعة مكاتب تابعة لها. أن منظمة"مجاهدين خلق" تحاول أن تجد لها أماكن اكثر أمانا تحسبا للضربة الأمريكية البريطانية ضد النظام في بغداد. وفي محاولتها السريعة ترك بغداد تقوم بجمع وثائقها المهمة التي تشير إلى معلومات عن الأفراد ونوع الارتباطات الداخلية لتهريبها إلى مكان اكثر آمنا. أن الخطوة المستعجلة التي تقوم بها المنظمة تشير إلى فقدان الثقة بالنظام العراقي وتأكدها بأنه سينهار قريبا ولذلك تحاول إيجاد مكان آمن لقيادتها ووثائقها خوفا من أن تقع في يد القوات الأمريكية والبريطانية. أن هروب قادة منظمة "مجاهدين خلق" بعد أن أعطاها النظام العراقي قواعد عديدة في العراق تنطلق منها لضرب إيران. وقامت المنظمة ضد النظام الذي تعاديه بعمليات مختلفة النوعية وفي العمق. وقد زودها نظام صدام حسين بأحدث الأسلحة والمعدات الحربية، من صواريخ ضد الدروع ودبابات وحوامات (طائرات هليكوبتر) وغيرها . كما أعطاها معسكرات جيدة ذات بنى تحتية تفوق إمكانيات الجيش العراقي النظامي وكذلك أعطاها مخصصات في المؤن لم تحصل عليها القطعات النظامية العراقية . وبقيت منظمة مسعود رجوي وفية للنظام العراقي ومدافعة عنه بكل قواها . وساهمت في قمع انتفاضة عام 1991 التي شملت أربعة عشر محافظة ضد النظام الصدامي. كما ساهمت في قمع الانتفاضة الكردية في شمال العراق جنبا إلى جنب مع القوات الخاصة للجيش الجمهوري العراقي. وهي تتكون من عشرين ألف شخص اكثر من نصفهم من النساء يقيمون في معسكرات مختلفة بعضها غير بعيد عن الحدود الإيرانية وأخرى حول بغداد كقوات احتياط للدفاع عن النظام في حالة تعرضه إلى محاولة انقلابية أو ثورة شعبية أو ضربة عسكرية من الخارج. إلا يدعو هروب قادة المنظمة وترك اكثر قواتها عرضة للتدمير وليس لهم منفذ للخلاص، الدول العربية وقادتها إلى التفكير بجدية في التخلي عن النظام العراقي المحتضر والاستفادة من الوضع العالمي الحالي الذي يحتاج إلى تحالف جديد من اجل إسقاطه، عن طريق عملية مساومة باستبدال رأس ساقط حتما بسيف القوات الأمريكية البريطانية بحل أهم القضايا القومية تعقيدا، ألا هي المعضلة الفلسطينية حسب قرارات الأمم المتحدة ؟ ألا يثير الحكومات العربية تغير الموقف الروسي واستثمار روسيا ذلك من اجل مصالحها الاقتصادية والأمنية بالتقرب إلى الولايات المتحدة لكي تستفيد بمقايضة حل قضية عادلة بنظام منهار ؟ أليس الإعلان بصراحة عن الرغبة الحقيقية التي تعتمر في قلوب اغلب الزعماء العرب في إسقاط النظام العراقي وليس بقائها في الصدور فيه مصلحة الشعوب العربية ؟ أن الوقوف مع تطلعات الشعب العراقي الآن في الإسراع بخلاصه من جلاده، النظام البعثي العراقي، سوف يساعد الأمة العربية أن تنطلق في الألفية الثالثة بقوة بعد إنهاء أهم عقبتين تقفان أمام تضامنها وعملها المشترك، وهما النظام العراقي وطرق حل القضية الفلسطينية.