نضال حمد
&
قرأت يوم أمس خبرا مفاده أن نحو 500 شخص مصري تقريبا تظاهروا أمام السفارة القطرية بالقاهرة, وذلك ليعبروا عن احتجاجهم على استخدام قاعدتي "العديد و السيالية" العسكريتين الأمريكيتين في قطر. وأصبح واضحا أن مركز العمليات الأمريكية ضد العراق سوف يكون إمارة قطر وبالذات القواعد الأمريكية الموجودة هناك. خاصة أن الاتفاق الذي تم توقيعه قبل فترة قريبة بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية وقطر يعتبر بمثابة تشريع للوجود الأمريكي في الأمارة وتأكيد على الدور الهام والإستراتيجي الذي تقوم به الأمارة الصغيرة. وهذا الدور القطري الغريب يعتبر دورا أكبر من حجم وطاقات وإمكانيات دويلة صغيرة في المنطقة,كما هو حال قطر. لقد حاولت قطر التقليل من أهمية الاتفاق المذكور ودوره في الحرب المحتملة على العراق, لكن كل تلك التطمينات القطرية تعتبر عديمة الجدوى والفائدة ما دامت أمريكا هي التي تقرر فعل أي شيء وقتما تريد وكيفما تشاء. والاتفاق الأمريكي القطري الأخير يمنح الولايات المتحدة الأمريكية تسهيلات كثيرة وعديدة, ستساعد أمريكا في استخدام تلك الأراضي لشن عدوانها على العراق وحتى ما هو أبعد أو أقرب من العراق.
أما إمارة قطر الصغيرة والتي تقوم منذ فترة غير قصيرة بلعب أدوار كبيرة, فليست بريئة مما يحدث في المنطقة من أشتعالات واختناقات, وهي لم تتوار عن دعوة الشركات الصهيونية لحضور المعارض السياحية والمؤتمرات الاقتصادية والصناعية الرياضية التي شهدتها الدوحة على الأقل خلال فترة الانتفاضة الفلسطينية الثانية. وكانت الإمارة تقدم أسباب غير مقنعة عن دعوتها للصهاينة. كما أن الديبلوماسية القطرية واصلت عملها كالمعتاد ومتنت علاقتها بالدولة الصهيونية عبر لقاءات جانبية بين القيادة السياسية القطرية وبعض قيادات الصهاينة. وبالنسبة للفلسطينيين لا يوجد لهذه العلاقة ما يبررها أو يدعو لبقائها خاصة وأنها لم تأت بفائدة على الشعب الفلسطيني أو رئيس السلطة الفلسطينية المحاصر في مقر المقاطعة منذ أشهر طويلة.
على القيادة القطرية أن تبحث لنفسها عن طريق أقل وعورة وخطرا وأكثر مصداقية في التعامل مع الأشقاء والأعداء.إذ لا يمكن تبرير و تعميم بقاء الاتصالات السياسية وغيرها بين الدول العربية والكيان الإسرائيلي الذي يزداد بطشا وعداء لكل ما هو عربي.
ألم تسمع القيادات العربية ومنها القطرية الطلب الذي تقدمت به مجموعات صهيونية في القدس المحتلة تطالب عبره منع إقامة الأذان في مساجد القدس المحتلة وتغريم كل مسجد يفعل ذلك.
&ألم يعلموا لغاية الآن أن الكنائس الفلسطينية لازالت مقفلة بوجه المصلين بسبب محاصرتها وعزلها من قبل الجنود الصهاينة وأنه لا يحق للفلسطيني الاحتفال بأعياد الميلاد التي تخصه قبل غيره من البشر والمؤمنين برسالة المخلص النصرواي, سيدنا عيسى المسيح.
&ألم يدروا أن الرئيس عرفات لا يستطيع الخروج من مقره لأكثر من أمتار معدودة, وأنه لا يمكنه التوجه إلى بيت لحم للاحتفال مع شعبه بالأعياد, لأن الاحتلال الصهيوني وقادته الذين تلتقي بهم القيادات العربية هم من يرفض ذلك..
&هل توقف شلال الدم الفلسطيني المفتوح لنقل أن الأمور بحاجة لدعم أو سند خارجي كي تسير القاطرة على السكة التي أعدت لها. لم تتغير الأمور ومازال الفلسطيني يدفع فاتورة السلام الأمريكي الصهيوني, سلام الشجعان الذي جعل فلسطين مجموعة جزر محاصرة بأسماك القرش والموت والخطر والفناء. هذا السلام الفاشل, الذي كان حجة قطر وغيرها من الدول العربية التي أقامت علاقات دبلوماسية واقتصادية وثقافية وإعلامية مع الكيان الصهيوني.
&هذا السلام هو نفسه يذبح الفلسطينيين و يعيد تجديد نكبتهم بأسم المحافظة على أمن اليهود والسلام المرتبط بأمنهم على حساب حياة الفلسطيني وأمنه وسلامته وسلامه. بعد كل هذا,هل مازال هناك ما يبرر اللقاءات العربية الرسمية المستمرة مع الصهاينة في العلن وبالسر؟؟..
أما للذين تظاهروا في مصر احتجاجا على تسهيلات قطر المقدمة لأمريكا كان عليهم كذلك الإشارة للسفن والبوارج والأساطيل الحربية الأمريكية والبريطانية وغيرها التي عبرت وتعبر قناة السويس المصرية باتجاه العراق والخليج بشكل منتظم وبموافقة السلطات المصرية.
نحن لا نشك أبدا بصدق المتظاهرين ومشاعرهم القومية, لكننا نقول لهم أن الدول العربية ومنها مصر وقطر مطالبة بوقف التسهيلات المقدمة للتحالف الأمريكي البريطاني,لأنه لا يجوز الوقوف ضد الحرب رسميا وعلى الجهة الأخرى السماح للقوات الغازية والمعادية عبور بحار وأجواء وأراضي تلك الدول, للوصول إلى ساحة الحرب المتوقعة والمحتملة.
&ونقول مصر بالذات لأنها المركز العربي الأهم والأكبر وهي الدولة القادرة على بلورة موقف عربي موحد من الحرب, وتبقى مصر للعرب كالقلب للجسد, إذا أصاب القلب أي عطل تعطل كامل الجسد. ومصر أم العرب هي المطالبة قبل غيرها بالتأكيد على رفض الوجود الأمريكي المسلح في الخليج, حيث آلاف الجنود من الأمريكان والبريطانيين وغيرهم يقيمون في قواعدهم الخليجية. ثم من أجل من ولماذا هم هناك؟ انهم يحتلون المنطقة بحجة محاربة النظام العراقي والحفاظ على أمن جيرانه وحماية خطوط النفط وإمداداته من المنطقة.
هذا الوجود الغربي مرفوض وغير مقبول من أي عربي, لأنه وجود غير مرغوب وغير محمود.ومجرد وجود تلك القوات في السعودية والكويت وقطر وعمان والبحرين وبحر العرب, يعني أن تلك الدول لا سيادة لها على أراضيها وبحارها وان كانت هناك سيادة فهي منتقصة.
هذه الظاهرة التي سمحت وشرعت للغزاة البقاء في بلادنا من بعد تحرير الكويت من العراقيين وإخضاعها لهيمنة القوات الموجودة هناك من الأمريكان والبريطانيين, يجب أن تزول من الوجود ويجب إعادة الاعتبار للعقل العربي وللمصالح العربية. لأن الوجود الأمريكي والغربي الذي يعتبر مكملا للوجود الصهيوني يعمل لخدمة أطماع الآخرين بأرضنا وثرواتنا ولا يجلب للشعوب المغلوب على أمرها حياة افضل أو أنظمة حكم أكثر عدلا.هذا الوجود موجود لتكريس الواقع الحالي, واقع التشرذم والتفرقة والتناحر والتسابق على تقديم الخدمات للأعداء. لذا شعوبنا العربية مطالبة بطرد القوات الأجنبية والقواعد الأمريكية البريطانية أولا وقبل أي شيء ومن ثم العمل على ترتيب البيت العربي بيتا بيتا...&&