الدوحة -سليمان نمر-فيصل البعطوط وحسن الفقيه:وجدت دول مجلس التعاون الخليجي التى اختتمت قمتها الثالثة والعشرين امس الاحد في الدوحة نفسها عاجزة عن منع الولايات المتحدة من توجيه ضربة عسكرية للعراق واعترفت علنا بهذا العجز.&وقال وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في ختام القمة السنوية امس "نحن في قطر وفي دول مجلس التعاون عاجزون عن كبح جماح اميركا".
&ولم يتطرق البيان الختامي للقمة الى مسالة الاستعدادات العسكرية الاميركية لشن حرب على العراق، واكتفت دول مجلس التعاون بتاكيد موقفها المبدئي حول ضرورة "احترام استقلال العراق ووحدة اراضيه وعدم التدخل في شؤونه الداخلية".&يشار الى ان دول المجلس الست، السعودية والكويت والامارات وقطر والبحرين وعمان معنية بشكل او باخر بهذه الاستعدادات الحربية الاميركية.
&ولم تغلق اي من هذه الدول قواعدها امام الولايات المتحدة التي تنشر في المنطقة 65 الف جندي وتعتزم ارسال 50 الفا اخرين، في انتشار يشبه ذلك الذي تم قبل حرب الخليج عام 1991.&واضاف الوزير القطري "نحن غير قادرين على منع الولايات المتحدة من القيام بحربها اذا ما قررت ذلك".&يشار الى ان وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفلد وقع في 11 كانون الاول/ديسمبر في الدوحة اتفاقا مع قطر يعطي غطاء رسميا للوجود العسكري الاميركي في قطر ويسمح بتطوير منشآت قاعدة العديد حيث يرابط اربعة الاف جندي اميركي وحيث تملك واشنطن اكبر مستودع للعتاد العسكري في المنطقة.
&وقد تبنت القمة الخليجية موقف الكويت باستنكار خطاب الرئيس العراقي صدام حسين في 7 كانون الاول/ديسمبر الذي اعتذر فيه للكويتيين عن اجتياح بلدهم في بداية التسعينات .&وجاء في البيان "يستنكر المجلس الاعلى (القمة) ويدين مثل هذه الادعاءات والافتراءات التي تهدد الامن والاستقرار في المنطقة ويدعو الحكومة العراقية الى ضرورة الالتزام الكامل بكافة القرارات الدولية والعربية ذات الصلة وخاصة ما يتصل منها بالافراج عن الاسرى والمحتجزين الكويتيين وغيرهم من رعايا الدول الاخرى واعادة كافة الممتلكات الكويتية (..) والكف عن هذه الممارسات".
&ورغم اجواء الحرب فان دول الخليج عبرت عن رغبتها في حل سلمي للازمة خشية ان يؤدي نزاع جديد في العراق الى زعزعة استقرار المنطقة.&واضاف الشيخ حمد بهذا الخصوص ان القمة ركزت خلال مداولاتها على بحث الموضوع العراقي والاحتمالات المستقبلية للوضع في العراق قائلا "ان هناك قرارات غير معلنة اتخذت في هذا الشأن".
&من جهته قال مسؤول خليجي كبير شارك في الاجتماعات& ان القمة "تركت لكل دولة انطلاقا من مبدأ السيادة الوطنية" كيفية التعامل مع الحرب و"المستحقات التي ستفرضها واشنطن على دول المنطقة لمساعدتها".
&ويبدو ان الكويت، التي لا تزال مرتابة ازاء النظام العراقي بعد 12 عاما على اجتياحها من قبل الجيش العراقي، ليست في وضع يخولها ان ترفض السماح للولايات المتحدة باستخدام اراضيها في حال ضرب العراق.
&واكد مسؤول كويتي رافضا الكشف عن اسمه "نحن لا نستطيع ان نمتنع عن تقديم تسهيلات ومساعدات للقوات الاميركية في حربها لان الولايات المتحدة سبق وان ارسلت ابناءها وقواتها الى الكويت مواجهين خطر الموت من اجل تحرير بلادنا من الغزو والاحتلال العراقي".
والموقف الرسمي للكويت، حيث ينتشر حوالى 15 الف جندي اميركي، يقول بان اي هجوم على العراق يجب ان يحصل بتفويض من الامم المتحدة لكن الولايات المتحدة يمكن ان تطلق هذه الحرب بدون قرار جديد من مجلس الامن.&وحتى السعودية التي كانت تبدو اكثر ترددا في المشاركة في ضربة محتملة ضد العراق لم تغلق تماما الباب امام مشاركتها في مثل هذه العملية.&والمح وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل امس الاحد في حديث لشبكة "سي ان ان" الى ان بلاده قد تتعاون في عملية عسكرية اذا جرت تحت رعاية الامم المتحدة.
في المقابل اعتبر اعلان الاتحاد الجمركي بين دول مجلس التعاون بداية من الاول من كانون الثاني /يناير القادم "انجازا كبيرا" حققته الدورة 23 لقمة مجلس التعاون الخليجى غير ان محللين اقتصاديين وخبراء يرون ان بعض الدول الخليجية لن تستفيد كثيرا من هذا الاتحاد.
&واكد مختار متولي عميد كلية الادارة والاقتصاد بجامعة قطر لوكالة فرانس برس ان "نجاح الاتحاد الجمركي الخليجي يتوقف على امرين اساسيين الاول نسبة التجارة البينية الى جملة التجارة لكل عضو من اعضاء مجلس التعاون والثاني نسبة التجارة الخارجية الى الناتج الاجمالي المحلي".
&ويوضح عمر باقعر استاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز ان دول مجلس التعاون الخليجى "لم تنجح فى التوصل الى اتفاق على توزيع حصص الجمارك فيما بينها وتدرس عدة خيارات يهذا الشأن".&وكان وزراء مالية المجلس الذي استضافت الدوحة قمته يومي السبت والاحد الماضيين اتفقوا فى حزيران يونيو الماضى على توزيع عوائد الجمارك حسب الوجهة النهائية للسلع المستوردة وذلك لمدة ثلاث سنوات.&لكن الدول الاعضاء "تدرس حاليا صيغا اخرى للتوزيع قد تقوم على فكرة التناسب الطردى بين نسبة العائدات الجمركية ونسبة السلع التى يستوردها كل بلد".
&ومثل هذه الالية فى التوزيع تعنى حصول المملكة العربية السعودية على نصيب الاسد ذلك ان اجمالى واردات المجلس عام 2000 بلغ 150 مليار دور من بينها 5،102 مليار دولار واردات سعودية أى اكثر من ثلثى الواردات الاجمالية.&وثمة مشكلة اخرى تتعلق باستيراد المشروبات الكحولية التى تسمح بها بعض الدول وتمنعها دول اخرى خاصة السعودية.&وقد تم الاتفاق نظريا على السماح باستيراد المشروبات الكحولية للدول الراغبة شرط الا يعاد تصديرها الى دول اخرى وهى مسألة بالغة الصعوبة عمليا فى تجمع يفترض ان تزال داخله الحواجز الجمركية.
&واضاف ان "بعض الدول الخليجية لن تستفيد كثيرا من هذا الاتحاد مقابل اخرى يمكن لها الاستفادة منه بسبب اتساع وتنوع قاعدتها الصناعية التصديرية".&وكانت قمة مجلس التعاون اصدرت في ختام اعمالها "اعلان الدوحة" بشأن قيام الاتحاد الجمركي بين دول المجلس اعتبار من الاول من كانون الثاني/يناير 2003.&وجاء في الاعلان انه "مع العمل بهذا الاتحاد تكون دول المجلس قد اصبحت منطقة جمركية واحدة تستبعد فيها الرسوم والضرائب الجمركية واللوائح والاجراءات المقيدة للتجارة بين دول الاتحاد وتطبق فيها لوائح جمركية موحدة بواقع 5 بالمئة تجاه العالم الخارجي".
&ويقوم الاتحاد الجمركي على "مبدا نقطة الدخول الواحدة التي يتم فيها اتمام جميع الاجراءات الجمركية على البضائع الاجنبية المستوردة وتحصيل الرسوم الجمركية الموحدة على البضائع الاجنبية ..".&وسيتم تنفيذ الاتحاد الجمركي لدول المجلس من خلال نظام قانون جمركي موحد ينظم الاجراءات الجمركية في دول المجلس وتعتمد فيه لوائح وانظمة متماثلة في المجالات ذات الصلة بالاتحاد الجمركي.
&واعتبر وزير الاقتصاد القطري الشيخ حمد بن فيصل ال ثاني الاحد (اكرر الاحد) ان الاتحاد الجمركي الجديد يمثل "نقلة نوعية في مسيرة العمل الخليجي المشترك" مشيرا الى انه "تم اقرار نقطة الوصول الجمركية لكل دولة من دول المجلس".&غير ان مختار متولي الذي يشغل ايضا منصب المنسق الاكاديمي للمركز الوطني للابحاث الاقتصادية في قطر يرى ان "هناك خطوات مطلوبة من بعض البلدان الخليجية التي لن تستفيد شيئا من الاتحاد الجديد طالما ان تجارتها البينية ضعيفة".
&واورد في هذا السياق امثلة عن قطر والكويت وسلطنة عمان. وقال "ان تجارة هذه الدول الثلاث تقترب من الصفر وبالتالي فلا احد منها سيستفيد من الاخر".&واضاف ان "على دولة مثل قطر ان تشجع تصدير سلعها الى كافة دول المجلس لكي تزيد من استفادتها".&ودعا الى اعادة تقييم التجارة البينية بين قطر والكويت وسلطنة عمان مشيرا الى ضرورة "توسيع القاعدة الصناعية لزيادة وتنويع الصادرات الى باقي الدول الاعضاء في مجلس التعاون".
&واوضح الاكاديمي الذي اعد بحثا تحليليا عن التجارة البينية بين قطر ودول مجلس التعاون، ان "اكبر مستفيد من الاتحاد في الوقت الحالي هو المملكة العربية السعودية وتليها دولة الامارات العربية المتحدة".&ومع ان الاعلان عن الاتحاد الجمركي لم يكن مفاجأة فقد بدا ان المعنيين به مباشرة لم يطلعوا بعد على كامل التفاصيل والاليات التي سوف تحكم عملهم ابتداء من الاول من كانون الثاني/يناير القادم.
&وفي هذا السياق قال محمد بن خالد المانع رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر لوكالة فرانس برس ان "التجار مازالوا يجهلون الطريقة التي سوف يتعين عليهم بموجبها دفع الرسوم الجمركية عندما تدخل البضاعة المستوردة من نقطة حدودية الى بلد غير بلد التاجر المعني بالدفع".&ويضيف المسؤول التجاري القطري انه "يجب انتظار الممارسة على الارض لكي تتضح الالية التي ستدير عملية تحصيل الرسوم الجمركية"، غير انه يرى ان للاتحاد الجمركي بعدا سياسيا يقول عنه انه "يؤكد مبدا التعاون وتوحد وجهات النظر بالنسبة للقيادات السياسية في الخليج" .
&بيد ان الدكتور محمد المسفر استاذ العلوم السياسية في جامعة قطر يعتقد ان "الاتحاد الجمركي لم يعكس توحدا في الرؤى بقدر ما هو امر مفروض على الدول الخليجية من الاتحاد الاوروبي ومن منظمة التجارة العالمية".&وفي المقابل يؤكد محمد المانع على ايجابيات الاتحاد الجمركي ومنها "فتح اسواق خارجية للسلع الخليجية بالاضافة الى الغاء القيمة المضافة للسلع ذات المنشأ الخليجي والتي يقدر حدها الادنى ب 40 بالمئة" الامر الذي من شأنه ان "يرفع حجم التجارة بين دول المجلس بشكل تلقائى".