دبي - منذ انتشار الانترنت والقنوات الفضائية والتكهنات تتواصل حول مدى تأثيرهما على توزيع الصحف والمجلات·· بعض هذه التكهنات أكد قرب نهاية عصر نشر المعرفة بالشكل المطبوع ليحل محله النشر الالكتروني·· وآخرون أشاروا الى ان التاريخ لم يشهد احالة اختراع لاختراع سابق عليه الى التقاعد ولكل وسيط معلوماتي رواده لكن المهم أن يطور مسؤولو كل وسيط محتواه بما يحافظ على مستويات توزيعه· علاء العربي تابع نقاش الموضوع في اتحاد الموزعين العرب على هامش مؤتمرهم السنوي بعنوان القنوات الفضائية والانترنت وتأثيرهما على توزيع الصحف والمجلات··
شارك بالندوة وفاء دعبول مدير شركة أورينتال اللبنانية للتوزيع وسيد عباس نائب رئيس اتحاد الموزعين العرب ومحمد عبدالرحمن مدير التوزيع بمؤسسة الشرق القطرية وفهد محمد باخيضر مدير الطباعة بمؤسسة تهامه السعودية ونبيل عاصي مدير التوزيع بمجلة الصدى وناصر الظاهري رئيس تحرير مجلة المرأة اليوم وعبدالله الحريزي مدير شركة سوشبريس المغربية للتوزيع·
قال وفاء دعبول ان المنافسة بين الانترنت والفضائيات من جهة والصحافة وتوزيع المطبوعات من جهة اخرى محسومة للوسيلة القادرة على ايصال المعلومات للمتلقي في أقل وقت ممكن أي أنها لصالح الانترنت والفضائيات· وأضاف ان المطبوعات الصحفية تتعثر في الوصول الى المتلقي بسبب العراقيل الاجرائية التي تضعها كل سلطة حاكمة·
ويرى ان الصحافة المكتوبة قد تراجعت الى الخطوط الخلفية تبحث عن مقومات تعيد اليها بريقها وأن ما يؤكد انطفاء هذا البريق حاليا ما حدث في ولاية بوسطن الأميركية حيث مكتبة out of town news قرب جامعة هارفارد التي كانت في نمو مستمر منذ خمسين عاما، لكن في السنوات الثلاث الأخيرة أنخفض ربحها بنسبة 50 في المئة، فقد كانت تبيع 300 مجلة وصحيفة متنوعة، واليوم لديها 130 مجلة فقط!، والسبب يرجع الى شبكة الأنترنت حيث فضلت معظم المطبوعات النشر بواسطة هذه الشبكة، حتى ان احدى الشركات أعلنت ان حوالي 2500 مجلة أميركية وكندية تنشر صحافتها على الأنترنت··
وقال ان العالم العربي في ظل أضحلال الحرية الصحفية وغياب التكنولوجيا الحديثة، سيندفع الى الوسائط الألكترونية والفضائيات للحصول على المعلومات الى جانب أننا كأفراد نعشق كل جديد وسنجد معظم الصحف العربية قد جعلت لها موقعا على الأنترنت من أجل مسايرة التقدم الحالي··
واضاف ان امتلاك التكنولوجيا لا يعني امتلاك التقدم، ولكن الأهم في العصر القادم ان نكون مبدعي هذه التكنولوجيا، والمستقبل يحمل الكثير من السلبية في نشر وتوزيع الصحف والمجلات في الوطن العربي واذا كنا نرغب في تعديل هذا المصير فلابد من زيادة جرعة الحرية في مطبوعاتنا·
وأكد سيد عباس أن عزوف القراء عن شراء المطبوعات اصبح امرا واضحا بسبب الانتشار الكبير للانترنت والمحطات الفضائية، فإلاطلاع عليها أو مشاهدتها أرخص وأسهل وأسرع في نفس الوقت كما آن انتشار مقاهي الانترنت في الشوارع العربية والتي تصل الى 9 آلاف مقهي بالأضافة الى خطوط الانترنت في المنزل والمكتب توفر اي معلومة للشخص في اي مجال يريد وبأسعار زهيده بل ومجانية في بعض البلدان بينما تضاعفت اسعار الكتب والمطبوعات الصحفية خلال السنوات الماضية مما جعل شراء المطبوعة أمرا صعبا خاصة بالنسبة للقراء من ذوي الدخل المحدود ويجب توفير المطبوعة بسعر مناسب·
الرقابة والسياسة
وقال محمد عبدالرحمن ان عمليات توزيع الصحف بعد طباعتها تصطدم ببعض الاجراءات الروتينية مثل الرقابة والمواقف السياسية المتباينة بين الدول العربية مما يؤدي الى تأخر طرح الصحيفة أو المجلة في الأسواق وحرمان القراء من متابعة مطبوعتهم في الاوقات المناسبة· وهو ما يدفع الكثيرين الى اللجوء الى الانترنت للاطلاع حيث لا توجدرقابة ولا رقباء··
وأضاف ان هذا سوف يؤدي الى ازدهار شكل جديد للصحف والمجلات وهو الشكل الالكتروني في مواجهة تقلص الشكل التقليدي الحالي، فعلى الرغم من ان الصحافة الالكترونية لا تزال في حيز التجريب فإن الخبراء يؤكدون ان المستقبل لها لانها تتيح سرعة الوصول الى المعلومة وسهولة الأختيار وتنوع الخدمات وسقوط الرقابة كما أن الصحافة الالكترونية تخلق مناخا اختياريا للمتلقي حيث تسهل عليه الاتصال وتوفر عليه الجهد والمال·
ويرى ان المحطات الفضائية تتميز بالتنوع الكبير فهي لا تخاطب العين أو الأذن فقط ولا تقتصر على العقل والوجدان كما هو الحال بالنسبة للمطبوعات مثل الصحيفة المكتوبة، بل تخاطب الشعور والعاطفة والغرائز وتسترجع صور الماضي والتجارب القديمة فتسيطر على قلوب المشاهدين وتجذب انتباههم وتعمل على نقل المشاهد من حادثة الى اخرى كما تنقل الاحداث من مكان حدوثها مما كان له الأثر الكبير في تلبية حب الاستطلاع لدى جمهور المشاهدين·
وقال ان الصحف والمجلات الورقية اذا أرادت الحفاظ على مكانتها لدى القراء فلابد ان تطور محتواها وابوابها المختلفة الى جانب محاولة جذب رؤوس اموال جديدة لتعويض تراجع ايرادات الاعلانات وتوظيف التكنولوجيات الحديثة لخدمة عمليات الطباعة والتوزيع·
وقال فهد محمد باخيضر ان انتشار الانترنت والقنوات الفضائية يفرض تحديا جديدا ليس على الصحف والمجلات المطبوعة فقط ولكن على شركات التوزيع ايضا، فإذا كان القاريء حاليا يتصفح صحيفته صباحا من خلال موقعها على شبكة الأنترنت ويستقي الأخبار الحية على الهواء من أماكن حدوثها، فإن ذلك ينعكس سلبا على توزيع الصحف الا انه يظل مرتبطا بصحيفة عبر ابوابها العديدة وبمجلته في تحليلاتها وبيان أسرار وقوع الأحداث طالما حرصت المطبوعات على تطوير ادائها الصحفي·
وقال إن عدد مستخدمي الأنترنت في المنطقة العربية تجاوز عددهم حاليا 7 ملايين مستخدم وسوف يصل الى 25 مليون مستخدم عام ،2005 ورغم ذلك لا يمثل الوطن العربي سوى 1,3 في المئة من اجمالي مستخدمي الانترنت في العالم وبفضل العوامل الاقتصادية المشجعة لدول مجلس التعاون الخليجي فإنها تمثل 41 في المئة من اجمالي مستخدمي الانترنت في الوطن العربي رغم ان تعداد سكانها لا يتجاوز 11 في المئة من اجمالي سكان المنطقة العربية·
ودعا الى خطة قومية عربية طموحة من خلال اتحاد الموزعين العرب لالغاء جميع القيود الاجرائية التي تعرقل انسيابية توزيع الصحف والمجلات والغاء اي ضرائب أو اعباء مالية على المطبوعات وتخفيف القيود الرقابية على الكلمة المطبوعة، خاصة وأن العديد من الدراسات أكدت أضمحلال قدرة مؤسسات التوزيع العربية على زيادة نسب توزيع المطبوعات أو الوسائط المعرفية رغم خبراتها المتراكمة·
المعرفة الغائبة
وقال نبيل عاصي: نحن في العالم العربي في أدنى سُلم انتاج وتوزيع المطبوعات المختلفة فالدول العربية التي يزيد عدد سكانها على 250 مليون نسمة تنشر حاليا مجتمعة من الكتب في عشرين سنة ما تصدره دولة اوروبية واحدة مثل اسبانيا في سنة واحدة! ولابد ان نجذب المزيد من القراء الذين لا يرغبون في المعرفة أصلا·
جاح التوزيع وتميزه لأي مطبوعة يأتي بتوافر جهاز التحرير الواعي والمواد والصور والاعلانات، والغلاف والذي له دور كبير في زيادة معدلات لتوزيع وكذلك الطباعة والنواحي الفنية من حيث نوعيات الورق المستخدم والأخبار وجودتها وتقديم ملاحق وأشرطة واسطوانات وغيرها من الهدايا المجانية، ومراعاة مقدرة القاريء على الشراء ثم في النهاية جهاز جيد وأمين للتوزيع·· الذي تقع عليه مسؤولية توصيل المطبوعة في الوقت والمكان الملائمين للقاريء·
وأضاف: ليست كل الصحف أو المجلات لها مواقع علي الانترنت، فلا يمكن للقاريء الاستغناء على الاقل الآن عن مطالعه وقراءة الصحف الورقية في مقابل عدم انتشار الانترنت والفضائيات بالقدر الذي يجعل القارىء يتحول عن الصحيفة الورقية وسيبقى لمصادر المعرفة التقليدية الكتاب والصحيفة شيء من التقدير والخصوصية لدى القاريء وعلاقة لا يمكن لوسائل المعلومات التكنولوجية أن تعوضها·
وقال ان الدراسات الأميركية تؤكد ان نحو ستين في المئة من الموظفين يفضلون قراءة التقارير والوثائق على الورق والنسبة نفسها تعتقد ان القراءة على الورق أسهل من القراءة على الشاشة، وما زال نحو ثلاثة وثلاثين في المئة منهم يطبعون بريدهم الالكتروني على الورق لقراءته، وتبين ايضا من خلال احصائيات اجرتها شركة برتيني بوز في اميركا ان 61 في المئة من العائلات تفضل استقبال الاعلانات الترويجية عبر منشورات ورقية بالبريد العادي في حين يفضل 22 في المئة منهم سماعها عبر الراديو و9 في المئة عبر الهاتف و7 في المئة عبر الانترنت·واكد الظاهري ان هذه النتائج الايجابية لا تعني الأسترخاء وعدم البحث عن صيغة جديدة لمحتوى المطبوعات المختلفة·· فالسباق بين كل الوسائط المعلوماتية قائم مهما اختلف شكله والذي سيفوز في النهاية هو القادر على ملاحقة حاجات القراء المعرفية والاجتماعية·
وقال عبدالله الحريزي: انه لا يتصور وجود اي تأثير سلبي لانتشار الانترنت والفضائيات على المطبوعات سواء أكانت صحفا أو مجلات أو كتبا وسيبقى للمطبوعات سحرها الذي ارتبط به القاريء ولن يستطيع على الأقل خلال نصف القرن الحالي الابتعاد عنها··
وأضاف: إذا كنا دولا متواضعة اقتصاديا والبعض يقول ان المطبوعات مناسبة، بسبب عدم وجود قدرة مادية للقراء للتوسع في اقتناء اجهزة الكمبيوتر للدخول الى عالم الانترنت أو مشاهدة الفضائيات فإن الدراسات والاحصاءات الحديثة من الدول المتقدمة تؤكد استمرار المطبوعات في اعتلاء عرش الوسائط المعرفية المعلوماتية، فإحصاءات اتحاد الناشرين الاميركيين اشارت الى ان كتاب هاري بوتر الذي بيعت منه 65 مليون نسخة خلال اربعة اعوام، طبع منه 30 مليون نسخة في عام واحد، مقابل سبعة ملايين نسخة لكتاب مذكرات جوليش وسجلت السوق الفرنسية هي الاخرى نموا في مبيعات الكتب بنسبة 5,2 في المئة، فيما شهدت حركة إعارة الكتب في المكتبات العامة ارتفاعا ملحوظا حيث بلغ 60 مليونا في العام 1980 مقابل 152 مليونا في العام ·1997
الاتحاد
&