فيصل يوسف
&
لم ينقطع النشاط السلمي الديمقراطي لأكراد سوريا من اجل حقوقهم القومية والديمقراطية في البلاد طيلة السنوات الماضية وهي موجهة للرأي العام السوري لإفهام قضيتهم باعتبارها مسالة وطنية وديمقراطية ولا تنفصل عن مجمل القضايا الأخرى التي تستوجب حلا عادلا وان على القوى الوطنية والديمقراطية ان تتجاوز سياسة تجاهل وجود الأكراد وقضيتهم القومية و أن تدافع عنهم بحزم ومبدئية بعيدا عن الأباطيل والأوهام التي تبثها جهات شوفينية في السلطة وخارجها حول نشاطات الأحزاب الكردية والذي مارسته مؤخرا من خلال الهامش النسبي& لحرية الرأي والتعبير في البلاد مثل الاحتفال المركزي الذي أقامه الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين لميلاده في 14 حزيران بشكل علني وبحضور ممثلي الأحزاب والقوى الوطنية السورية وكذلك الطاولة المستديرة في دمشق بتاريخ 27 أيلول لبحث معاناة الأكراد وتجمهر عشرات الأكراد المجردين من الجنسية أمام وزارة الداخلية في 18 آب مطالبين برد الجنسية إليهم في عريضة قدمت للسيد وزير الداخلية والطاولة المستديرة في مدينة القامشلي بتاريخ 22 تشرين الثاني بمشاركة أحزاب من الجبهة الوطنية والتجمع الوطني الديمقراطي وشخصيات مستقلة ومنظمات حقوق الإنسان والتواصل الدائم من قبل لجنة العلاقات الوطنية في المجلس العام للتحالف بكل المهتمين بالشأن الوطني،بمن فيهم عضوين من القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم وتسليمهما مذكرة تطالب بإيجاد حل للمعاناة التي يتعرض لها أبناء الشعب الكردي في سوريا وتوجيه /111/ شخصية ثقافية وسياسية واجتماعية من جميع أنحاء سوريا في العام الماضي& رسالة إلى رئيس الجمهورية تطالب بإعادة الجنسية لضحايا الإحصاء الاستثنائي الذي جرى في محافظة الحسكة حصراً في عام 1962م وإلغاء الغبن اللاحق بهم من جراء ذلك.
لقد هدفت الأنشطة المذكورة أعلاه في تسليط الأضواء مجددا على واقع المواطنين الأكراد المواطنين لإشراك القوى الديمقراطية و الوطنية في السعي لرفع الظلم عنهم و إيجاد حل لمعاناتهم المزمنة ومساواتهم مع باقي المواطنين وقدجاءت زيارة السيد الرئيس بشار الأسد لمحافظة الحسكة في آب الماضي، كأول رئيس جمهورية لها منذ عشرات السنين ليخلق مناخاً وانطباعاً لدى أبناء المحافظة عموماً والأكراد منهم خاصة بأن قضاياهم باتت في جدول عمله وهي في طريقها للحل ونقل عنه في سياق حديثه أثناء اجتماعه ببعض& الشخصيات في محافظة الحسكة: "أننا والأكراد أبناء تاريخ واحد وحضارة واحدة ويحق لهم ما يحق لغيرهم من المواطنين وسنسعى لإيجاد حل لمسألة المجردين من الجنسية".
ومنذ زيارة السيد الرئيس للمحافظة وحتى الآن فأن القوى الكردية بأطيافها& الاجتماعية والسياسية والثقافية تنتظر إجراءات عملية لإلغاء السياسات التمييزية المتبعة بحق المواطنين الأكراد بدءاً من تسجيل الولادات عن طريق شعبة الأمن السياسي ومسألة المجردين من الجنسية والمحرومين من الأراضي الزراعية وصولاً لنـزع حالة الإحباط واليأس التي يعيشها المواطن الكردي وإشعاره بأن ثمة نور في نهاية النفق وأنه لم يعد أسير النظرات القومية الضيقة و التي تضعه في قفص الاتهام دائما، لكن شيئا من ذلك لم يحدث حتى الآن لابل إن مصادر من السلطة وعبر صحف عربية، تشكك دوما في النشاطات الكردية وتعتبر الأكراد مجموعة متسللين قدموا من تركيا نتيجة الاضطهاد القومي الذي كان يمارس بحقهم وتتهم جهات خارجية بتمويل أطرافٍ كردية متطرفة في سوريا ( لإثارة القلاقل و شراء الأراضي وتربط ذلك بالظروف الإقليمية أو المؤتمرات العالمية ذات الصلة بقضايا حقوق الإنسان) والى ما هنالك من الاتهامات التي تطول وتطول وهي بمجملها أباطيل لا أساس لها من الصحة إذ ليس من الحكمة والموضوعية تجاهل حقيقة أن المواطنين الأكراد هم عنصر أصيل من النسيج الوطني السوري منذ تأسيس الدولة السورية وأن التشكيك في أصالتهم الوطنية هو إضعاف للوحدة الوطنية وأن كيل التهم لبعضهم دون تحديد وشواهد يجعل من الكل مدانا وتحت الطلب وهذا& نقض لمادة دستورية تقول بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته0
ان إحالة الأكراد السوريين للجغرافيا وللتاريخ المشوهين ولمزيد من التهم الزائفة والباطلة بغية عزلهم عن المجتمع السوري سياسة بائدة في عصر تغيرت فيه مفاهيم كثيرة فيما يتعلق بسيادة الدول وان الكثير من الشعارات باتت تسقط أمام المفاهيم ،فحقوق الإنسان والأفراد والمجموعات أصبحت ذات أبعاد عالمية إلى حد باتت فيه المطالبة بمبدأ المواطنة العالمية وتفعيل دور& محكمة الجنايات الدولية جزءا أساسيا من أهداف بعض المنظمات التي تناضل من اجل الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وإن الادعاء بان الأكراد متساوون مع غيرهم والاستشهاد بشخصيات سورية من أصل كردي في مواقع معينة بالدولة من اجل ذلك لا تحجب الرؤية عن معاناة مئات الآلاف من الأكراد المجردين من الجنسية والمحرومين من الأراضي الزراعية وحرمان الأطفال من التعلم بلغتهم الأم وإبقاء معظم الفلاحين الأكراد على طول الحدود التركية بدون أراض زراعية وجلب الفلاحين العرب إلى مناطق سكناهم من أجل امتلاك تلك الأراضي و ثمة عشرات الأمثلة الأخرى التي تبين عدم مساواة الأكراد مع غيرهم.
ان البحث عن الذرائع والمبررات لاستدامة السياسات التميزية بحق الأكراد السوريين بسبب مواقف هذا الحزب أو ذاك الشخص تتعارض مع حقوق المواطنة التي يتوجب على الدولة توفيرها لكل المواطنين بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس.. أو لولاء أيديولوجي معين.. وأن حقوق الأكراد هي حقوق وطنية ثابتة مثل حقوق باقي المواطنين السوريين ومن العدل أن يتمتعوا بها من منطلق أن الوطن للجميع وأخيراً يحذونا الأمل، وفي ظل الأوضاع العالمية، والإقليمية وما يراد من إصلاح شامل لأوضاع البلاد أن تلتفت القيادة السياسية وعلى رأسها الرئيس بشار الأسد، لمعالجة أوضاع المواطنين الأكراد فهم سوريون قبل أي صفة أخرى ولهم حقوقاً قومية و وطنية وعلى الدولة تأمينها وحمايتها من الأوساط الشوفينية في السلطة، التي تعكر الأجواء، وتستثمر ردات الفعل، للإبقاء على حرمان الأكراد من حقوقهم المشروعة في البلاد والاستمرار في المشاريع التمييزية نحوهم،والمحافظة على مواقعها السلطوية في الدولة.