الرياض- ايلاف: اكدت مصادر دبلوماسية أمريكية وأوروبية أن جهات دولية بارزة، بينها فرنسا وبريطانيا إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، قد أبلغت عددا من الدول العربية المعنية بالنزاع العراقي ومنها سوريا والأردن ومصر, أنه ما تزال هناك "فرصة ضئيلة" أمام الرئيس صدام حسين لتجنب الحرب المدمرة وإنقاذ نظامه من السقوط إذا ما اعترف فورا بامتلاكه أسلحة دمار شامل وأعطى تعليمات لتسهيل وصول المفتشين الدوليين إلى مواقع ومخابئ هذه الأسلحة لتدميرها, وأكدت أنه إذا رفض الرئيس العراقي الإقدام على هذا الإجراء وعلى خطوات أخرى تعزز ثقة مجلس الأمن به فإن الحرب تصبح حتمية وليس هناك مفر منها, وستكون هذه الحرب "مفاجئة" بتوقيتها وطبيعتها.
ونقلت صحيفة الوطن السعودية عن مصادر موثوقة قولها أن هناك حاليا تعاونا فرنسيا - سوريا وبريطانيا - سوريا لمحاولة تجنب الحرب تم التفاهم بشأنه خلال زيارة الرئيس بشار الأسد الأسبوع الماضي إلى كل من لندن وباريس ومحادثاته مع توني بلير رئيس الحكومة البريطانية ومع الرئيس جاك شيراك. وهذا التعاون يكمل جهودا غير معلنة تبذلها حاليا دول عربية بارزة.
وأوضحت المصادر أن بشار الأسد أبلغ كلا من بلير وشيراك أنه يدرك تماما أن قرار مجلس الأمن الأخير 1441 "لم يلغ الحرب كليا ونهائيا بل اكتفى بتأجيل اندلاع الحرب ضد العراق" وطلب مساعدة بريطانيا وفرنسا سياسيا ودبلوماسيا لتجنب الحرب. ووفقا لهذه المصادر فإن بلير أبلغ الأسد أنه هو الذي لعب مع كولن باول وزير الخارجية الأمريكي الدور الرئيسي في إقناع الرئيس بوش بإعطاء "الفرصة الكاملة" لعمليات التفتيش الدولي عن الأسلحة المحظورة في العراق وتأجيل الحرب وقال بلير للأسد إنه مستعد للعب هذا الدور السلمي مجددا ومنع العمل العسكري إذا ساعد النظام العراقي المفتشين فعليا على اكتشاف مواقع أسلحة الدمار الشامل وسهل بذلك إزالتها, وقد سمع الأسد كلاما مشابها من الرئيس شيراك وتم نتيجة هذه المحادثات التفاهم على التعاون لمنع وقوع الحرب.
وقالت الصحيفة انها علمت من المصادر ذاتها أن الجهات الدولية التي تحاول منع الحرب أبلغت دولا عربية بارزة معنية بالأمر أن المطلوب من صدام حسين اتخاذ القرارات والخطوات الرئيسية الآتية فورا أو بسرعة:
أولا: المطلوب من النظام العراقي أن ينفذ القرار 1441 ليس وفقا للتفسير العراقي بل وفقا لنص وروح هذا القرار الذي يضع على العراق وليس على المفتشين مسؤولية كشف كل ما لديه من أسلحة دمار محظورة والمساعدة على تدميرها. وضمن هذا الإطار فإن التقرير العراقي الضخم عن برامج أسلحة الدمار "ليس مقبولا لأنه تقرير ناقص ويخلو من معلومات وأدلة موثوق بها عن إزالة أسلحة الدمار" في هذا البلد.
ثانيا: المطلوب من صدام حسين أن يفاجئ العالم, كما فاجأه مرارا في السابق, وأن يعلن أن العراق يملك فعلا أسلحة دمار شامل ويحدد مواقعها ويسهل وصول المفتشين إليها لإزالتها ويقدم لهؤلاء كل الضمانات والمساعدات التي يريدونها والتي تطمئنهم فعلا إلى أنهم سيتمكنون من إخلاء هذا البلد من أسلحة الدمار الشامل وشددت هذه الجهات الدولية في اتصالاتها مع هذه الدول العربية على أن المطلوب من صدام حسين أن يقدم على هذه الخطوة المهمة قبل أن يكتشف المفتشون بأنفسهم, واستنادا إلى المعلومات الجديدة لأجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والألمانية وغيرها, مواقع ومخابئ هذه الأسلحة مما يدفع حينذاك إلى اتهام العراق بأنه "انتهك ماديا" القرار 1441 ويمهد لاندلاع الحرب. وفي هذا المجال أكدت المصادر ذاتهاأن المسؤولين في الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن وكذلك هانز بليكس ومحمد البرادعي المسؤولان عن عمليات التفتيش في العراق, "مقتنعون" بأن التقرير العراقي عن برامج الأسلحة لم يكشف كل الحقائق فيما يتعلق ببرامج التسلح النووي والكيميائي والجرثومي والصاروخي المحظورة ولم يكشف ما يملكه العراق من قذائف محشوة بأسلحة كيمائية وجرثومية ومن طائرات بلا طيار قادرة على رش أسلحة كيميائية وجرثومية على مدن ومواقع في المنطقة.
وعلى هذا الأساس فان هانز بليكس سيطلب رسميا "إيضاحات" من المسؤولين العراقيين حول النواقص المتعددة في التقرير وسيطرح عليهم أسئلة خطية كثيرة تتعلق ببرامج التسلح.
ثالثا: المطلوب من صدام حسين ليس فقط أن يقدم بسرعة إلى المفتشين قائمة كاملة بأسماء جميع العلماء والخبراء والمسؤولين العاملين في برامج أسلحة الدمار الشامل العراقية, بل أيضا أن يسمح للمفتشين باستجوابهم بحرية كاملة ومن دون رقابة وأن يسمح بسفر العلماء الراغبين في الرحيل مع أفراد عائلاتهم وأن يمتنع عن اعتقال أو إخفاء أي عالم مطلوب أو إخضاع العلماء للضغوط لمنعهم من التحدث بحرية إلى المفتشين وكشف مواقع الأسلحة المحظورة.
رابعا: المطلوب من صدام حسين أن يتخذ بسرعة سلسلة خطوات وإجراءات جدية تطمئن الكويت والدول الخليجية فعلا بأن العراق لن يهدد أيا منها أو يتدخل في شؤونها أو يقوم بأي عمل يعرض أمنها واستقرارها للخطر. ويجب أن تكون هذه التطمينات والضمانات مقبولة من الدول الخليجية وأيضا من مجلس الأمن.
وفي هذا المجال أكدت المصادر ذاتها لـ"الوطن" أن القراءة القانونية الدقيقة والصحيحة لقرار مجلس الأمن رقم 1441 توضح أنه ليس كافيا أن يقدم العراق إلى المجلس تقريرا ناقصا عن أسلحة الدمار الشامل, كما فعل, لكي يشكل ذلك "انتهاكا ماديا" للقرار 1441 ويبرر الحرب, بل لا بد من أن يكون هناك عامل آخر إضافي لاتهام العراق "بالانتهاك المادي" وهو أن يمتنع النظام عن التعاون فعليا وجديا مع المفتشين لكشف كل أسرار ومواقع أسلحة الدمار وإزالتها. وعلى هذا الأساس ما تزال هناك "فرصة ضئيلة" أمام صدام حسين لينقذ العراق من الحرب من خلال تنفيذ ما تنصحه به الجهات الدولية الراغبة في منع الحرب. وإذا لم يتجاوب صدام حسين فعلا وبسرعة مع هذه النصائح الدولية المدعومة من عدد من الدول العربية, فإن الحرب ستقع من دون أدنى شك وسيشارك فيها, إلى جانب أمريكا وبريطانيا, دول متعددة بصور مختلفة. ووفقا لهذه المصادر فإن المسؤولين الأمريكيين يريدون أن تكون هذه الحرب "مفاجئة" في توقيتها وطبيعتها, وليس هناك حتى الآن موعد نهائي لها لكنها, في أي حال, لن تنفذ قبل النصف الثاني من يناير المقبل.
&