نضال حمد
&
تزداد حرارة الانتخابات الإسرائيلية حرارة يوما بعد يوم, وتعتبر الورقة العراقية من أهم الأوراق التي يلعب بها المرشحون, وأكثر الذي يستغلونها ويستعملونها لمآربهم الانتخابية, الإرهابي, مجرم الحرب الدولي شارون. وقد تم استخدام الورقة العراقية بطريقة أثارت الرعب والهلع بين سكان الكيان الصهيوني. لأن شارون وأبواقه الدعائية والانتخابية صوروا العراق وكأنه قوة ما بعدها قوة من حيث التسلح البيولوجي والكيميائي. وحاولوا إيهام الرأي العام بأن صواريخ العراق سوف تنهمر على كيانهم فور اندلاع الحرب في الخليج. ومن آخر تصريحات شارون الانتخابية ما جاء على لسانه يوم أمس, حيث زعم رئيس الوزراء الصهيوني, أن القيادة العراقية قامت بنقل أسلحة كيماوية وبيولوجية إلى سوريا لإخفائها عن المفتشين الدوليين. وتأتي تصريحات الضبع شارون بعد أن فشلت لجان التفتيش الدولية حتى هذه اللحظة في العثور على أسلحة عراقية محظورة كالتي تدعي كل من أمريكا وبريطانيا وجودها في العراق, بحيث تكون الذريعة والشرارة لشن حرب عدوانية جديدة على المنطقة وليس على العراق وحده.
أما شارون والقيادات الصهيونية الأخرى فهدفهم من تلك التصريحات, إثارة الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي ضد العراق, الذي يصورونه وكأنه البعبع الذي يخيف البشر ويرعب الناس ولا يتوانى عن استعمال الأسلحة المحظورة ضدهم وضد الكيان العبري البريء!! وهؤلاء ينتظرون من تلك العواصف الانتخابية نتائج جيدة تعود عليهم بأصوات الناخب الصهيوني الذي يعاني منذ القدم من نقص أمني وعقدة اسمها الأمن. لكن هؤلاء البشر لا يكلفون أنفسهم عناء البحث عن أسباب انعدام الأمن في حياتهم. كل الدنيا تعلم أنهم سبب نكبة الشعب الفلسطيني وسبب تأخر المنطقة العربية عن مواكبة تطور العالم والانفتاح الديمقراطي. وما دامت فلسطين محتلة وشعبها مقهور ومشرد ومعدوم الحرية والسلام والأمن, ستبقى الدولة اليهودية بلا أمن وبلا سلام رغم تفوقها الحالي في معظم المجالات على معظم الدول العربية.
أما استغلال الحرب على العراق لتأجيج العداوة وتأزيم الموقف المتأزم من الأصل, هذا لن يساعد إسرائيل على الخروج من عزلتها وأزمتها التي سببتها لها الانتفاضة الفلسطينية المجيدة. بالإضافة لغباء سياسات الحكومات الصهيونية المتعاقبة منذ حكومة نتنياهو مرورا بباراك وحتى شارون حاليا. لأن تلك الحكومات التي لا تختلف عن بعضها كثيرا أو جوهريا من ناحية التعامل مع العملية السلمية والتفاوضية مع الفلسطينيين والعرب. فلتك الحكومات خطوط حمراء متفق عليها وتعتبر خطوطا مقدسة بالنسبة للمشروع الصهيوني الاستعلائي الاستيطاني. إذ لا يمكن تفكيك المستوطنات لأنها جاءت من وحي النظرية الصهيونية ومعظمها تم بنائه من قبل حكومات العمل بناء على برنامج تهويدي توسعي يصادر الأرض ويطرد أصحابها الأصليين. ولا يمكن بالنسبة لكلا المعسكرين الصهيونيين التنازل عن القدس كعاصمة موحدة لإسرائيل الصهيونية, مع أن القدس ليست قضية مسجد وكنيسة وكنيس وحائط للبكاء, إنها قضية سيادة وتاريخ ومستقبل للبلد والأجيال القادمة. كما لا يمكن القبول حتى بنقاش مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وعودتهم إلى ديارهم التي شردوا منها كما تنص قرارات الشرعية الدولية. لأن عودة اللاجئين تعني انتهاء يهودية الدولة, وهذا غير ممكن لأن إسرائيل دولة عنصرية وجدت لتكون وطنا لليهود الذي تم جمعهم وجلبهم من كافة الأقطار والأمصال لتحويلهم إلى شعب بالرغم من أنهم ديانة وليسوا شعبا. أذن عودة اللاجئين تعني نهاية يهودية إسرائيل. وهذا ما لن توافق عليه إسرائيل وهذا ما تردده ليلا ونهارا غير آبهة بقرارات المجتمع الدولي. التي هي نفسها أقيمت و وجدت على أساسها. والذين أخذوا تلك القرارات هم نفس الجهة التي أخذت وتأخذ القرارات في المسألة العراقية. لكن التعامل في المسألتين يختلف كليا, ففي العراق يلزم البلد وتلزم الدولة بتطبيق القرارات الدولية بينما في الكيان الصهيوني لا يتم حتى تذكير ذاك الكيان بأن هناك قرارات دولية يجب أن يلتزم بها.
&على كل إسرائيل تشعر نفسها وكأنها أمريكا الصغرى في العالم, فلا تلتزم بقرارات دولية ولا تطبق الشرعية الأممية. لأنها محمية من أمريكا ومدللة من العالم الغربي ومدعومة بالمال اليهودي العالمي. لم نر يهودا أو إسرائيليين يطالبون بلدهم الالتزام بالقرارات الدولية العادلة التي تعطيهم حتى أكثر من حقهم, بينما في العراق نجد عراقيين يطالبون بلدهم الالتزام بكل حرف وفاصلة ونقطة من قرارات الشرعية الدولية, مع أن تلك القرارات بمعظمها جائرة وظالمة, يدفع ثمنها أبناء الشعب العراقي المحاصر. مهما كان النظام الحاكم دمويا أو ظالما, إلا أن المسألة ليست النظام بقدر ما هي الوطن العراقي الذي تم اختياره ليكون نقطة البدء لأعادة تقسيم الغنائم وتلوين المنطقة بصبغة أمريكية صهيونية ظلت في مستودعات السياسة والاستعلاء الصهيوني الأمريكي البريطاني تنتظر طويلا قدوم الوقت الذي تعيد فيه احتلال الوطن العربي وشرق المتوسط من جديد.
هناك من العراقيين من يتحدث عن توطين أو تسكين أربعة ملايين فلسطيني في العراق, ويتحدث هؤلاء بالموضوع وكأنه شيء عادي أو ممكن وسهل. أنتم أيها السادة تتحدثون عن شعب يرفض التسليم ولا يقبل بأشباه الحلول, شعب يقاتل منذ 55 عاما نيابة عن الأمة العربية كلها. هذا الشعب لا يقبل بالتوطين لا في لبنان ولا في العراق ولا في النرويج أو أمريكا. لأن له بيت واحد أحد هو بيت المقدس, بيت كل فلسطيني تشرد من الأرض الفلسطينية المحتلة, أقرئوا جيدا نقول الأرض وليس الأراضي الفلسطينية المحتلة, لأن كل فلسطين ارض محتلة والصراع ليس على اللاجئين وعودتهم فقط أنه صراع على المصير والبقاء والديمومة والأرض والبحر والسماء. أنه صراع الخير مع الشر والحق مع الباطل والضحية مع الجلاد والعدالة مع اللصوص والجريمة. لذا أيها السادة يجب أن تعلموا أن أول الرافضين للتوطين هو الشعب الفلسطيني, ولا يمكن له أن يرضى بأقل من حقوقه الوطنية المشروعة والمعترف بها والمنصوص عليها دوليا وقانونيا.
ونقول لشارون الذي يستخدم ورقتي الإرهاب والعراق في حملته الانتخابية, أن حبل الكذب قصير و ها هو رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية, الجنرال" زئيفي فركاش", يفند مزاعم شارون حول المخاطر العراقية التي تتربص بإسرائيل. , ويقوم خلال جلسة للجنة الأمن والخارجية في الكنيست باستبعاد امتلاك العراق لأسلحة من شأنها تهديد إسرائيل.
على هذا الأساس تعرض شارون لهجوم حاد من قبل أعضاء اللجنة المذكورة وكذلك من منافسه الأول عمرام متسناع رئيس حزب العمل. وقد اتهموه بخلق ونشر حالة الفزع والذعر بين السكان في البلاد وكذلك التخويف من مخاطر الحرب العراقية القادمة. كل ذلك من اجل مكتسبات سياسية وانتخابية. وكان الجنرال فركش قدر بداية الهجوم الأمريكي على العراق في مطلع شباط 2003, وقال أنه على النقيض من حرب الخليج الأولى, فأن القيادة والمسؤولين العراقيين لم يوجهوا أية تهديدات إلى إسرائيل.