داود البصري&
&
حالات الرعب القاتلة التي إنتابت النظام العراقي وهو يعد الأسابيع والأيام ولربما الساعات المتبقية لوجوده الثقيل فوق صدور العراقيين قد جعلت من تصرفاته بمثابة الأضحوكة والمهزلة التي ستتناقل أخبارها الأجيال القادمة! فتصميم غالبية العراقيين وبمساندة قوى الحرية في العالم على إنهاء سيطرة النظام المهزوم على رقاب العراقيين قد جعلته يستنفر كل "الإحتياطي المضموم" الذي تحدث عنه كثيرا في أدبيات السلطة الهزيلة وهذا الإحتياطي الهزيل لايتعدى بضعة إنفار من المرتزقة ومن وسائل الإعلام العربية التدليسية المخاتلة سواءا من تلكم الصحف الهزيلة الصفراء الصادرة على ضفاف التيمس وفي جزيرة الكلاب اللندنية أو من خلال الفضائيات المعروفة إياها والتي تعزف على أوتار ربابة مكسورة وهي تردد الأناشيد والشعارات الديناصورية التي إنتهى عمرها الإفتراضي وباتت من متحجرات التاريخ إلا أن عقلية النظام المتخلفة لم تزل أسيرة لها وتمضغ علكتها حتى اللحظة ولتكون بابا واسعا للإرتزاق لبعض تنابلة الصحافة الإرتزاقية العربية مطبقة الشعار الخالد "رزق الهبل على المجانين"! والمجانين في هذه الحالة هم أساطين النظام العراقي الذين باتوا يتوسلون بشتى الطرق والوسائل المتاحة لمنع ضياع دولتهم وإنهيار سلطانهم الذي تأسس على جثث العراقيين ومعاتاتهم ، فلقد توسلوا كثيرا حتى الإذلال بعدوهم القديم والحالي أي إيران وهم يمنون النفس في توريط الجانب الإيراني في معركة ليست معركتهم! ولكن من يعرف العقلية السياسية والسلوكية الإيرانية سيفهم على الفور من أن السياسة العراقية تحاول جاهدة& حرث البحر! فبصرف النظر عن الشعارات السائدة في أسواق طهران فإن الإيرانيين يعون جيدا أن عدوهم ليس العالم الحر بل النظام العراقي العدواني الطائفي المتخلف ، وإن الأمن القومي الإيراني سيكسب كثيرا بإنهيار البعثيين والذين هم في مبتدأهم ومنتهاهم عملاء بالوكالة لكل مصالح ومخططات الشر الدولية وإن إنقلاب رياح المعادلات الدولية وتغيير الأولويات هي العامل المساعد في إنتهاء الدور البعثي عراقيا وإقليميا وإن من مصلحة إيران الإنضمام للجهود الدولية لمحاربة الإرهاب وأوكاره ومشجعيه ، وليس هنالك من هو أكثر إرهابية من النظام الذي يوفر المأوى والملاذ للجماعات الإرهابية الدولية وعلى رأسهم جماعة (مجاهدي الشعب) الإرهابية التي كانت لها أدوار سوداء مشهودة في قمع العراقيين خلال أحداث إنتفاضة عام 1991 وكذلك بعض المنظمات الإرهابية ذات اليافطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني المجاهد بريء من تلكم الحثالات الإجرامية؟
كما لجأ النظام العراقي وكسهم أخير في جعبته إلى التصريح مرارا وتكرارا وتهديد الدول العربية المجاورة ويحاول تنشيط الوصل وإعادة الحياة للعلاقات مع دمشق وهي التي تآمر عليها كثيرا وأضر بشعبها ضررا فادحا أشد من الضرر الإسرائيلي ذاته وتلك حكاية طويلة ومعروفة ولها تبعات وذيول وإمتدادات وأمور عديدة تجري من خلف الكواليس!
ولكن المهزلة الكبرى تكمن في أن تصرفات النظام وهو يتقبل نصائح أحبائه ومريديه دوليا وعربيا دائما ماتتخذ شكلا كاريكاتيريا يعبر عن خواء العقلية البعثية وعقدة النقص الصدامية عبر الإجراءات المضحكة والتي تفضح النظام وتحرج أنصاره كحكاية ذلك الإستفتاء الرئاسي المزعوم والذي خرج بحصيلة واسعة من التندر والسخرية السياسية التي لاتسيء للنظام العراقي المهزوم وحده بل تسيء لكل العقلية العربية ولتلك الإنتليجنسيا العربية المزعومة التي تدافع عن ماتسميه ب (المشروع الحضاري العربي ) عبر النسبة المئوية الكاملة التي حصل عليها (القائد المصيبة )! وهي نسبة تؤكد على عمق أزمة النظام البنيوية وعزلته القاتلة وتكون مسمارا آخر سيدق في نعش النظام الذي ماعادت تنفعه المقويات ولا الفيتامينات القادمة من بيروت حيث إختتم مؤتمر المرتزقة القومي البيروتي أعماله وسط خيبة إعلامية شاملة وتراجع سياسي حاد! والطريف أن (قناة الجزيرة القطرية ) لم تخجل وهي تشيد بنتائج الإستفتاء المهزلة وتعتبره مؤشرا على رصانة الجبهة الداخلية؟؟
وبما أن عقلية النظام هي عقلية طفولية ساذجة في مجال السياسة الدولية وفن العلاقات العامة ، فلقد تفتق الذهن الصدامي المريض عن مبادرة إعادة الإرشيف الكويتي المسروق للسلطات الكويتية بعد إثنا عشر عاما كاملات إستنسخ فيها ماإستنسخ وشوه فيها ماشوه وعبث فيها ماعبث ثم ليعود وبراءة الأطفال في عينيه ليقدم مايعتبره (بادرة حسن نية )!!
تجاه الأشقاء العرب؟؟ وأين غاب الحنان البعثي طيلة السنوات الماضيات؟ وماذا يفعل الكويتيون في أكوام من الورق إستطاعوا إستعادتها عبر تخزينهم لها على أقراص الحاسوب! وماذا عن الأسرى والمغيبين من أبناء الشعب الكويتي الذين يرفض النظام مجرد مناقشة ملفاتهم بل وينكر وجودهم جملة وتفصيلا بعد أن صفاهم وأجهز عليهم في معتقلاته الرهيبة والإرهابية والتي تشكل عارا على الإنسانية جمعاء؟ فكيف سيبرهن على حسن نيته وهو يرتكب كل تلك الجرائم الإنسانية والوطنية والقومية؟
وفي إطار نفس المسلسل المهزلة خرج النظام على الناس وفي محاولة لخلط الأوراق وإستباق أية مطالبات دولية بنبش الملف الأسود لحقوق الإنسان في العراق بحكاية فتح السجون والمعتقلات والإفراج عن السجناء عبر لقطات مسرحية كانت القمة في المهزلة من خلال رؤية مئات الآلاف من الناس وهم في حالة هرج ومرج ويحملون أمتعتهم على ظهورهم وهي أمتعة تتراوح بين الفراش الشخصي وبين أجهزة التلفاز والثلاجات!! وفي مهرجان أشبه بسوق الهرج؟؟ وهو يعلم أن التغيير الديمقراطي لايتم بهذه الطريقة البدائية البعثية وأن مسلسل إطلاق سراح المعتقلين هو مسلسل قديم كرره النظام كثيرا في مراحل سابقة وإن الإفراج عن مرتكبي بعض المخالفات لايخفي حقيقة وجود المعتقلات السرية وغرف الإعدام الجماعية وبنايات التعذيب المخابراتية السرية؟ ثم أن كل هذه الخطوات على بدائيتها وسذاجة إخراجها وزيف تزويقها لم تكن لتتم لولا مطارق الضغط الدولية على رأس النظام وتيقنه من حتمية وجدية وإستراتيجية الخطوات القادمة في طريق التغيير؟
وتتوالى الأنباء الأخيرة وسط الحشود الأميركية الهائلة في المنطقة عن تخطيط النظام العراقي لإقامة عيد ميلاد أسطوري لرئيسه؟ فهل هي أحلام المفلسين؟ أم أنه اليأس والهروب بالشكل الفضائحي المعروف؟
إنها إذن رياح الحرية والتحرير التي تدق بعنف أبواب العراق والتي ستجعل من حكم النظام المهزوم مجرد هشيم في عالم لم يعد يتسع لتجار الأوهام ومصدري الشعارات الهوائية الجوفاء ، إنها بشائر الحرية ونسماتها العليلة وليطبل النظام ماشاء له ... فقد جاء وقت الحساب؟