جاك شارمولو: تشكل الحرب في العراق أسوأ الخيارات في نظر المسؤولين الفرنسيين، بعد مرور شهر على مساع تهدف إلى استبعاد هذه الفرضية التي لا تزال باريس تعتبرها غير مرجحة.
&ولتفادي اندلاع حرب جديدة في الخليج بعد 12 عاما على الحرب الاولى، يشدد القادة الفرنسيون على ضرورة تعاون بغداد بشكل تام مع المفتشين الدوليين للاسلحة الذين استأنفوا عملياتهم في العراق منذ 25 تشرين الثاني/نوفمبر بعد توقف دام اربع سنوات.
&واعتبر رئيس الوزراء الفرنسي جان بيار رافاران اخيرا ان الحرب هي "اخر الحلول الاخيرة"، معبرا عن عدم رغبة بلاده في اقحام فرنسا في عملية عسكرية محتملة تقودها الولايات المتحدة.
&ويؤكد المسؤولون الفرنسيون ان الرئيس الفرنسي جاك شيراك لم يتخذ حتى الان اي قرار بهذا الشأن، وهو الذي يعود له الفصل في المسألة.
&وقال مسؤول عسكري انه يتم درس سيناريوهات عسكرية لتدخل في الخليج وتنظم في اطارها مناورات، غير ان كل ذلك يندرج ضمن عملية اعتيادية.
&من جهتهم، يشير الدبلوماسيون الفرنسيون الى ان الحرب لا يمكن اعتبارها خيارا الا في المرحلة الاخيرة من عملية بدأت بصدور القرار 1441 في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2002.
&وهم يؤكدون انه سيتحتم من اجل التوصل الى هذه المرحلة اثبات عدم تعاون العراق والمصادقة على التقرير السلبي لمفتشي الامم المتحدة والحصول على الضوء الاخضر من مجلس الامن.
&ويبقى ان اندلاع نزاع جديد في العراق ولو بعد توافر كل هذه الظروف المطلوبة، يتضمن بنظر فرنسا مجموعة كبيرة من المخاطر.
&ويشير الدبلوماسيون في باريس الى ان قرارا كهذا لن يتخذ الا بموافقة الاسرة الدولية، مما سيجنب الاحساس المخزي بان الحرب فرضتها الولايات المتحدة.
&لكنهم يعتبرون انه بمعزل عن هذا الاجراء الهادف الى حفظ ماء الوجه، فان الواقع الجديد الذي سينجم عن نزاع في العراق سيكون اقرب الى الفوضى منه الى انشاء نموذج للتطور الديموقراطي الذي تدعو اليه واشنطن.
&وترى باريس في افغانستان حيث اطيحت حركة طالبان بدون تحقيق الامن داخل البلاد، سابقة غير مشجعة لتقدير نجاح اخر عملية عسكرية دولية واسعة النطاق.
&ويؤكد الدبلوماسيون الفرنسيون ان "السؤال الذي لم يلق جوابا بعد هو مرحلة ما بعد صدام". وهم يشككون في نتائج الاجتماع الذي عقدته المعارضة العراقية اخيرا في لندن وشكلت خلاله لجنة من 75 عضوا كمقدمة لتشكيل حكومة موقتة لعراق فدرالي في مرحلة "ما بعد صدام حسين".
&ومن المخاطر المباشرة لحرب في العراق تاكيد الهيمنة العسكرية والسياسية والاقتصادية الاميركية في منطقة تعتبر من الاكثر استراتيجية في العالم.
&فبعد ان بسطت واشنطن سيطرتها الى حد بعيد بعد حرب 1991، تهدد هذه الهيمنة بتعزيز الرابط القائم بنظر باريس بين العداء للغرب لدى شعوب ومجموعات المنطقة والتعبير عنه بالارهاب.
&وترى باريس ان هذا لا يمكن الا ان يؤجج التوتر في منطقة تخيم فيها ظروف متفجرة بسبب الثروات النفطية والترسانات العسكرية والقضية الفلسطينية والخلل الاجتماعي والتطرف الديني.
&ويفضل المسؤولون الفرنسيون سعيا منهم الى تخطي هذا الفخ، وضع ثقتهم في عملية الامم المتحدة المدعومة بالتهديد الاميركي الحازم. غير ان المواقف العراقية الاخيرة اثارت مخاوفهم.
&فقد استاءت باريس من تقديم بغداد تقريرا غير كامل حول وضع برامجها العسكرية والتهديدات الصادرة ضد قادة كويتيين.
&وفي مجال ترسانة الاسلحة العراقية، يؤكد الخبراء الفرنسيون ان العراقيين قادرون على تقديم المعلومات المطلوبة، وتنتظر باريس من بغداد ان تفعل هذا. كما تطالب فرنسا بتعزيز عمليات التفتيش الدولية، معتبرة ان مستوى التعاون العراقي هو الاختبار الحقيقي لحسن ارادة بغداد.