فالدهايم (روسيا)-فرانسواز ميشال: ما زال يهود بيروبيدجان متمسكين بشدة بجمهوريتهم التي يعتبرونها الى اليوم ملجأ مثل اسرائيل رغم فشل هذه "الدولة" اليهودية التي وضع ستالين تصورها لتطويق الهجرة الى اسرائيل.&وقال بوريس راك وهو حفيد "مستوطن" يهودي شارك في 1928 في اقامة فالدهايم اول مزرعة جماعية في "منطقة الحكم الذاتي اليهودية" ان "بيروبيدجان ما زال لها دور تلعبه لليهود الذين بقوا واولئك الذين يعودون من اسرائيل".
&لكن "منطقة الحكم الذاتي اليهودية" التي اقيمت بهدف ان تصبح "الوطن القومي لليهود" السوفيات شكلت بسرعة فشلا سياسيا بعد اقامتها في ارض معادية في اقصى شرق روسيا قرب الحدود الصينية.&فلم يكن اليهود يوما اغلبية في هذه المنطقة ولا يتجاوز عددهم اليوم عشرة آلاف من اصل مجمل السكان البالغ عددهم 180 الف نسمة بينما تعيش غالبية اليهود الروس خارج بيروبيدجان.
&وليس من الوارد حاليا الغاء هذه المنطقة لتصبح كغيرها من مناطق الاتحاد الروسي او الحاقها بمنطقة اقوى اقتصاديا مثل خاباروفسك التي تبعد 170 كيلومترا عن بيروبيجان "عاصمة منطقة الحكم الذاتي اليهودية".&وقال راك الذي عادت ابنته الى روسيا بعد ان اقامت ثلاثة اعوام في عسقلان (شمال قطاع غزة) بسبب الوضع السئ في اسرائيل ان "بيروبيدجان بحجم اسرائيل وهنا نعيش بشكل افضل.. اسرائيل لتمضية العطلات".
&وقالت ماريا زوجة بوريس مديرة متحف والدهايم الذي يروي تاريخ هذه المزرعة الجماعية الاولى في بيروبيدجان ان ابنتها "افتقدت للبرد والثلوج ولم تجد المذاق نفسه للخضار والفاكهة".
&وافاد نائب حاكم المنطقة فاليري غوريفيتش ان 150 عائلة عادت السنة الماضية من اسرائيل الى بيروبيدجان التي تأثرت الى حد كبير بموجة الهجرة الى "ارض الميعاد" في التسعينات.&وسمح وجود هذه المنطقة بانقاذ الكثيرين من اليهود السوفيات في الحرب العالمية الثانية. وهذا ما يفسر اصرار احفاد اوائل اليهود الذين استوطنوا في هذه المنطقة التي يعتبرونها حلا بديلا لاسرائيل على التمسك بها.
&وقالت البينا سيرغييفا التي تدير البرنامج اليومي الذي يبث بلغة يهود اوروبا الوسطى والاتحاد السوفياتي (اليديش) للاذاعة المحلية ان "جدتي كانت تقول انه لو بقينا في اوكرانيا لتحولنا الى عظام".&وكان آلاف اليهود الذين جاؤوا من جميع انحاء الاتحاد السوفياتي السابق والخارج وخصوصا من الولايات المتحدة والارجنتين لبناء "وطن يهودي علماني وسوفياتي" وصلوا الى بيروبيدجان حيث تحولوا الى مزارعين.
&وقال زيام غويفين (81 عاما) ان "عائلتي وصلت من منطقة الفولغا في 1928 بعد ان وعدونا باننا سنجد العجائب في انتظارنا.. كان علينا استصلاح اراضي التايغا وهو عمل شاق جدا في منطقة ينتشر فيها البعوض والذباب وتعيش شتاء قاسيا تنخفض فيه درجات الحرارة الى الخمسين تحت الصفر".
&واضاف انه "في بعض الاحيان كان يصل قطار من المستوطنين ويعود نصفهم في القطار نفسه خوفا من ما ينتظرهم".&وتابع غويفين وهو ابن مزارعين ان "كل معداتنا كانت اميركية حتى الجرارات والمعاول" مذكرا بالدعم المالي وبالمعدات الذي قدمه لمشروع بيدروبيدجان، اليهود الاميركيون بمن فيهم العالم الشهير البرت اينشتاين.&وبعد سبعين عاما، ما زال الطابع "الاوروبي" و"العلماني" للجمهورية الروسية يغري سكانها اليهود.
&وقال المؤرخ يافيم كوديش (78 عاما) ان "اليديش التي ما زالت اللغة المحكية ليهود بيروبيدجان لغة اوروبية خلافا للغة العبرية"، موضحا انه "في اوروبا يؤمن كل واحد على طريقته بينما يلعب الدين في اسرائيل دورا اكثر اهمية".&اما زياما غويفين الذي لم يحترم عطلة السبت يوما فيرى ان الدين اليهودي "خدعة كغيره من الديانات". واضاف مازحا "لا اؤمن الا بالمطبخ اليهودي".