كوالالمبور - بعد اكثر من شهرين على اعتداء بالي، لا تزال منطقة جنوب شرق اسيا تعاني بشكل مستمر من انعكاساته الاقتصادية والسياسية السلبية.&وقد قضى في الانفجار حوالى 200 شخص غالبيتهم من السياح الغربيين الشبان فيما كانوا يرقصون ويمرحون مساء السبت في هذه الجزيرة السياحية الرائعة الجمال.
&وحتى اليوم لا تزال الانعكاسات السلبية للاعتداء محسوسة فى المنطقة كلها على الاقتصاد وعلى الحريات العامة والتسامح الديني وكذلك على العلاقات مع بقية دول العالم.&وقد وقع انفجار بالي في 12 تشرين الاول/اكتوبر اي بعد عام وشهر ويوم واحد على اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر في نيويورك وواشنطن التي تعتبر، بحسب الولايات المتحدة، نقطة تحول للعالم بأسره.
&ويعد اعتداء بالي الاكثر دموية منذ هجمات 11 ايلول/سبتمبر. وقد جعل منطقة جنوب شرق اسيا طرفا في الحرب العالمية ضد الارهاب.&والمتهم الرئيسي في هذه المجزرة هو تنظيم الجماعة الاسلامية الذي يقيم علاقات مباشرة مع شبكة القاعدة بزعامة اسامة بن لادن المسؤولة عن اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر.&وعمروسي المتهم الرئيسي في اعتداء بالي والذي يطلق عليه لقب "القاتل المبتسم" بسبب الصور التي التقطت له في اول ظهور علني، قال فى اعترافاته للشرطة انه يريد "قتل اكبر عدد ممكن من الاميركيين" لان "اميركا تقمع المسلمين".
&وغالبية الضحايا في الانفجار الذي استهدف ناديي "باديس بار" و"ساري بار" من الاستراليين والبريطانيين وتعتبرهم القاعدة اهدافا شرعية للهجوم طالما انهم ينتمون الى دول حليفة للولايات المتحدة.&ويعتقد رئيس الوزراء الماليزي محمد مهاتير ان العلاقات بين الاسلاميين المحليين والقاعدة تعززت خلال اعوام الحرب ضد الاحتلال السوفياتي لافغانستان.&ومنذ منتصف 2001، اعتقلت السلطات الماليزية اكثر من سبعين اسلاميا الكثير منهم على علاقة بالجماعة الاسلامية وذلك بموجب قانون الامن الداخلي الذي يتيح احتجاز الاشخاص لمدة غير محدودة ومن دون محاكمة.
&اما الدول الغربية التي كانت حتى الان تنتقد سياسة ماليزيا في مجال حقوق الانسان فانها اليوم تهنيء الحكومة لتعاونها في الحرب ضد الارهاب.&وفي اندونيسيا التي كانت بدات تشهد تحسنا في الحريات العامة بعد نهاية مرحلة حكم سوهارتو عام 1998، سمح انفجار بالي للسلطات باقرار قانون لفترة ستة اشهر يسمح باعتقال الاشخاص من دون محاكمتهم.
&غير ان الانعكاسات الاكثر خطورة لاعتداء بالي هي على اقتصاديات المنطقة التي كانت بدأت تستعيد عافيتها بعد الازمة المالية التى شهدتها عامي 1997-1998.&وفي العديد من الدول، شكل هذا الحدث ضربة قاسية للنشاط السياحي المصدر الرئيسي للعائدات. ففي اندونيسيا، يعمل في قطاع السياحة اكثر من سبعة ملايين شخص والعام الماضي، حقق هذا القطاع 7،4 مليار دولار من العائدات اي حوالى 10 في المئة من اجمالي الناتج المحلي. وكانت بالي تشكل الوجهة السياحية الرئيسية في البلاد.
&وفي الايام التي تلت الاعتداء، بقيت فنادق بالي شبه خاوية من الرواد في حين ان معدل الاقبال بات يبلغ الان 36 في المئة.&وفي حال لم تنهض صناعة السياحة من ازمتها هذه، فان حوالى 7،2 مليون شخص قد يفقدون فرص العمل في اندونيسيا، حسب ما يؤكد وزير السياحة جيدي ارديكا.
&غير ان اندونيسيا ليست البلد الوحيد الذي يعاني من اعتداء بالي. ففي تشرين الثاني/نوفمبر، شكا زعماء عشر دول اعضاء في رابطة دول جنوب شرق اسيا (اسيان) خلال قمتهم السنوية من التحذيرات التي تصدرها الحكومات الغربية الى رعاياها بعدم السفر الى المنطقة.&وتبرر الحكومات تحذيراتها هذه برغبتها في حماية رعاياها الامر الذي يعمق الهوة بين دول تؤكد جميعها انها تعطى الاولوية للقضاء على الارهاب.
&وقد تعمقت هذه الهوة عندما اعلن رئيس الوزراء الاسترالي جون هوارد الشهر الماضي ان بلاده تسمح لنفسها بان تتدخل في الدول المجاورة لاتخاذ تدابير وقائية ضد الارهاب طالما انها مهددة.
&وكانت ردة فعل دول جنوب شرق اسيا عنيفة. واكد رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد ان اي تدخل استرالي سيعتبر بمثابة اعلان حرب.&وكما حصل بعد اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر، فان الضحايا يخسرون مشاعر التعاطف حيالهم عندما تقوم دولهم النافذة بردات فعل تعتبر موجهة ضد الاسلام وليس ضد الارهاب.
&