الرياض: فيما اعتبر على انها الاجراء ماقبل الاخير اعتمد الرئيس الامريكي جورج بوش خطة عسكرية تتضمن في مقدمتها اسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين عسكريا. فقد اكدت&مصادر دبلوماسية أمريكية وأوروبية أن النقاشات السرية التي جرت داخل إدارة& الرئيس بوش بين كبار المسؤولين العسكريين والسياسيين حول أفضل الوسائل لإسقاط نظام الرئيس صدام حسين أدت في النهاية إلى اعتماد خطة عسكرية موحدة بقرار من الرئيس بوش للحرب ضد العراق.
وأوضحت المصادر أن هذه الخطة النهائية تجمع بين استراتيجية "الحرب الخفيفة" التي يؤيدها وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ونائبه بول ولفوويتز وبين استراتيجية "الحرب الثقيلة" التي يؤيدها القادة العسكريون وعلى رأسهم الجنرال ريتشارد مايرز رئيس أركان القوات الأمريكية والجنرال توني فرانكس قائد القوات المركزية الأمريكية المسؤول عن العمليات العسكرية في الشرق الأوسط. وأكدت هذه المصادر أن الخطة العسكرية النهائية المعتمدة ضد العراق تهدف إلى إنهاء الحرب وإسقاط النظام خلال ثلاثة أو أربعة أسابيع وتتحسب لأسوأ الاحتمالات والسيناريوهات وذكرت في هذا المجال أن المسؤولين الأمريكيين يتخوفون جدا من أن يقدم الرئيس صدام حسين على أعمال "دراماتيكية كبيرة" بينها أن يقصف بالأسلحة الكيميائية والجرثومية جنوب وشمال العراق مما يؤدي إلى تهجير مئات الآلاف من العراقيين ويعرقل تقدم القوات الأمريكية نحو بغداد كما ذكرت أن لدى إدارة بوش قناعة بأنه ليست ممكنة المحافظة على وحدة العراق دون إرسال ما لا يقل عن 100 ألف جندي إلى هذا البلد.
ونقلت صحيفة الوطن السعودية عن مصادر مطلعة عن أن رامسفيلد وولفوويتز و "المدنيين" في وزارة الدفاع الأمريكية اقترحوا أساسا على الرئيس بوش اعتماد استراتيجية "الحرب الخفيفة" وتكرار تجربة حرب أفغانستان في العراق وذلك بالاعتماد على عمليات القصف الجوي والصاروخي المكثف لمئات الأهداف والمواقع العراقية وعلى العمليات السرية والتخريبية لقوات الكوماندوس والقوات الخاصة والاكتفاء بإرسال بين 20 ألفاً و30 ألف جندي إلى العراق على أساس أن ذلك يكفي لزعزعة النظام وإسقاطه وعلى أساس أن مثل هذه الحرب يمكن شنها بصورة مفاجئة إذ إنها لن تتطلب نشر أعداد كبيرة من القوات الأمريكية في المنطقة، لكن القادة العسكريين وعلى رأسهم الجنرالان مايرز و فرانكس عارضوا هذه الاستراتيجية واقترحوا على بوش اعتماد استراتيجية "الحرب الثقيلة" التي تؤدي إلى اشتراك إشراك بين 200 ألف و 250 ألف جندي أمريكي في الحرب ضد العراق واستخدام قوة جوية وصاروخية ضاربة هائلة. ورأى القادة العسكريون أن "الحرب الخفيفة" تطيل في الواقع أمد المعارك والمواجهات وتؤدي إلى سقوط عدد كبير بين القتلى والجرحى في صفوف الأمريكيين والعراقيين بينما تؤدي استراتيجية "الحرب الثقيلة" إلى تسديد ضربة قاضية للنظام العراقي وتمنعه من استعادة قواه وتحسم المعركة وتنهيها خلال ثلاثة أو أربعة أسابيع وتقلل من عدد الإصابات. وأكدت المصادر& أن بوش حسم هذه النقاشات في الفترة الأخيرة واعتمد خطة عسكرية تجمع بين هاتين الاستراتيجيتين وتتضمن العناصر الأساسية الآتية:
&
أولا: الاعتماد على قوة جوية وصاروخية هائلة وعلى قوة برية تتألف من 100 ألف جندي على الأقل من وحدات مختلفة. وتبدأ الحرب بقصف جوي وصاروخي مكثف لمئات المواقع والمنشآت والأهداف العراقية المحددة والمبرمجة سلفا ويتوافق ذلك في الوقت نفسه مع دخول 100 ألف جندي أمريكي إلى العراق على مراحل ومن جبهات عدة وليس من الكويت وحدها ومنذ الأيام الأولى للحرب. وتتمركز هذه القوات في الجنوب والشمال على أن يرافقها مقاتلون عراقيون معارضون مدربون على أيدي أمريكيين، وتنطلق هذه القوات من نقاط تمركزها نحو بغداد وتكريت للسيطرة عليهما وعلى المدن الرئيسة في هذا البلد، فيما تستمر الغارات الجوية والصاروخية المكثفة على الأهداف المحددة إلى أن ينهار النظام كليا وتستسلم القوات الموالية له.
&
ثانيا: منذ الأيام الأولى للحرب أيضا تدخل إلى العراق مئات الدبابات والمدرعات الأمريكية الثقيلة لإقناع العراقيين بأن أمريكا تنوي هذه المرة جديا إسقاط النظام وليس فقط معاقبته، وكذلك لتحطيم وإخفاق معنويات القوات المخلصة للنظام. وكلما أسرعت القوات البرية المدعومة بالدبابات والمدرعات في إلحاق الهزيمة بالوحدات العسكرية العراقية المختلفة كلما تزعزعت معنويات القوى العراقية مما يؤدي إلى حسم المعركة خلال فترة قصيرة نسبيا.
&
ثالثا: الخطة العسكرية المعتمدة تأخذ في الحساب احتمال إقدام صدام حسين على تنفيذ سلسلة عمليات انتقامية حين يشعر بأن نظامه مهدد أخطرها قصف جنوب العراق وشماله بأسلحة كيميائية وجرثومية لدفع مئات الآلاف من المدنيين إلى الرحيل مما يعرقل تقدم القوات الأمريكية إلى بغداد وقصف القوات الأمريكية بالأسلحة الكيميائية والجرثومية وقصف دول أخرى في المنطقة بصواريخ تحمل أسلحة كيميائية أو جرثومية، وقصف منشآت وآبار النفط في العراق وفي دول أخرى. وقد اتخذ الأمريكيون في إطار خطة الحرب المعتمدة سلسلة تدابير لمحاولة منع النظام العراقي من القيام بهذه الأعمال الانتقامية البالغة الخطورة.
&
رابعا: تتركز الخطة المعتمدة الباب مفتوحا أمام إرسال قوات أمريكية ومن دول أخرى إضافية إلى العراق بعد سقوط النظام لضبط الأوضاع الأمنية ومساعدة الحكم الجديد على تأمين عودة الأمور إلى مجراها الطبيعي تدريجيا.
&
وكشفت المصادر ذاتها لـ"الوطن" أن إدارة بوش اعتمدت هذه الخطة لأن دراسات عدة وضعها المخططون العسكريون والاستراتيجيون الأمريكيون أظهرت أنه يمكن إسقاط النظام العراقي بواسطة حرب جوية وصاروخية مكثفة مع إرسال عدد محدود من القوات الأمريكية، لكن ليس ممكنا المحافظة على وحدة العراق ومنع تفكك هذا البلد والحيلولة دون نشوب حرب أهلية فيه وإعادة بنائه مجددا لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، دون إرسال ما لا يقل عن 100 ألف جندي أمريكي إلى العراق. وأظهرت هذه الدراسات أيضا أنه كلما كان عدد القوات الأمريكية المشاركة في الحرب كبيرا كلما استطاعت القيادة الأمريكية الاحتفاظ بزمام المبادرة والسيطرة على الأوضاع بسرعة وتقليص عدد الإصابات.
وأوضحت المصادر ذاتها أن إدارة بوش توصلت إلى قناعة بعد سلسلة النقاشات السرية التي جرت في الأسابيع الماضية حول كيفية إسقاط نظام صدام حسين، وأن أحد أكبر الأخطار التي يمكن أن يواجهها الأمريكيون هو أن يرسلوا إلى العراق عددا محدودا من الجنود ثم يجدون أنفسهم في مواجهة تهديدات غير متوقعة مما يثير مشكلات وتعقيدات ويعطل خطط الحرب ويدفع بواشنطن حينذاك إلى إرسال مزيد من القوات ويجد النظام فرصة لاستعادة قواه وتوجيه ضربات كبيرة ضد القوات الأمريكية.
وتوصلت إدارة بوش أيضا إلى قناعة بعد سلسلة النقاشات هذه بأن إرسال قوة عسكرية كبيرة إلى العراق قادرة وحدها على الانتصار بسرعة في حرب المدن وتدمير قطع المدفعية وقاذفات الصواريخ التي يمكن أن يستخدمها العراقيون لقصف الأمريكيين وأهداف أخرى لأسلحة دمار كيميائية وجرثومية، وهكذا تم اعتماد خطة الحرب النهائية ضد العراق.