نيقوسيا- الياس طعمة: شهد العام 2002 اقامة كأس العالم لكرة القدم لاول مرة في قارة اسيا ونظمها لاول مرة بلدان هما كوريا الجنوبية واليابان، فغنت منتخبات كانت في عالم المجهول موالها واطربت، ولملمت منتخبات اخرى عريقة اذيال الخيبة في وقت مبكر راحلة ولسان حال بعضها يقول وداعا، والبعض الاخر الى اللقاء في العرس المقبل بعد 4 سنوات في المانيا.
وخرجت البرازيل ونجمها رونالدو كاكبر المنتصرين من اكبر تظاهرة كروية حيث توج المنتخب البرازيلي بطلا للمرة الخامسة (رقم قياسي) ونجمه هدافا للبطولة برصيد 8 اهداف، فعادا الى القمة من جديد بعد فترة طويلة من الشك حول قدرتهما على ذلك.
وكان وراء هذه العودة القوية دون شك لويز فيليبي سكولاري، المدافع السابق الذي لم يلفت الانظار كلاعب ولم يدافع عن الوان بلاده ولو مرة واحدة، لكنه نجح كمدرب في قيادة السفينة الى شاطىء الامان.
وتحول سكولاري (54 عاما) من عدو للشعب عندما كانت سفينته تتأرجح وسط امواج عاتية كادت تغيب شمس البرازيل عن العرس العالمي لاول مرة في تاريخها، الى منقذ بعد حملها على التأهل الى النهائيات في الجولة الثامنة عشرة الاخيرة من تصفيات قارة اميركا الجنوبية، ثم الى بطل قومي بعد الظفر بكأس جول ريميه للمرة الخامسة قبل ان يقرر ازاحة الحمل الثقيل عن كاهله ويتخلى عن المهمة الوطنية ليتعاقد بعدها مع الاتحاد البرتغالي في تحد جديد هو كأس الامم الاوروبية 2004 في البرتغال بالذات.
وتحت امطار هائلة من الاوراق المذهبة رفع قائد البرازيل كافو كأس العالم في سماء يوكوهاما في الوقت الذي كان فيه النجم المطلق وصاحب الفضل الاول في اعتلاء منصة التتويج رونالدو قابعا في احدى الزاويا يذرف دموع الفرح بعد تسجيله ثنائية الفوز في مرمى المانيا (2-صفر) في المباراة النهائية في 30 حزيران/يونيو.
وكانت مباراة البرازيل والمانيا في ذلك اليوم تحت ضباب كثيف نهائي النهائيات بين عملاق اميركا الجنوبية وعملاق اوروبا السابق وفي جعبة الاول اربعة القاب عالمية والثاني ثلاثة منها عندما اطلق سيد البساط وافضل حكم في العالم حاليا ولاربع مرات متتالية، الايطالي بيارلويجي كولينا صافرة البداية.
وكانت نهاية المونديال غير متوقعة ابدا، فالبرازيل والمانيا لم يلتقيا قط في النهائي منذ انطلاق المسابقة عام 1930، والاخيرة كما الاولى عانت كثيرا لاجتياز التصفيات وانتظرت الملحق الاوروبي لحجز بطاقتها الى كوريا الجنوبية واليابان، ولعب المدرب الالماني رودي فولر، كنظيره البرازيلي، دورا كبيرا في هذا التأهل.
وصبت المراهنات في مصلحة فرنسا بطلة النسخة السابقة وبطلة اوروبا، والارجنتين التي سيطرت على التصفيات الاميركية الجنوبية بشكل مطلق وضمنت تاهلها قبل مراحل، وايطاليا او حتى اسبانيا والبرتغال وكذلك انكلترا.
لكن سرعان ما استسلمت مكاتب المراهنات للنتائج على الارض وانهارت ترشيحاتها منذ المباراة الافتتاحية بخسارة فرنسا امام السنغال صفر-1 في 31 ايار/مايو في سيول، ثم بتعادلها السلبي مع الاوروغواي وخسارتها امام الدنمارك صفر-2.
وخرجت حاملة اللقب مع الارجنتين والبرتغال قبل الاوان من الدور الاول ناهيك عن منتخبات اميركا الجنوبية، ثم تلتها في الدور الثاني ايطاليا (امام كوريا الجنوبية بالهدف الذهبي 1-2)، وانكلترا واسبانيا في ربع النهائي (خسرت الاولى امام البرازيل 1-2 والثانية امام كوريا بركلات الترجيح 3-5 بعد تعادل سلبي)، تاركة الساحة خالية لمنتخبات مغمورة كتركيا من اوروبا وكوريا الجنوبية من اسيا والسنغال من افريقيا، بعد ان شككت كثيرا ودون طائل في مستوى التحكيم.
وبلغت المانيا والبرازيل وتركيا وكوريا الجنوبية المربع الاخير، وتأهل المنتخبان الاولان الى النهائي فيما احرزت تركيا المركز الثالث على حساب الدولة المنظمة 3-2.
واذا كان رونالدو ذرف دموع الفرح، فان زميليه حاليا في ريال مدريد الاسباني، الفرنسي زين الدين زيدان والبرتغالي لويس فيغو، وكذلك الارجنتيون هرنان كريسبو وغابرييل باتيستوتا وكلاوديو لوبيز، والايطاليون اليساندرو دل بييرو وفيليبو اينزاغي وباولو مالديني، والانكليزيان ديفيد بيكهام ومايكل اوين ذرفوا دموع الحزن خصوصا بعد ان اخذت منتخبات اخرى اماكن هم اجدر بها في الادوار التالية.
وقبل المونديال كان اكثر ما يجرأ عليه رونالدو لويز نازاريو دا ليما المولود في 22 ايلول/سبتمبر عام 1976 في بينتو بيبيرو، هو الحلم والحلم فقط برفع كأس العالم عاليا ونسيان هزيمة نهائي مونديال 1998 امام فرنسا (صفر-3)، لكن بعده بات من حقه الطبيعي ان يحلم بالالقاب الفردية.
وتوج رونالدو، مهاجم انتر ميلان الايطالي السابق، بعد توهجه الجديد في المونديال وضمه من قبل ريال مدريد الاسباني، افضل لاعب في اوروبا وحاز على جائزة الكرة الذهبية التي تمنحها سنويا مجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية في 16 الحالي، ثم بعد يومين افضل لاعب في العالم من قبل الاتحاد الدولي (فيفا) ليستعيد بذلك امجاد عامي 96 و97 ويعود الى القمة من بابها الواسع.
وبهذا التتويج المزدوج، احتكر "الولد الذهبي" جميع الجوائز بعد ان اختارته مجلتا "وورلد سوكر" الانلكيزية و"اونز" الفرنسية افضل لاعب في العام 2002، وهيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" افضل شخصية رياضية اجنبية.
وخالف رونالدو بذلك توقعات النقاد الذين اعتبروا عشية انطلاق المونديال 2002 بانه يحتاج الى معجزة لاستعادة المستوى الذي اهله الى ان يتوج افضل لاعب في العالم عامي 96 و1997، بعد خضوعه لعمليتين جراحيتين في الركبة كادتا تضعان حدا لمسيرته في الملاعب.
وكان تمثيل المنتخبين العربيين السعودي والتونسي في المونديال هزيلا وخرجا من الدور الاول، حيث مني الاول بثلاث هزائم متتالية امام المانيا صفر-8، وامام الكاميرون صفر-1، وامام جمهورية ايرلندا صفر-3، فيما خسر الثاني امام روسيا واليابان بنتيجة واحدة صفر-2 وتعادل مع بلجيكا 1-1.