باريس - تشهد اسواق المال مرحلة تقلبات مع تصاعد التوتر في ثلاث بؤر ازمات عالمية مما دفع المستثمرين الى تشغيل اموالهم في مجالات تعتبر ثابتة، واسفر عن تراجع في سعر الدولار.
فقد افسدت موجة من المستجدات السياسية المقلقة مع استئناف كوريا الشمالية لبرنامجها النووي وتواصل المواجهة بين العراق والولايات المتحدة والفوضى المستشرية في فنزويلا، فترة الاعياد في نهاية سنة اتسمت اجمالا بالكدر.&وزاد من تأثير هذه المستجدات ضعف التعاملات الذي يميز هذه الفترة من السنة.
ومن عواقب هذا الوضع: تراجع سعر صرف الدولار الاميركي الى ادنى مستوى له منذ ثلاث سنوات تقريبا في مقابل الدولار في حين ان سعر برميل برنت (نفط بحر الشمال) بلغ الجمعة اعلى مستوى له منذ اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتبر 2001 في الولايات المتحدة متجاوزا عتبة الثلاثين دولارا في سوق لندن.
والمستثمرون القلقون من الوضع ينكبون على مجالات ثابتة مثل شراء الفرنك السويسري او الذهب. فقد ارتفع سعر صرف الفرنك السويسري الى اعلى مستوى له في مقابل الدولار منذ اربع سنوات ووصل الى 40،1 فرنكا للدولار، الامر الذي ينعكس سلبا على الاقتصاد السويسري غير المزدهر اساسا.
اما الذهب فقد عاد الى اعلى مستوى له منذ خمس سنوات ونصف السنة ليصبح سعر الاونصة في حدود 350 دولارا. وقد انتزع الذهب من الدولار جزءا كبيرا من وضعه كمجال استثمار ثابت الامر الذي لم يحصل منذ عقدين حسبما ما يفيد محللون.&في المقابل لا تزال اسواق المال تعاني من الكدر. ويقول سيرج اسولين المدير العام في مؤسسة "فوريكس فاينانس" ان مؤشر "كاك 40 سيواجه صعوبة كبيرة في انهاء السنة فوق الثلاثة الاف نقطة" اي اقل بنسبة 34% من مستواه مطلع العام الحالي. اما المؤشرات الرئيسية الدولية الاخرى مثل نيكاي وداكس وداو جونز فليست في وضع افضل.
وشهدت كل البورصات الرئيسية تراجعا بين 8،1 و3% بعد ظهر الجمعة.&ويشدد اسولين على ان "المستثمرين لا ينشطون في البورصات حاليا. وهم غائبون عن سوق السندات ايضا ويستثمرون اموالهم في ودائع نقدية ولا يحركونها ابدا. هذا يلقي بثقله على الدولار".
امام اسواق المواد الاولية فتعاني من ضغوط وفي مقدمتها النفط. ويوضح اسولين "بالنسبة لفنزويلا الجميع يعتبر ان الازمة موقتة. اما على صعيد العراق فلا نعرف لان النتائج غير معروفة. لكن ثمة توتر كبير على المدى القصير بالنسبة للنفط".&ويرى متعاملون في السوق ان هذا الوضع لن يتحسن طالما ان تسوية هذه الازمات غير اكيد.
ويرى الخبير مارك تواتي ان "التقلبات التي هيمنت على الاسواق خلال العام 2002 وكانت مكلفة جدا، قد تتواصل حتى ربيع العام 2003 الذي سيشهد، هذا ما نأمله على الاقل، رفع الغموض عن الوضع في العراق وفي مجال النفط. ومن بعدها ستتمكن الاسواق من اللحاق بالواقع الاقتصادي".&لكن سيرج اسولين لا يعتبر ان هذا التوتر سيفضي الى انكماش في الاقتصاد العالمي على نطاق واسع.
وهو يرى ان "عدم الاستقرار سيتواصل ويترافق مع مخاطر. وسيكون الوضع مؤلما خصوصا بالنسبة لقطاع النقل الجوي وشركات السفر. اما بالنسبة للاستهلاك او الاستثمارات فلن نرى توسعا ضخما لكن هذا لن يدخلنا في مرحلة انكماش".
واعتبر ان الدولار لن يشهد تحسنا سريعا موضحا انه "لو اراد الاميركيون ان يكون الدولار قويا لما كان في وضعه هذا الان. اظن ان ثمة سياسة غير معلنة لاعطاء هامش للشركات حتى يكون الاقتصاد اقل ارتباطا باستهلاك الافراد".