نيروبي - كريستوف بابير:يشكل الانتصار التاريخي للمعارضة في الانتخابات العامة في كينيا صفعة قاسية لا سابق لها للرئيس دانيال اراب موي المعروف مع ذلك بمهارته السياسية.&واعتبر دبلوماسي غربي يعمل في نيروبي ان "مناورته الاخيرة لقيت فشلا ذريعا. فهو ليس الرجل المعصوم عن الخطأ الذي كنا نخاله".&لكنه شدد على ان موي "وافق على التنحي عن السلطة، ووافق الا يخلفه مرشحه"، مشيرا الى ان "هذا امر استثنائي في افريقيا".
&وقال مصطفى حسونة استاذ العلاقات الدولية في جامعة نيروبي "اصبح ديناصورا سياسيا في القرن الواحد والعشرين، بعد ان كان مناورا حاذقا في ما مضى".&واضاف "لكنه يرحل عن الحكم بهيبة اكبر، تاركا بلدا في سلام ومانحا نفسه بذلك موقع +صانع السلام+، وهو الموقع الذي يعتزم ان يحتله من الآن فصاعدا".&وكان الرئيس موي البالغ من العمر 78 عاما والملقب ب"استاذ السياسة"، ينوي وضع المرشح الشاب اوهورو كينياتا (42 عاما) في سدة الرئاسة خلفا له، وهو ابن الرئيس الكيني جومو كينياتا (1963-1978)، مؤسس كينيا الحديثة.
&ودانيال اراب موي قريب من عائلة كينياتا، احدى اثرى العائلات واكثرها نفوذا في البلاد. وقد خلف جومو كينياتا في 1978، بعد ان ظل نائبا له لمدة 11 عاما.
&واعتبر غاري كوينس ممثل الاتحاد الاوروبي في كينيا "من الواضح انه ارتكب خطأ كبيرا باختياره كينياتا مرشحا، وما زلنا نجهل حتى الان ما قاده الى هذا الخطا. والارجح اننا لن نعرف دوافعه الا اذا كشفها بنفسه".&وابدى موي خلال الصيف الماضي ميلا متزايدا لترشيح كينياتا رغم افتقاره الى الخبرة في المجال السياسي.
&وفي نهاية اب/اغسطس اقال جورج سايتوتي نائبه لمدة 13 عاما الذي كان الكثيرون يرجحون تعيينه مرشحا لخلافته.&وانقسم حزبه الاتحاد الوطني الافريقي الكيني الحاكم منذ الاستقلال عندها بين انصار ومعارضي اوهورو.
&غير ان موا الذي لقي مرارا انتقادات اخذت عليه اساليبه المتسلطة، تمسك بمواقفه واصر على ان يكون اوهورو وليس سواه مرشح الاتحاد الوطني الافريقي للانتخابات الرئاسية.
&وفي معسكر المعارضة، ازداد خطر المنافسة وضوحا. فللمرة الاولى منذ اعتماد التعددية الحزبية في كينيا في 1991، بدأت المعارضة توحد صفوفها.&ورأى عدد من كبار مسؤولي الاتحاد الوطني الافريقي ان الامور تجاوزت الحدود. وازاء تصلب الرئيس انضموا الى المعارضة مما ادى الى تفتت الحزب.&وتجمع المنشقون بقيادة رايلا اودينغا، الرئيس السابق لحزب معارض الذي اصبح الامين العام للاتحاد الوطني الافريقي، وسايتوتي.
&وفي 14 تشرين الاول/اكتوبر، تم تعيين كينياتا رسميا برفع الايدي مرشحا للاتحاد الوطني الافريقي للانتخابات الرئاسية، وكان الوحيد المطروح ترشيحه.&وفي اليوم نفسه، وللمرة الاولى في تاريخ المعارضة الكينية، تجمعت الغالبية الكبرى من حركات المعارضة في ائتلاف واحد هو التحالف الوطني قوس قزح، معلنة عن مرشح واحد.&وعين التحالف مواي كيباكي (71 عاما) مرشحا له واختار بذك رجلا محنكا في السياسة الكينية خدم 25 عاما الرئيسين كينياتا وموي قبل الانتقال الى المعارضة عام 1991.
&وبدا في مطلع العام ان الاتحاد الوطني الافريقي يزداد نفوذا ويلقى تاييدا متزايدا.
&ففي اذار/مارس، امتص حزب التنمية الوطني (معارضة) بزعامة رايلا اودينغا ليشكل "اتحادا وطنيا افريقيا جديدا".&وقال الدبلوماسي الغربي ان "الرئيس موي استخدم في بادئ الامر اودينغا. لكنه في الواقع ادخل الذئب الى حقله. وحين اختار موي كينياتا، وجد اودينغا الشجاعة الكافية ليرفض وتحالف مع كيباكي".&وختم ان "الشخصية الاساسية وراء انتصار المعارضة ليست كيباكي، بل رايلا اودينغا".
الائتلاف الوطني قوس قزح تشكل لمواجهة اوهورو كينياتا&
ولد الائتلاف الوطني قوس قزح الذي رشح مواي كيباكي للانتخابات الرئاسية الجمعة في كينيا في 14 تشرين الاول/اكتوبر، خلال تجمع
&ضم 12 حزبا معارضا انضم اليهم عدد من الشخصيات الكبرى المنشقة عن الحزب الحاكم.
&وحقق "تقدما كبيرا" في الانتخابات العامة التي جرت الجمعة في كينيا.
&واعلن انشاء الائتلاف خلال تجمع سياسي ضخم في نيروبي نظمه قادة الحركات والاحزاب التي يتألف منها، بعد ساعات قليلة على تعيين اوهورو كينياتي مرشحا للاتحاد الوطني الافريقي الكيني الحاكم منذ الاستقلال عام 1963.&وعين الائتلاف الوطني قوس قزح كيباكي (71 عاما) مرشحا له. وكان وزيرا للمالية في عهد الرئيس المؤسس لكينيا جومو كينياتا والد خصمه الانتخابي، ثم نائبا للرئيس دانيال اراب موي بين 1978 و1988.
&وكيباكي رئيس للحزب الديموقراطي الذي اسسه عند اعتماد نظام التعددية الحزبية عام 1991 في كينيا. وكان مرشح حزب التحالف الوطني الكيني الذي تم تشكيله في نهاية تموز/يوليو وضم 14 حزبا معارضا.&وفي 14 تشرين الاول/اكتوبر، انضمت الى التحالف الوطني شخصيات سياسية بارزة انشقت عن الاتحاد الوطني الافريقي.
&وكانت هذه الشخصية حتى انضمامها متجمعة في صفوف الحزب الحاكم داخل اتحاد قوس قزح، حول رايلا اودينغا وزير الطاقة السابق وجورج سايتوتي نائب الرئيس السابق وكالونزو موسيوكا وزير الاتصالات والسياحة السابق.&وكان جميع الوزراء المنشقين استقالوا من الحكومة في اليوم نفسه او اليوم السابق، في حين اقال الرئيس سايتوتي في نهاية اب/اغسطس.
&وفي 14 تشرين الاول/اكتوبر، وقف سيمون نياشي مرشح المنتدى لاعادة الديموقراطية للشعب الى جانب كيباكي واودينغا وسايتوتي امام حشد ضم عشرين الى ثلاثين الف مناصر.&لكن سرعان ما انفصل نياشي عنهم، آخذا عليهم تقديم كيباكي كمرشح واحد للائتلاف بشكل "غير ديموقراطي". واعلن ترشيحه للانتخابات الرئاسية.
مواي كيباكي: وزير سابق انتقل الى المعارضة وفاز في المحاولة الثالثة&&
شهدت المحاولة الثالثة التي قام بها مواي كيباكي (71 عاما) نجاحا بعد هزيمته مرتين في الانتخابات الرئاسية في 1992 و1997 امام دانيال اراب موي الرئيس المنتهية ولايته.
&وقد تمكن هذه المرة من ان يهزمه عبر تفوقه على مرشحه للرئاسة اوهورو كينياتا.
&وبوصوله الى سدة الرئاسة، يخرج الخبير الاقتصادي السابق من ظل الرئيسين جومو كينياتا ودانيال اراب موي الذين خدمهما الواحد تلو الاخر طوال 25 عاما قبل الانتقال الى المعارضة في 1991.&وبقي ظل الرئيسين مهيمنا عليه حتى هذه الانتخابات التاريخية التي شهدت انتصاره على النظام السابق المتمثل في اوهورو كينياتا، ابن الرئيس المؤسس لكينيا الحديثة والمرشح المعين لموي.
&وكيباكي خبير اقتصادي شهير، شغل في الماضي منصب وزير ونائبا للرئيس.
&وقد احتل موقع السياسي المحنك في مواجهة كينياتا البالغ من العمر 42 عاما. وكان يمكن لفارق العمر هذا ان يشكل عائقا في وجه المرشح الاكبر سنا في قارة غير افريقيا، غير انه هنا خدم مصلحة "الحكيم المسن"، مشيرا الى افتقار خصمه الانتخابي للتجربة السياسية.&وفي مطلع الستينات، تخلى مواي كيباكي استاذ الاقتصاد الشاب المتخرج من اوغندا ولندن، عن منصبه في جامعة ماكاريري في كمبالا (اوغندا) للانضمام الى النضال من اجل استقلال بلاده. وشارك بعد ذلك في وضع الدستور الكيني.
&انتخب نائبا منذ استقلال البلاد في 1963. وقد احتفظ بمقعده خلال الانتخابات التشريعية الجمعة، حيث حصل على اكثر من 90% من الاصوات في دائرته اوثايا (وسط كينيا).
&ولد كيباكي عام 1931 في نياري (وسط) على سفح جبل كينيا، وهو من اتنية كيكويو، اكبر اتنيات البلاد، التي سيطرت على السياسة والاقتصاد في كينيا في عهد جومو كينياتا (1963-1978)، والد خصمه الانتخابي.&وحملته حنكته الاقتصادية على الفوز باول منصب وزاري له في 1966، حيث عين وزيرا للتجارة والصناعة. وبعد ثلاث سنوات، عين على رأس وزارة المالية، وهو منصب شغله حتى العام 1982 مع انتقاله عام 1978 من فريق كينياتا الى فريق موي، خلال فترة تميزت بازدهار اقتصادي نسبي في كينيا.
&عين نائبا للرئيس ووزيرا للداخلية بين 1978 و1988، كما كان نائبا لرئيس الاتحاد الوطني الافريقي الكيني، الحزب الحاكم منذ الاستقلال.&ومع اعتماد نظام التعددية الحزبية في 1991، انتقل كيباكي الى المعارضة فاسس الحزب الديموقراطي الذي ما زال يرئسه.&خسر في الانتخابات الرئاسية امام موي في 1992 و1997 واشتهر كابز شخصيات المعارضة.&وتقدم الى الانتخابات الرئاسية في 2002 بصفته المرشح الوحيد للتحالف الوطني الكيني، وهو تجمع يضم 12 حزبا معارضا اطلق عليه فيما بعد اسم التحالف الوطني قوس قزح، اثر التحاق بعض الشخصيات البارزة المنشقة عن الاتحاد الوطني الافريقي.
&وبذلك انضم كيباكي الى النائب السابق للرئيس جورج سايتوتي الذي اقاله موي من منصبه بصورة مفاجئة في نهاية آب/اغسطس، والى الوزير السابق رايلا اودينغا الذي استقال من الحزب بعد ان انضم اليه في 2001، مع تنظيمه الحزب الوطني للتنمية.&جرح في مطلع كانون الاول/ديسمبر في حادث سيارة قرب نيروبي، فنقل الى لندن حيث مكث في المستشفى ثمانية ايام، انهى بعدها حملته الانتخابية في كرسي متحرك ومجبر الساق.&وكيباكي صاحب اراض زراعية ميسور، لديه احفاد كثيرون وهو من هواة لعبة الغولف.
دانيال اراب موي: حوالي ربع قرن في السلطة&
&
يحكم الرئيس دانيال اراب موي (78 عاما) كينيا بقبضة حديد منذ 1978 مسجلا استمرارية استثنائية في سدة الرئاسة في قارة اعتادت الانقلابات، وقد وعد بالتنحي لخلفه "ايا كان"، قبل اعلان انتصار مرشح المعارضة مواي كيباكي.
&وتشير اخر النتائج الجزئية الصادرة عن اللجنة الانتخابية الى تحقيق المعارضة وزعيمها مواي كيباكي انتصارا ساحقا وتاريخيا في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، مما يضع حدا لهيمنة الحزب الحاكم منذ 39 عاما ولسلطة الرئيس موي المستمرة منذ 24 عاما.
&وقد تجري مراسم انتقال السلطة غدا الاثنين بحسب الرئاسة.
&وموي الذي اعتمد شعارا له "السلام والمحبة والاتحاد"، يتحدر من عائلة فقيرة من قبيلة كالنجين الصغرى. ولد في ايلول/سبتمبر 1924 في ولاية بارينغو (شمال غرب).&وهو من الطائفة البروتستانية. اتم دروسه في مدرسة المبشرين، ثم عمل في سلك التعليم حتى 1955.
&وفي تلك السنة، بدأ العمل السياسي، فاصبح في الواحدة والثلاثين من العمر احد اعضاء المجلس التشريعي الذي شكله البريطانيون، وشارك في مفاوضات الاستقلال الذي اعلن عام 1963.&شغل موي مناصب وزارية عدة قبل ان يعين في 1967 نائبا للرئيس جومو كينياتا "ابو الاستقلال".&وقد بقي في ظل مؤسس كينيا الحديثة لفترة طويلة وكان الكثيرون يعتبرونه بلا وزن سياسي. غير ان مهارته ستحمله تدريجيا على الفوز بلقب "الاستاذ في السياسة".
&وعند وفاة جومو كينياتا في 1978 خلفه موي في سدة الرئاسة.&وبعد اربع سنوات، واجه محاولة انقلاب صدها بطريقة دموية ادت الى سقوط 159 قتيلا بحسب حصيلة رسمية، ما حمله على تشديد سلطته.&وشهدت البلاد ظاهرة عبادة حقيقية لشخص موي، فتم تاليف اناشيد ذات رموز دينية قوية على شرفه، وطبعت صورته على جميع القطع النقدية والاوراق المالية كما علقت على جميع الجدران، من المتاجر الكبرى الى المحلات الصغيرة.
&وقد ابقى بلاده بحزم في المعسكر الرأسمالي معتنقا الليبرالية الاقتصادية. غير انه لقي انتقادات وشجبا على الساحة الدولية، ولا سيما بسبب انتهاكات متكررة لحقوق الانسان في كينيا.&فمع مرور السنين، تم اعتقال المعارضين الرئيسيين او ارغامهم على التخلي عن النشاط السياسي.&وفي نهاية 1991، تخلى موي على مضض تحت الضغوط الغربية عن نظام الحزب الوحيد. وفاز في كانون الاول/ديسمبر 1992 في اول انتخابات رئاسية تنظم في ظل التعددية الحزبية، حيث حصل على اقل من 37% من الاصوات في مواجهة معارضة مشرذمة.&وفي 1997 فاز في ثاني انتخابات رئاسية، مفيدا ايضا من انقسام المعارضة.
&وتخللت العمليتين الانتخابيتين اعمال عنف سياسية اتنية ادت الى سقوط حوالي الفي قتيل عام 1992 واكثر من مئتين آخرين في 1997.&وشارك موي في العديد من وساطات السلام في شرق افريقيا، ولا سيما في السودان في محاولة لوضع حد لحرب اهلية تمزق هذا البلد منذ 1982.&يملك موي ثروة طائلة. وتتعرض بلاده لانتقادات شديدة سواء من الكينيين او من الجاهت المانحة بسب فساد معمم اغرق الاقتصاد تدريجيا في الركود.&والرئيس موي مطلق منذ 1976 ولم يتزوج مجددا. له اربعة ابناء وثلاث بنات، بينهن ابنة بالتبني.