عبد اللطيف الدعيج
&
لا نجد حكمة على الاطلاق وراء قرار اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الامة في افساح المجال امام المرأة الكويتية في التقاعد بعد خدمة خمس عشرة سنة فقط ودون قيد او تحديد للسن. اللهم إلا اذا كان اعضاء اللجنة المحترمون يسعون الى تفريغ المؤسسات الوطنية نهائيا من العمالة الوطنية وفتح الباب على مصراعيه للعمالة الوافدة لقيادة وانماء وخدمة البلد. من الواضح مع الاسف ان هناك اتجاها لدى الاغلبية الرجالية ينحو الى تحجيم المرأة والى تحديد دورها الحقيقي والفعال في المجتمع... ولكن ولأن هذه الاغلبية متخلفة اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا ايضا فانها تريد من الدولة والحكومة ان تدفعا ثمن تخلفها وتتكفلا باعباء فحولتها وتصرفا على نسائها وهن في خدورهن! والعجيب ان كل هذا يحدث الآن والسادة اعضاء اللجنة المالية والاقتصادية هم اخبر الناس ـ او هكذا مفترض ـ بوضع الدولة وبافلاسها المتوقع، وهم العالمون باننا نعاني من عجز في ميزانية الدولة، من المفروض ان نسده لا ان نساعد في اتساعه اوفي تضخيمه.
هذا ليس مقالا جديدا، والمقصود ليس اعضاء اللجنة المالية الحالية للمجلس الحالي ـ مع انهم يناقشون القضية نفسها ـ ولاحتى اللجنة المالية للمجلس الذي سبقه، بل اللجنة المالية لاول مجلس بعد التحرير وقد كتبت الفقرة اعلاه عند المناقشة الاولى لاقتراح التقاعد المبكر للمرأة في شهر مايو لعام 1995 اي قبل ما يقارب ثماني سنوات. وعندما وافق مجلس الامة على القانون كتبت بعد ذلك في 3/8/1995 «ان الحكومة مطالبة باعادة المشروع للمجلس، ليس لان آثاره الاجتماعية مدمرة وخطرة على المرأة بالذات، ولكن لانه يشكل خطرا على مؤسسة التأمينات وعلى ميزانية الدولة» والواقع انني لم اكتب ضد الكلفة الاجتماعية والمالية لهذا الاقتراح المتخلف فقط، ولكني كتبت ايضا اناشد على ما اعتقد الدكتور الخطيب بالذات وبقية النواب الوطنيين الديموقراطيين عدم الموافقة على هذا القانون.. كان ما كان، ووافق الدكتور الخطيب مثل غيره على القانون وربما تحت ضغط وإلحاح امين عام المنبر الديموقراطي في ذلك الوقت الزميل احمد الديين.
اليوم نعاني بشكل واضح من التبعات المالية لهذا القانون المسخ على معاشات المتقاعدين، وغدا على الدولة وبعده على بنيان المجتمع بشكل عام. وكل هذا في اعتقادي بسبب تساهل القوى الوطنية الديموقراطية وتخليها عن دورها الريادي والقيادي في التنمية والتطوير وانصياعها مثل غيرها ـ وكما يطالب الزميل احمد الديين وبقية المستحوذين ـ للرغبات او بالأحرى «النزوات» الشعبية.
كما كتبت سابقا، لسنا اليوم بحاجة الى تنمية الموارد كما يُنظِّر لنا المتفائلون ولا الى تنويع مصادر الدخل كما يُلح البعض.. المهمة الاولى اليوم هي وقف «البلع» والاستحواذ، وبدءا بصغار المستحوذين، وذوي الدخل المحدود في مقدمتهم.. فعندما يعي هؤلاء قيمة القرش الابيض فانهم الوحيدون القادرون على كبح جماح التبذير والتبديد الحكومي، وليس غير القوى الوطنية الديموقراطية من هو قادر على الاضطلاع بهذه المهمة التاريخية.