نضال حمد
&
قبل توجهه إلى العاصمة المصرية القاهرة, حيث يجري الحوار الفلسطيني برعاية السلطات المصرية وإشراف وزير المخابرات والأمن السيد عمر سليمان!؟. قال وفد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على لسان الناطق باسمها السيد ماهر الطاهر أن من شروط إنجاح أي حوار فلسطيني هو إطلاق سراح الأمين العام للجبهة السيد احمد سعدات المسجون بلا جريمة وبلا ذنب في سجن السلطة الفلسطينية في أريحا, بإشراف الأمن الأمريكي والبريطاني.
&كان قرار سجن احمد سعدات ورفاقه الأربعة من المجموعة الفلسطينية المسلحة التي اغتالت الإرهابي الوزير,الجنرال رحبعام زئيفي في سنة 2001, قد أتخذ من قبل رئيس السلطة الفلسطينية, المسجون أيضا في مقر المقاطعة برام الله بلا سبب سوى أن شارون والقيادة الإسرائيلية يريدون معاقبته وإذلاله, وذلك لإرضاء اليمين الفاشي الاستيطاني في إسرائيل الصهيونية.وذلك عبر استمرار الحصار على مبنى المقاطعة حيث يحتجز الرئيس الفلسطيني منذ اشهر عديدة, وتمارس عليه ضغوطات نفسية وسياسية وحربية,بدون أي موقف عربي أو عالمي يسانده ويمنع إسرائيل من ممارسة تلك البشاعة القذرة, التي تعتبر كأعمال المافيا.
أن السجان شارون يريد إذلال الرئيس الفلسطيني واثبات انه هو الحاكم الفعلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة, وما أفرزته اتفاقيات أوسلو ليس اكثر من ديكور تبدله إسرائيل بمزاجها وقتما تريد وحسبما تشاء.
هذا المفهوم الصهيوني للأمور وللسلام أصبح معروفا للجميع, لأن إسرائيل تريد من الفلسطينيين أن يعملوا حرسا لأمنها وسلامتها على حساب حياتهم وأمنهم وسلامتهم وحقوقهم. أما الآخر غير المفهوم وغير المبرر وطنيا وأخلاقيا وقانونيا هو أن تقوم سلطة وطنية تدعي أنها مستقلة وذات سيادة وصاحبة قرارها بسجن قائد فلسطيني معارض لأنه قاوم الاحتلال الذي قتل ويقتل أبناء شعبه ومنهم قائد هام من قادة الثورة الفلسطينية المعاصرة, الشهيد أبو علي مصطفى الأمين العام السابق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين, حيث اغتيل بصواريخ طائرات الاباتشي الأمريكية الصنع في مكتبه في رام الله, الواقعة ضمن السيادة الفلسطينية وفق اتفاقيات أوسلو وغيرها.
على أي أساس يستمر حجز السيد احمد سعدات بعدما أقرت المحكمة العليا الفلسطينية بأنه لم يرتكب جريمة ولا يوجد ما يبرر استمرار اعتقاله ويجب إطلاق سراحه. لا يوجد أساس أو مبرر مقنع. لكن السلطة الفلسطينية تواصل اعتقال الأخير بحجة الحفاظ على حياته وخوفا من أن تقوم إسرائيل باغتياله في حال قامت بإطلاق سراحه من سجن أريحا العتيد. وهذا السجن كان في الماضي سجنا للانتداب البريطاني ومن ثم للاحتلال الصهيوني والآن للسلطة الفلسطيني.
&طبعا السلطة تقدم عذر أقبح من ذنب, إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن نفس سعدات طالب بإطلاق سراحه والالتزام بقرار المحكمة العليا التي أكدت براءته. وأكد سعدات رفضه لحجج السلطة وقال انه قادر على حماية نفسه بنفسه, واعتبر قرار إبقائه السجن من اجل منع اغتياله مرفوض لأنه ابشع من قرار سجنه. وندد بالقانون الذي يجرم مقاومة الاحتلال. وقال سعدات في تعليقه على الصفقة التي أبرمها رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات مع الإسرائيليين والأمريكان حوله ورفاقه الأربعة: " كنا تذكرة أبو عمار لرفع الحظر عن تنقلاته".
تعتبر قضية سجن أمين عام الجبهة الشعبية ورفاقه من المهازل القانونية والسياسية التي ستبقى وصما اسودا ووشما مشؤوما في تاريخ القضاء الفلسطيني. لأن تلك العقوبة كانت سياسية بالدرجة الأولى وتجارية بالمقام الأول, بحيث سلبت حرية المعتقلين من أجل حرية محدودة للرئيس الفلسطيني لم تدم طويلا. وقد مضى على اعتقال سعدات سنة كاملة كانت نتيجة عملية قرصنة قام بها رئيس المخابرات الفلسطينية في الضفة الغربية توفيق الطيراوي بعدما خدع نائب أمين عام الجبهة السيد عبد الرحيم ملوح - معتقل لدى السلطات الصهيونية هذه الأيام- بحيث استدرج الأخير سعدات للقاء معه من دون أن يدري بخطط الأمن الفلسطيني التي كانت معدة على أعلى المستويات لكي يتم ضمان نجاح الصفقة المذكورة.بقي احمد سعدات نزيل"فندق" السلطة الفلسطينية تحت الأرض في مقر المقاطعة في مدينة رام الله حتى تم نقله إلى سجن أريحا بعد إتمام صفقة سجنه المعروفة.
إن المصلحة الوطنية الفلسطينية تقتضي من السلطة الفلسطينية احترام القضاء والقانون وقرار المحكمة العليا الفلسطينية وعدم التلاعب به وتبرير بقاء المناضلين في السجن لأسباب واهية. حرية هؤلاء ليست مرتبطة بحرية أحد حتى لو كان رئيسا أو زعيما. وعلى الزعامة الوطنية أن تكون قدوة في النزاهة والعدل والإنسانية, بحيث لا تقبل المساومة على حرية البشر وبالأخص المناضلين منهم من أجل مصالح ذاتية ضيقة. إذا كانت السلطة جادة في عملية إنجاح الحوار الفلسطيني في القاهرة, عليها إعطاء الشعب الفلسطيني وفصائله ومناضليه دلائل على نيتها السليمة. وهل هناك دليل افضل من إطلاق سراح المعتقلين على خلفية مقاومة الاحتلال.