ماضي الخميس
&
لن تنتهي أزمة العراق حتى وإن انتهت الحرب, وسيظل العراق كما سابق عهده أرضا للتوتر ومحل للمنازعات.
حين تنتهي الأحداث الحالية بزوال صدام وأعوانه هل ستعود المياه إلى مجاريها, وتعود العراق بلدا شقيقا نأمن جانبه .. حسب الرواية الرسمية: فان لكل حادث حديث! وحديثنا هذا متصل بأوضاعنا في الكويت, وحالنا التي أصبحت لا تسر عدوا ولا صديقا, ولا يفرح بها محبا ولا شامت, وأينما نظرنا وجدنا خللا يحتاج إلى إصلاح.
فالتركيبة السكانية التي تعتبر الكويتيين أقلية في وطنهم بها خلل وتحتاج إلى إعادة نظر, والأوضاع الاقتصادية في البلد تعاني من الخلل وتحتاج إلى إعادة نظر, ومؤسسات الدولة التي تعاني من الخسائر المتراكمة تعاني من خلل مزمن وتحتاج إلى إعادة نظر, والأوضاع الأمنية في البلد التي أصبحت الجرائم حوادث روتينية بها, وموتى المخدرات أمرا طبيعيا بها خلل وتحتاج إلى إعادة نظر, والتركيبة السياسية التي تعاني من إسهال مفرط في الديموقراطية بها خلل وتحتاج إلى إعادة نظر, والجامعة بها خلل, والمناهج التعليمية بها خلل, ووزارات الدولة بها خلل, وأوضاع البدون تمثل خللا ... والخلل مستمر ومتخلل في جميع قضايانا حتى بتنا نحن بحاجة إلى إعادة نظر!!
وإصلاح الخلل معلقا حتى تنتهي أزمات العراق التي لن تنتهي!!
قي وطني بات كل شيئا مؤقتا, حين تحتاج وزارة إلى مقر فإنها لا تسعى لإيجاد مقر مناسب لها بل تلجأ إلى الحل الأمثل وهو إيجاد مبنى مؤقتا إلى أن يشاء الله, وخير دليل مقر وزارة الداخلية الذي كان في السابق مدرسة صلاح الدين..وغيرها كثير ..!
إن الخلل لا يعالج بخلل أكبر منه أو أصغر, والحلول المؤقتة يجب أن لا تكون سياسة متبعة لدولة تنشد المجد والحضارة, وتسعى لمواكبة ركاب التطور والتكنولوجيا.
إننا عندما نزور أيا من دول الخليج تتملكنا الغبطة وتنتابنا الحسرة, ففي حين أننا نفرح لما وصلوا له, فإننا نأسى كل الأسى لحالنا وأحوالنا التي أصبحت مثل الثوب البالي لا يستر عورة!
بلد مثل الكويت, كون كيانه الخاص منذ عشرات السنين, وأرسى قواعد الحضارة والديموقراطية, وتطلع نحو التقدم والازدهار .. تتساقط كل مشاريعه الحضارية مع أول زخات مطر, ليغرق في "شبر مية" !
لقد باتت الخطابات الرسمية تضحكنا وهي تلمح إلى تطلعاتها المستقبلية لبناء وطن قائم على أرضية صلبة من العلم والمعرفة, وبناء دولة قادرة على مواكبة التحديات, وتحقيق الطموح والتطلعات ... إلى آخر هذه الديباجة البالية التي مللنا ترديدها وسماعها!
مشكلتنا أننا نعاني خللا حقيقيا في التفكير والتخطيط وتحديد الاحتياجات. ففي حين أن العالم انتهى منذ سنوات مما يعرف بنظام الحكومة الإلكترونية, لازلنا نحن إلى اليوم ندرس مشروع تحويل الكويت إلى حكومة إلكترونية!
إنني لو وضعت بعد كل جملة علامة تعجب لانتهيت إلى مئات علامات التعجب دون الحاجة إلى كتابة سطر واحد, فما يحدث في الكويت علامة تعجب كبيرة تثير الاستغراب والسخرية.
وإنني لأتساءل نيابة عن الكويتيين ألا يشعر أصحاب القرار في بلدنا بالغيرة مما يحدث حولهم في الخليج؟
ألا يتساءلون بينهم وبين أنفسهم أين مشاريع التنمية والنهضة التي كانوا ينشدونها؟
ألا يتدفق الحماس إلى داخلهم, وتتفتق أذهانهم عن أفكار ومشاريع قابلة للتنفيذ نستطيع أن نتباهى بها؟
ألا تسعفهم ذاكرتهم, فيتذكرون كويت الستينات والسبعينات التي كانت ممتلئة حيوية وعزم ونشاط ورغبة في التقدم والتطور, وكانت المشاريع العمرانية والنهضوية تدك أراضيها من كل جانب؟
لست متشائما .. ولا أقلب المواجع .. لكنني أتحسر على حال وطني الذي شاخ مبكرا وأصبح يحتاج إلى حبة فياجرا تعيد إليه النشاط والحيوية.
&
همزة وصل
&
لو كنت مكان الحكومة لعجلت بمنح التراخيص والتسهيلات لكل صاحب مشروع حقيقي جاد, يضيف إلى البلد, ويساهم في إنعاشها ودفع عجلة نموها.
ولعاقبت كل من يضع العصا في عجلة النمو ليعيقها, وكل من يسعى عامدا إلى عرقلة مثل هذه المشاريع ... فما دامت الحكومة لن تحرك ساكنا, فلنفسح المجال أمام القطاع الخاص وأصحاب رؤوس الأموال ليستثمروا أموالهم بمشاريع تعود بالمنفعة على الوطن والمواطنين ... ودمتم سالمين.
&
رئيس تحرير صحيفة الحدث الكويتية
[email protected]