&
لو كنت رئيسا لتحرير صحيفة يومية لوضعت الخبر الرئيسي في صحيفة الامس "الحكومة تحارب الحكومة"، وذلك تعليقا على قرار مجلس الوزراء فتح ملف الفساد الاداري على نطاق واسع. وحسبما نشر في الصحف امس ان الفساد الاداري يشمل ظاهرة الرشوة وتجاوز القوانين بطرق ملتوية والمحسوبيات في التعيينات.. وهذه كلها مسؤولية الحكومة، فالمواطنون عادة يتبعون الرأس في وزارتهم.. فاذا كان الوزير من النوع السيئ فهذا يعني انتشار الفساد.. وهذا يضع مسؤولية كبيرة على رئيس الوزراء لدى اختياره الوزراء الذين سيتعاونون معه.
ومن المؤسف ان التجربة الكويتية في ربع القرن الاخير اظهرت سوء اختيار الوزراء.. ومن النادر جدا ان يدخل الوزير الوزارة ويخرج منها بوضعه المالي نفسه، بل ان علامات الغنى الفاحش تظهر عليه بشكل كبير.. بل وايضا ان طريقة اختيار الوزراء غريبة.. فهناك وزارات السيادة، وهنا يجب ان يكون الوزير من ابناء الاسرة الحاكمة "وتسقط" المادة 29 من الدستور التي تنص على ان الناس سواسية.. ثم وزراء من اعضاء مجلس الامة، وهؤلاء غالبا ما يكونون من نواب الخدمات.. ثم الاقلية من الوزراء المستقلين الذين يترددون على ديوان رئيس الوزراء.. واقلية الاقلية وعددها واحد.. وزير شيعي.. ولا اعرف لماذا هذا التقسيم البغيض.. لا افهم لماذا لا يكون وكيل وزارة الداخلية مرشحا للوزارة او اي ضابط من وزارة الداخلية لديه دراية ومقدرة في شؤون الوزارة اكثر من الوزير الشيخ؟.. ولماذا لا يكون النائب المستوزر من اصحاب الافكار والمبادئ بدلا من الخدمات؟.. ولماذا تحديد المذهب في اختيار وزير واحد؟.. ونتيجة عملية الاختيار هذه، فان معظم الوزراء يستغلون مناصبهم في تنفيع انفسهم وذويهم.. وبالتالي فان الاصلاح يجب ان يبدأ من فوق.. ويبدو أن قرار مجلس الوزراء اراد ان يمتص الضيق الشعبي من العمل في الوزارات فكلف جهاز خدمة المواطنين بدراسة هذا الموضوع.. "وهيج مشكلة بدها هيج خدمة".. ويا امة ضحكت.. والله من وراء القصد.