نضال حمد&
&
تعتبر دولة قطر من الدول العربية الخليجية الصغيرة وتقع في منتصف الساحل الغربي للخليج العربي، يتبعها بعض الجزر، مساحتها 11، 521 كيلومترا مربعا ويبلغ عدد سكانها 522 ألف نسمة، يسكن نصفهم مدينة الدوحة العاصمة. طبعا اللغة العربية هي الأساس بالإضافة للغة الإنكليزية التي تمت وراثتها عن الاستعمار الإنكليزي الذي كان يسيطر على الخليج العربي.
أما الديانة فهي الإسلام الدين الرسمي للدولة والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع في البلاد. استقلت الإمارة في الثالث من سبتمبر 1971. شهدت قطر منذ استقلالها عواصف انقلابية عديدة ، قام خلالها الابن بالانقلاب على الأب وولي العهد على الأمير الحاكم، كما الحال مع الأمير الحالي ووالده وجده. وقد تولى الأمير الحالي مقاليد الحكم سنة1995.
حاول الأمير الحالي التميز بطريقة حكمه عن اسلافه وجيرانه الخليجيين، فشهدت قطر خلال فترة حكمه القصيرة بالمقارنة مع فترة حكم رؤساء وملوك وأمراء المنطقة، تطورات جلبت
&لقطر عداء وتحفظ معظم دول المنطقة. والسبب انتهاجها سياسة دبلموساية واعلامية خاصة لم تلق ترحاب الجيران والأخوة العرب من الحكام.
&فقد كانت قطر أول دولة خليجية وعربية تقيم قناة تلفزيونية لا تخضع للرقابة وتقوم بالتحدث عن كل شيء يدور في المنطقة بلا حرج وبدون خوف من العواقب. وقد قامت دولا عدة بقطع علاقاتها السياسية والديبلوماسية مع المشيخة الصغيرة احتجاجا على ما تقوم به قناة الجزيرة. لكن الجزيرة كانت جزيرة في بحر من المشاكل الكبيرة التي وضعت قطر نفسها فيه من حيث تدري أو لا تدري، وعليها الآن السباحة عكس التيار أو الغرق في هيجان البحر الحالي.
&اتبعت هذه الإمارة سياسات منوعة وخطيرة جعلتها عرضة للهجمات من كل جانب، حيث فتحت علاقات مع الكيان الصهيوني وعززتها كثيرا بلا أي سبب منطقي أو داع يدعو لإقامة علاقات سياسية وثقافية واقتصادية وسياسية وتبادل ديبلوماسي وزيارات متبادلة على أعلى المستويات. والمهم أن أحدا لم يطلب من قطر إقامة تلك العلاقات مع الكيان الصهيوني. وإذا كانت الإمارة تبرر علاقاتها تلك بما يخدم عملية السلام والسلطة الفلسطينية أو الأطراف العربية التي وقعت معاهدات سلام مع إسرائيل. فأن هذا التبرير مرفوض وغير منطقي.
ثم أن علاقات قطر بإسرائيل لازالت جيدة وقائمة على الرغم من كل قرارات المقاطعة العربية والإسلامية التي أخذت حديثا والمأخوذة في الماضي. فكيف تفسر قطر بقاء تلك العلاقات ؟
كما أن قطر تمارس دورا اكبر من حجمها، قد يجعلها معرضة للحصار والعزل من قبل اقرب أقرباءها العرب ومن الجيران كذلك. ولا يجب أن ننسى أن لقطر خلافات سابقة مع السعودية والبحرين وأن خلافاتها مع السعودية آخذة في التصاعد وقد تسفر عن قطيعة بين البلدين. برزت حدة الخلافات من خلال التمثيل السعودي في مؤتمر القمة الخليجي الأخير الذي عقد في الدوحة. كان الحضور أقل من العادي، حيث لم يحضر الزعماء وأقتصر التمثيل على مستويات أقل حجما، وزير الخارجية بدلا من الملك أو ولي العهد، باستثناء سلطنة عمان.
تعتبر السعودية اكثر الدول الرافضة لسياسة قطر الحالية، التي تعتبرها المملكة خروجا عن سياسات الدول الخليجية المتمثلة بمجلس التعاون الخليجي.
لقد أقامت قطر تحالفاتها الخاصة مع أمريكا عبر السماح للأخيرة بإقامة قواعد كبرى واستراتيجية على أراضيها مثل قاعدة العديد المعروفة بدورها المحتمل والوشيك في أية حرب ستشهدها المنطقة وخاصة الحرب على العراق. ومن مستجدات الفتور في العلاقات بين السعودية وقطر، مقاطعة الفنانين السعوديين الذين كان من المقرر مشاركتهم في مهرجان الدوحة الثالث للأغنية الذي يقام ابتداء من 23-1- وحتى منتصف فبراير 2003 القادم.
بعد أن قدم الفنان الكبير محمد عبده اعتذاره عن المشاركة في المهرجان معللا تخلفه عن المشاركة بارتباطات موسيقية وفنية أخرى. قام معظم أهل الفن السعودي بفعل الشيء نفسه كتعبير عن المقاطعة والألتزام بموقف سلطات بلادهم، عكس موقف الفنانين البريطانيين من اسرائيل، بحيث أنهم أخذوا موقفا مغايرا لسياسة بلادهم من اسرائيل، وقد ينجح قرارهم في فرض مقاطعة على اسرائيل بسبب عدوانها المستمر على السعب الفلسطيني وتحولها لنظام اباتهايد عنصري على غرار نظام الفصل العنصري السابق في جنوب افريقيا.
يبقى أن نقول في الختام أن المقاطعة أقوى وأفضل لو أنها جاءت عن قناعة ومن قبل الفنانين أنفسهم. لكن في حالة السعوديين فأن الأمر جاء من فوق وقد يكون بالرغم من إرادة بعضهم. على كل هذه التطورات تعتبر بمثابة رسائل قوية للسلطات القطرية خاصة في القسم الذي يتعلق بعلاقاتها الحميمة مع أمريكا وإسرائيل.
&أما فيما يخص قناة الجزيرة والسعودية فنحن لا نؤيد الموقف السعودي من القناة مع تحفظاتنا على بعض الأساليب التي تتبعها الجزيرة في تقديم وجهات النظر الصهيونية، بحيث أنها بطرقها تلك أدخلت الصهاينة إلى كل بيت عربي يشاهد القناة المذكورة ويتابع برامجها.
&يوجد خلل في طريقة استضافة الصهاينة أو حتى الشخصيات العربية والفلسطينية المهتمة والمختصة بالشأن الأسرائيلي، فمن هؤلاء من لا يفقه شيئا في تلك المسألة، وينقصه التخصص والخبرة في الشأن المذكور. لكننا في الوقت نفسه نسجل أن للجزيرة دورها الرائد في الأعلام العربي الحديث وحرية التعبير. وبرامج مثل الاتجاه المعاكس والرأي و الرأي الآخر والكتاب خير جليس وزيارة خاصة وغيرها تعتبر برامج مميزة وجريئة.