"إبلاف"&من صنعاء: في خطوة تحمل الكثير من الجرأة، وزعت جامعة الإيمان التي تمر بمنعطف صعب خلال الفترة الحالية، إعلانا دعت فيه العلماء والباحثين والمفكرين اليمنيين للمشاركة بالكتابة في الندوة التي قررت عقدها الشهر المقبل تحت عنوان "تقوية الإيمان وزيادته".
ويعتبر البعض أن إعلان الجامعة المتزامن مع مطالبة بعض الجهات في إغلاقها، يهدف لإيصال رسالة "نحن هنا" اليهم، خاصة بعد الضجة التي أثارتها الفتوى الصادرة عن رئيس الجامعة في حق القيادي الإشتراكي د.ياسين سعيد نعمان.
يذكر ان رئيس جامعة الإيمان أصدر قبل الحرب الأهلية في اليمن عام 1994 الرسالة ذاتها. وتأسست الجامعة عام 1993 خلال الفترة الانتقالية التي تلت الوحدة اليمنية، إبان الأزمة السياسية التي سبقت الحرب في وقت كان رئيسها ومؤسسها عضواً في مجلس الرئاسة ممثلاً عن حزب تجمع الإصلاح. ومن المرجح ان يكون ذلك العام ثاني أزهى سنوات حياة الشيخ عبدالمجيد الزنداني الذي تعرض منذ إقامته النهائية في اليمن بعد وحدة 1990 لهجوم واسع من قبل التيار السلفي إثر تراجعه عن تحريم الديمقراطية والعمل الحزبي، وذلك بعد عودته من المملكة العربية السعودية وإعلانه المكوث بشكل نهائي في بلده.
ويعمل الشيخ الزنداني في صفوف أحد أهم الأحزاب السياسية اليمنية الآن. وفي العام 1994، تحالف الحزب الذي يترأسه الزنداني مع المؤتمر الشعبي الحاكم في حرب ضد الاشتراكيين (الملحدين)، شارك فيها عدد كبير من أنصاره، ونالوا رتبا عسكرية بعد الانتصار الذي حققوه. وأصدر الزنداني خلال تلك الفترة فتاوى لإعطاء الحرب مشروعيتها.
من المتوقع ان تبحث ندوة "تقوية الإيمان وزيادته" 14 محوراً&منها: مظاهر ضعف الإيمان وعلاجه، ولاشك أن البعض في صنعاء سيقرأ الندوة من عنوانها، وتوقيت إعلانها أيضاً، وبعض ما طرح في جول أعمالها كـ:دعوة الزعماء والمؤثرين في المجتمع والجماعات والأحزاب لتبني تقوية الإيمان وزيادته، وإدراجهم الأحزاب والمنظمات العلمانية -ولاشك أيضاً الشخصيات- ضمن معوقات الدعوة إلى الإيمان، وكذلك الضغوط الخارجية، فيما جاء الخروج في سبيل الله في باب أعمال الجوارح ضمن محور تقوية وزيادة الإيمان عملاً.
تبحث أيضاً إلصاق التهم الكاذبة بالعلماء ودعاة الإسلام، والنزاعات الفكرية، والتنقية من الشبهات، وضوابط التكفير، وطاعة ولي الأمر في المعروف، والصلاة وكيفية إقامتها.
وحددت خطة الندوة عدة أماكن للدعوة إلى الإيمان منها: المستشفيات، المعسكرات، وسائل النقل، والبيوت.كما أنها لم تخلو عن بحث ما امتاز الزنداني في طرحه، فسيتضمن برنامج الندوة محاضرات حول الإعجاز العلمي في القرآن وخاصة (الإعجاز العددي).
وتقع جامعة الإيمان في مدينة صنعاء، محاطة بأربعة معسكرات للجيش في الطرف الغربي من العاصمة مجاورة تماماً لمعسكر الفرقة الأولى التي يقودها الأخ غير الشقيق للرئيس صالح العميد علي محسن الأحمر. وتصعب زيارة الجامعة بسبب الاجراءات المعقدة والتي تشبه تلك المعمول بها في مداخل الثكنات العسكرية.
ولا يخضع الالتحاق بجامعة الإيمان للمفاصلة أو لدفع رسوم مالية، وليس متاحا أمام الراغبين في الانتساب اليها، فرغم أنها جامعة إسلامية شعبية عالمية معترف بها كعضو في اتحاد الجامعات العربية وهي غير ربحية، إلا أن الالتحاق بها يستوجب الحصول على تزكية شخصين من "أهل الثقة" الذين تبقى اسماؤهم غامضة، فاستمارات التسجيل لم تذكر ما يعرف عنهم.
ولعل ثقة الرئيس اليمني بحزب الإصلاح ورئيس مجلس الشورى بالاصلاح&الشيخ الزنداني كان الدافع الأساسي لوضع حجر الأساس للجامعة، واهباً إياها أرضاً تقدر مساحتها (577.200) متراً مربعاً.
ورشح التجمع اليمني للإصلاح المعارض علي عبدالله صالح ليمثله في الانتخابات الرئاسية عام 1999.
ورغم خوض الشيخ الزنداني حربا تحت راية صالح، وعدم تعرضه كغيره من الإسلاميين السياسيين في الوطن العربي للنظام الحاكم بسوء، الا انه تورط في نزاعين قضائيين كان أشهرهما مقتل الفتاة (لينا) في منزله مطلع التسعينات، القضية التي لم تكشف ملابساتها حتى اليوم، واتهامه من قبل الولايات المتحدة بقضايا تتعلق بالارهاب، الأمر الذي يحمله ضده خصمه السياسي، حزم المؤتمر الحاكم.
ويشتهر الزنداني الذي يعتبر مرجعاً في علم التوحيد والفقه، في علوم كالفلك والطب والجولوجيا وغيرها، لذلك عرف كأحد أشهر المنادين بما أسموه الإعجاز العلمي في القرآن والسنة. كما أن طريقته الجذابة في الحديث أعطته شعبية وحضوراً واسعين إلى جانب عدم تركه صغيرة ولا كبيرة من التخصصات العلمية إلا أحاط بها ولم يغادرها.
ويشاع أن الزنداني، الذي لم يغادر اليمن منذ اعتداءات 11 أيلول(سبتمبر) الا لمرة واحدة، وهي خلال زيارته للسعودية قبل تسعة أشهر مع الوفد المرافق للرئيس علي صالح بهدف تأدية شعائر الحج، يتخذ أعلى درجات الحيطة منذ أحداث واشنطن ونيويورك. ومنح الطلاب والعاملين في جامعته اجازة مفتوحة اثر اعتداءات أيلول(سبتمبر) خشية تعرضها لهجوم تحت ذريعة مكافحة الارهاب.
وحتى اليوم يجب أن يجرد المرء من هاتفه النقال كإجراء أمني لمقابلة الشيخ الزنداني، هذه الاحتياطات تتخذ أيضاً مع سياسيين وحزبيين أياً كانوا، حتى إن هم من قياديي التجمع اليمني للإصلاح الذي ينتمي إليه.
ويعلم الزنداني ان لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي آيه)، التي فتحت مكتبا للعمليات في مقر السفارة الأميركية في صنعاء، يد طولى لا تستطيع حيالها قصر يد الحكومة اليمنية.
يذكر ان الـ(سي آي آيه) تمكنت من ترصد جوال رجل القاعدة الأول في اليمن وإغتياله، كما أن ختمها يظهر على عملية اطلاق صاروخ من طائرة أميركية بدون طيار على سيارة كان يستقلها أبو علي الحارثي ورفاقه، ومقتلهم في صحرا مأرب.
كما تظهر بصمات وكالة الاستخبارات المركزية على قضية اختفاء عبدالسلام الحيلة، ناشط إسلامي ينتمي للإصلاح، الذي أعلن انه استقل طائرة أميركية الى العاصمة الأذربيجانية باكو، إضافه الى اعتقال عضو مجلس الشورى محمد المؤيد في ألمانيا.
كما تمكنت السلطات الأميركية من استدراج المؤيد والحيلة وإيقاعهما في المصيدة، فالأول غادر إلى فرانكفورت للالتقاء بأميركي مسلم يرغب بالتبرع بـ25 مليون دولار للأعمال الخيرية التي يقيمها مركز الإحسان في صنعاء، أم الثاني فقد هبط مصر للتعاقد على صفقة دسمة مع شركة المقاولين العرب، وكلا الأمرين كانا عبارة عن جبنة بيضاء في مصيدة فئران.
وتملك جامعة الإيمان حسابات مصرفية معلنة في ثلاثة بنوك إسلامية يمنية إضافة إلى مصرف قطر الإسلامي بالدوحة، وكما هو مشروط للتبرع لصالح الجامعة فإن الشيكات تحرر باسم الشيخ عبدالمجيد الزنداني شخصياً. وسعت الجامعة عبر حملاتها إلى جمع ثمانية عشر مليون وستمائة ألف دولار تحت بند دعم مشاريع الجامعة منها فقط مليونين وخمسمائة الف دولار لإنشاء مسجد الجامعة، إضافة إلى التبرعات الأخرى التي لم تضمن في المشاريع ككفالة أستاذ جامعي، وكفالة طالب.. الخ، إضافة إلى التبرعات على شكل وقف استثماري، كوقف الأراضي، والمشاريع الإنتاجية، وأيضاً شراء قسائم دعم لصالح الجامعة.
وكان الزنداني أسس وآخرون بعد حرب صيف 94 شركة الأسماك والأحياء البحرية، التي ظهرت إعلانات صحافية مدفوعة أثناء إنشائها تحمل تصريحات للزنداني تدعو المواطنين للاكتتاب في الشركة، وقد جمع في تلك الحملة ما يقرب من ستة مليارات ريال يمني، إلا أن الشركة تعثرت منذ إنشائها حتى الآن، ولم تستثمر أي من تلك الأموال سوى في إيداعات بفائدة في بعض البنوك الإسلامية.
وتضمن حديث نبوي ثلاثة أمور&ترفع شعار جامعة الإيمان:
(إيمان بالله ورسوله، جهاد في سبيل الله، وحج مبرور). كما تهدف الجامعة الى&إنشاء مدرسة ابتدائية وروضة للأطفال من ضمن مشاريعها المستقبلية، لكنها حالياً أعلنت عن إقامة ندوة بعد صمت طويل لازمها منذ 11سبتمبر 2001.