مونتريال من خالد سليمان: خرج المخرج المسرحي وجدي معوض من لبنان قبل لأن تشبع ذاكرته من اللغة العربية "اللهجة اللبنانية "، ولم يحمل معه بالتالي سوى كلمات وتعابير محدودة، لكنها تحرّض أشياء كثيرة في مجالات الإبداع المسرحية والسينمائية والروائية التي يعمل فيها.
ففي روايته الأولى التي صدرت عن دار ( ليمياك / آكت سود ) الفرنسية بعنوان "وجه مُسترد" يستثمر وجدي معوض تلك الذاكرة المحدودة من حيث الأيام والألوان والأغاني ومفردات اللهجة اللبنانية في بناء نص روائي يسمح له بالتعبير الحر ويضعه أمام مجال مفتوح لإستعادة أسئلة طفل الحرب وتحولاته في اللامكان وصورة الصاروخ الأول الذي حفر حدائق ذاكرته.
درس وجدي معوض المسرح في (المدرسة الوطنية للمسرح في كندا) ويدير مسرح "كات- سو" في مونتريال، يقول في مقابلة صحفية مع مجلة "آكتواليني" الكيبيكية بمناسبة صدور الرواية المذكورة : بأنه دخل المسرح كي يكمل حلمه الأكبر وهو كتابة الرواية.
&رواية "وجه مُسترد"، وجه مُقسم بين الزمن والجمال والخوف والغضب، مكون من عناصر الحرب والبرد والثلج والتشرد وقصص شعبية، وجه ينفجر بين ثقافتين، لغتين، سخريتين، قدرين، ومكانين مختلفين بدلالاتهما الإجتماعية والثقافية بعد أن أصبح في الخطوط البيانية لسرديات الصمت والغربة.
&بإمكان المرء البدء بالحديث عن "وجه مُسترد" في أية صفحة يقلبها ويقرأ "الجملة الروائية" لدى الكاتب. لأن الفضاء الذي يقوم فيه الروائي بمطابقة الأزمنة الموزعة بين لبنان قبل الحرب ولبنان الحرب ومدينة مونتريال الواقعة على جبال من الثلوج، هو فضاء "ليّن" ويمكّن الشخصية "الصغير وهاب" للحركة داخل أروقة التحولات التي يعيشها إبتداءاً من أيام تعرّف فيها على إسمه "وهاب" إسم قريب من إسم المطرب الكبير محمد عبد الوهاب الذي يسعده كثيراً، ففي تلك الأيام التي تعرّف فيها أيضاً على العم بطرس وكلبه وعلى جمال حديقتهم، أدرك الصغير ان الزمن يمشي وفق إيقاع طيران الطيور وأغاني عبد الوهاب وإيقاع اليوم والليل أيضاً. وهي بالتالي رواية بلا بداية وبلا نهاية تعتمد ذاكرة طفل مشاكس ينبش الماضي والحاضر بغية قتل الملل والروتين.
&في سياق هذه الومضات المتمثلة في التعرّف على العالم من خلال الإسم ومونسيور بطرس والحديقة والطيور والأغاني المذاعة من الراديو التي يتحرك الزمن وفقها، هناك طيف حرب طحن سيارة نقل كاملة بركابها وحرقهم أمام عيني الصغير وهاب وكان من ضمنهم أُمه، حرب تكونت من صاروخ ملعون كي يقع في حديقة الصغير ويحول خضارها الى لون رمادي ويوقف الزمن أو يضعه في دائرة المسخ.
&في يوم كان من المفترض أن يصبح فيه رجلا وهو يوم عيد ميلاده الرابع عشر وبعد دخوله المنزل يتعرض وهاب الى صدمة كبيرة تدفعه للهرب من البيت والإختفاء وهي تغيير وجه أُمه وعدم التعرّف عليه. وفي اللحظة ذاتها يحدث تحول متزامن مع وهاب وهو البقاء في اليوم الأول من عيد ميلاده الرابع عشر وعدم تجاوزه زمنياً. وفي هذه الحال التي تدرك فيها شخصية وهاب التحول في وجه الأُم وإختفاء وجهها الأصلي، تتجه الرؤى الداخلية عنده الى أمكنة مطابقة لهذا المسخ وهي شوارع مونتريال وثلوجها وبردها الذي يصل الى للعضم والنوم في أنفاق "الميترو" والأجساد الخشبية التي تسمى العمارات والشقق. فكل هذه الأمكنة لا تخبيئ جسد وهاب الصغير ويراوده فيها حلم الهرب بعيداً، بعيداً جداً، أبعد من حدود الحلم نفسه، لأن البقاء داخل المدينة يساعد الباحثين عنه العثور عليه والعودة بالتالي الى المرأة التي تحولت أعضاء جسدها الى الخشب وزادت كثافة شعرها في يوم عيد ميلاده. وقد سبق أن يرى صورة المرأة نفسها "الأُم" وهي تتمزق أمام ذلك الصاروخ الذي اخترق الحديقة في لبنان وأوقف حركة الزمن عند وهاب. لكنه كبر وترك ورائه البلد وحربه كأسئلة وجودية تُشترط على حدود الحلم والمسخ وقبلهما الخوف والبكاء، ووصل الى يوم قرر فيه البقاء وعدم الخروج الى أيام أُخرى تأتي بعده، أي منع مستقبل لا يفترض على نفسه الاّ مزيد من الشقاء. لهذا قرر وهاب أن لا يكبر ويترك عيد ميلاده الأخير في صمت الأب والأخوين نضال ومنال.
&يحاول الكاتب وجدي معوض في "وجه مُسترد" تأسيس عالم يشبه عالم شخصية "فرانز كافكا" في روايته المشهرة "المسخ"، ففي وقت يقرر غريغور سامسا بطل كافكا البقاء في الغرفة وعدم الخروج بعد أن رأت نفسها تحولت الى حشرة مريعة، يقرر الصغير وهاب البقاء في اليوم الأول من عيد ميلاده الرابع عشر وعدم الخروج منه بعد أن رأى المسخ في وجه أُمه ويبقى في دائرة عمره المحدود و"التحولات" التي تحدث فيه. فهو عندما يهرب من المنزل والمدينة ويلقى نفسه في ريف المدينة "بانليو" يواجه حالة "تحول" أُخرى عند شيخ كيبيكي"فرنسي كندي" تسكنه الذئاب ولايرى من الليل والثلج الاّ قطيع من الذئاب ويظهر أن الزمن توقف في حياته في عمر محدد ولم يبق له الاّ رواية تحوله المخيف بين قطيع الذئاب.
&ومن جهة أُخرى يوظف وجدي معوض بالإضافة الى توظيفه أشباح الحرب اللبنانية في تكوين وهاب ومراجع شخصيته التي تتمثل بالمسخ من خلال صور المسخ حوله، يوظف اسطورة كيبيكيه تقول أن رجلاً باع روحه فتحول الى ذئب يدخل الى أي بيت يقصده. فهذه القصة التي تتعلق بالخوف من الذئاب ومهاجماتهم المباغتة كلما هطلت الثلوج تحتل مساحة واسعة من بيانات " وجه مُسترد " الروائية التي تتكون كما أشرت في البداية من الزمن والجمال والخوف والغضب، وتصبح صور الذئاب عنده كما صور الحرب حقيقة ملاصقة به في كل لحظة يدرك فيها الطفولة الأسيرة بين زمن لم يعد له إيقاع محسوس وبين جمال أصبح جزءاً من الغضب والخوف.
&ونلاحظ من خلال هذه التحولات ومن خلال إرتسام مفاصلها الأساسية التي تتبدى في خطوات الصغير بين هنا حيث المنزل وشوارع المدينة وميترو الأنفاق وبانليو والمشفى حيث جسد الأُم الراقد وبين هناك المتجسد في الحرب والحديقة والمطبخ الذي أصاب فيه صاروخ جسد الأُم، نلاحظ أن هناك فضاء ماضوي كامل يتحكم ببنية الشخصية النفسية، فهو يتذكر بإستمرار جمل وكلمات عربية التقطها قبل الهروب نحو المنفى ويمزجها مع لغته الفرنسية عندما يغضب ويشتم وكأنه لا يقدرعلى الصراخ الاّ من خلال ذلك الماضي الذي أصبح ليله المفضل (كيف اليوم بيقدر بعد يضهر من الليل). هكذا يعبّر الصغير وباللغة العربية عن مشكلة الخروج من سجنه المصنوع من المسخ والثلوج والأوهام وممارسات حب روتينية بغية إخفاء الذات من إيمانه المطلق (لا يقضي على خوف طفولي الاّ خوف آخر في الطفولة).
&قبل الخروج أو قبل الوصول الى سن الرشد الذي رفضه وكره وصفه (لقد أصبحت رجلاً إعتتباراً من اليوم)
كان يريد الأعتراف للجميع بأن شيئ ما سيحدث لا يعرف ما هو لونه وشكله، لكن الخوف، خوف كبير منعه من ذلك وأدى به الى الإعتذار من الأّم بعد الهروب منها ورؤيتها بوجه آخر غير ذلك الوجه الذي يتذكر من خلاله الحديقة ومونسيور بطرس والقافلة التي احترق فيها الجميع وأشعلت الحرب. فمنذ تلك اللحظة والصغير وهاب يعيش بين حديقة أُستأصلت وبين صورة الأُم المتناثرة في المطبخ ومن ثم مساحة أُخرى وهي المنفى وشرطه القاسي ( لقد أصبحت رجلاً). لكن التحول في وجه الأّم هو شرط آخر في الوقت ذاته يدفعه للهروب من الرجولة والطفولة وصمت الأب ويعلن بالتالي بقائه في اليوم الأخير من عيد ميلاده.&
ففي روايته الأولى التي صدرت عن دار ( ليمياك / آكت سود ) الفرنسية بعنوان "وجه مُسترد" يستثمر وجدي معوض تلك الذاكرة المحدودة من حيث الأيام والألوان والأغاني ومفردات اللهجة اللبنانية في بناء نص روائي يسمح له بالتعبير الحر ويضعه أمام مجال مفتوح لإستعادة أسئلة طفل الحرب وتحولاته في اللامكان وصورة الصاروخ الأول الذي حفر حدائق ذاكرته.
درس وجدي معوض المسرح في (المدرسة الوطنية للمسرح في كندا) ويدير مسرح "كات- سو" في مونتريال، يقول في مقابلة صحفية مع مجلة "آكتواليني" الكيبيكية بمناسبة صدور الرواية المذكورة : بأنه دخل المسرح كي يكمل حلمه الأكبر وهو كتابة الرواية.
&رواية "وجه مُسترد"، وجه مُقسم بين الزمن والجمال والخوف والغضب، مكون من عناصر الحرب والبرد والثلج والتشرد وقصص شعبية، وجه ينفجر بين ثقافتين، لغتين، سخريتين، قدرين، ومكانين مختلفين بدلالاتهما الإجتماعية والثقافية بعد أن أصبح في الخطوط البيانية لسرديات الصمت والغربة.
&بإمكان المرء البدء بالحديث عن "وجه مُسترد" في أية صفحة يقلبها ويقرأ "الجملة الروائية" لدى الكاتب. لأن الفضاء الذي يقوم فيه الروائي بمطابقة الأزمنة الموزعة بين لبنان قبل الحرب ولبنان الحرب ومدينة مونتريال الواقعة على جبال من الثلوج، هو فضاء "ليّن" ويمكّن الشخصية "الصغير وهاب" للحركة داخل أروقة التحولات التي يعيشها إبتداءاً من أيام تعرّف فيها على إسمه "وهاب" إسم قريب من إسم المطرب الكبير محمد عبد الوهاب الذي يسعده كثيراً، ففي تلك الأيام التي تعرّف فيها أيضاً على العم بطرس وكلبه وعلى جمال حديقتهم، أدرك الصغير ان الزمن يمشي وفق إيقاع طيران الطيور وأغاني عبد الوهاب وإيقاع اليوم والليل أيضاً. وهي بالتالي رواية بلا بداية وبلا نهاية تعتمد ذاكرة طفل مشاكس ينبش الماضي والحاضر بغية قتل الملل والروتين.
&في سياق هذه الومضات المتمثلة في التعرّف على العالم من خلال الإسم ومونسيور بطرس والحديقة والطيور والأغاني المذاعة من الراديو التي يتحرك الزمن وفقها، هناك طيف حرب طحن سيارة نقل كاملة بركابها وحرقهم أمام عيني الصغير وهاب وكان من ضمنهم أُمه، حرب تكونت من صاروخ ملعون كي يقع في حديقة الصغير ويحول خضارها الى لون رمادي ويوقف الزمن أو يضعه في دائرة المسخ.
&في يوم كان من المفترض أن يصبح فيه رجلا وهو يوم عيد ميلاده الرابع عشر وبعد دخوله المنزل يتعرض وهاب الى صدمة كبيرة تدفعه للهرب من البيت والإختفاء وهي تغيير وجه أُمه وعدم التعرّف عليه. وفي اللحظة ذاتها يحدث تحول متزامن مع وهاب وهو البقاء في اليوم الأول من عيد ميلاده الرابع عشر وعدم تجاوزه زمنياً. وفي هذه الحال التي تدرك فيها شخصية وهاب التحول في وجه الأُم وإختفاء وجهها الأصلي، تتجه الرؤى الداخلية عنده الى أمكنة مطابقة لهذا المسخ وهي شوارع مونتريال وثلوجها وبردها الذي يصل الى للعضم والنوم في أنفاق "الميترو" والأجساد الخشبية التي تسمى العمارات والشقق. فكل هذه الأمكنة لا تخبيئ جسد وهاب الصغير ويراوده فيها حلم الهرب بعيداً، بعيداً جداً، أبعد من حدود الحلم نفسه، لأن البقاء داخل المدينة يساعد الباحثين عنه العثور عليه والعودة بالتالي الى المرأة التي تحولت أعضاء جسدها الى الخشب وزادت كثافة شعرها في يوم عيد ميلاده. وقد سبق أن يرى صورة المرأة نفسها "الأُم" وهي تتمزق أمام ذلك الصاروخ الذي اخترق الحديقة في لبنان وأوقف حركة الزمن عند وهاب. لكنه كبر وترك ورائه البلد وحربه كأسئلة وجودية تُشترط على حدود الحلم والمسخ وقبلهما الخوف والبكاء، ووصل الى يوم قرر فيه البقاء وعدم الخروج الى أيام أُخرى تأتي بعده، أي منع مستقبل لا يفترض على نفسه الاّ مزيد من الشقاء. لهذا قرر وهاب أن لا يكبر ويترك عيد ميلاده الأخير في صمت الأب والأخوين نضال ومنال.
&يحاول الكاتب وجدي معوض في "وجه مُسترد" تأسيس عالم يشبه عالم شخصية "فرانز كافكا" في روايته المشهرة "المسخ"، ففي وقت يقرر غريغور سامسا بطل كافكا البقاء في الغرفة وعدم الخروج بعد أن رأت نفسها تحولت الى حشرة مريعة، يقرر الصغير وهاب البقاء في اليوم الأول من عيد ميلاده الرابع عشر وعدم الخروج منه بعد أن رأى المسخ في وجه أُمه ويبقى في دائرة عمره المحدود و"التحولات" التي تحدث فيه. فهو عندما يهرب من المنزل والمدينة ويلقى نفسه في ريف المدينة "بانليو" يواجه حالة "تحول" أُخرى عند شيخ كيبيكي"فرنسي كندي" تسكنه الذئاب ولايرى من الليل والثلج الاّ قطيع من الذئاب ويظهر أن الزمن توقف في حياته في عمر محدد ولم يبق له الاّ رواية تحوله المخيف بين قطيع الذئاب.
&ومن جهة أُخرى يوظف وجدي معوض بالإضافة الى توظيفه أشباح الحرب اللبنانية في تكوين وهاب ومراجع شخصيته التي تتمثل بالمسخ من خلال صور المسخ حوله، يوظف اسطورة كيبيكيه تقول أن رجلاً باع روحه فتحول الى ذئب يدخل الى أي بيت يقصده. فهذه القصة التي تتعلق بالخوف من الذئاب ومهاجماتهم المباغتة كلما هطلت الثلوج تحتل مساحة واسعة من بيانات " وجه مُسترد " الروائية التي تتكون كما أشرت في البداية من الزمن والجمال والخوف والغضب، وتصبح صور الذئاب عنده كما صور الحرب حقيقة ملاصقة به في كل لحظة يدرك فيها الطفولة الأسيرة بين زمن لم يعد له إيقاع محسوس وبين جمال أصبح جزءاً من الغضب والخوف.
&ونلاحظ من خلال هذه التحولات ومن خلال إرتسام مفاصلها الأساسية التي تتبدى في خطوات الصغير بين هنا حيث المنزل وشوارع المدينة وميترو الأنفاق وبانليو والمشفى حيث جسد الأُم الراقد وبين هناك المتجسد في الحرب والحديقة والمطبخ الذي أصاب فيه صاروخ جسد الأُم، نلاحظ أن هناك فضاء ماضوي كامل يتحكم ببنية الشخصية النفسية، فهو يتذكر بإستمرار جمل وكلمات عربية التقطها قبل الهروب نحو المنفى ويمزجها مع لغته الفرنسية عندما يغضب ويشتم وكأنه لا يقدرعلى الصراخ الاّ من خلال ذلك الماضي الذي أصبح ليله المفضل (كيف اليوم بيقدر بعد يضهر من الليل). هكذا يعبّر الصغير وباللغة العربية عن مشكلة الخروج من سجنه المصنوع من المسخ والثلوج والأوهام وممارسات حب روتينية بغية إخفاء الذات من إيمانه المطلق (لا يقضي على خوف طفولي الاّ خوف آخر في الطفولة).
&قبل الخروج أو قبل الوصول الى سن الرشد الذي رفضه وكره وصفه (لقد أصبحت رجلاً إعتتباراً من اليوم)
كان يريد الأعتراف للجميع بأن شيئ ما سيحدث لا يعرف ما هو لونه وشكله، لكن الخوف، خوف كبير منعه من ذلك وأدى به الى الإعتذار من الأّم بعد الهروب منها ورؤيتها بوجه آخر غير ذلك الوجه الذي يتذكر من خلاله الحديقة ومونسيور بطرس والقافلة التي احترق فيها الجميع وأشعلت الحرب. فمنذ تلك اللحظة والصغير وهاب يعيش بين حديقة أُستأصلت وبين صورة الأُم المتناثرة في المطبخ ومن ثم مساحة أُخرى وهي المنفى وشرطه القاسي ( لقد أصبحت رجلاً). لكن التحول في وجه الأّم هو شرط آخر في الوقت ذاته يدفعه للهروب من الرجولة والطفولة وصمت الأب ويعلن بالتالي بقائه في اليوم الأخير من عيد ميلاده.&
&
Visage retrouve
Wajdi Mouawad
LEMEAC/ ACTES SUD
Wajdi Mouawad
LEMEAC/ ACTES SUD
التعليقات