مايك ألين من بغداد: بينما كانت طائرة الرئاسة الاميركية تتجه نحو الهبوط غير المعلن من خلال إشارات مموهة في العراق الخميس، مرت الطائرة من طراز بوينغ ـ 474 بالقرب من طائرة للخطوط الجوية البريطانية، فشاهدها الطيار البريطاني، وقال عبر جهاز الاتصالات: «هل هذه طائرة الرئاسة؟»، فرد عليه قائد طائرة بوش الكولونيل مارك تيلمان «هذه غولف ستريم ـ 5».
وحسب رواية احد مساعدي بوش، فإن الطيار البريطاني بدا مدركاً انه قد كشف عن سر، ورد قائلاً «اوه»!
وكان هدف الرحلة تعزيز الروح المعنوية للجنود، ودعم وضع الرئيس بوش السياسي. وقد ظل يجري التخطيط لها منذ اسابيع، الا ان عددا قليلاً يعد على اصابع اليد من اقرب اعوان الرئيس كانوا على علم مسبق بها.
وقال مسؤول رفيع في الادارة للصحافيين انه حتى بعض اعضاء فريق الجهاز الامني الخاص بالرئيس بوش كانوا يعتقدون انه موجود في كرافورد في ولاية تكساس وانهم كانوا يعدون لنقل والديه الى هناك للاحتفال بعيد الشكر.
ونقل سبعة مراسلين ومصورين، وهو نصف عدد الصحافيين الذين يصطحبون الرئيس عادة في طائرة الرئاسة، بعد ابلاغهم بذلك قبل ساعات قليلة الاربعاء، الى مهبط صغير للطائرات مؤمن ومعزول في كلية ولاية تكساس الفنية في داكو، الذي يستخدمه بوش عند اقامته في مزرعته.
وقد منع الصحافيون حتى من ابلاغ اسرهم او المؤسسات التي يعملون فيها بهذه الرحلة. وابلغوا انهم سيستعيدون هواتفهم النقالة بعد الهبوط في بغداد. وكانوا قد ابلغوا بأن الرئيس سيقضي عيد الشكر في مزرعة باريري تشابيل.
مع رايس.. كأنهما زوجان
وحاول البيت الابيض تضليل المراسلين بإبلاغهم ان بوش سيجري مكالمات هاتفية مع عدد من الجنود وعادة ما يستقل بوش طائرة الرئاسة بالانتقال اليها بواسطة طائرة مروحية او بقافلة تضم الى جانب سيارته سيارات مساعديه وحافلة لأجهزة الاتصالات، وسيارة اسعاف. وللتسلل من دون لفت الانتباه، لم يستخدم ايا من الوسيلتين، بل نقل سراً الى مهبط الطائرات في داكو في سيارة عادية ومعه عدد محدود جداً من رجال الامن، ووصف بوش ذلك للمراسلين لاحقاً بقوله «لقد جاءوا بسيارة عادية بزجاج مظلل، وارتديت قبعة بيسبول وكذلك كوندي (اي كوندوليسا رايس) وكنا نبدو كزوجين عاديين».
وكاتب هذه السطور، الذي مثل الصحف في مجموعة وسائل الاعلام الاخرى المصاحبة للرئيس، ممن زودوا زملاءهم الغائبين بالانباء، علم بهذه الرحلة اول مرة قبل اقل من اربع ساعات من انطلاقها. وكنت اتحدث عبر هاتفي النقال في مدرسة كرافورد المتوسطة التي تستخدم كمركز صحفي من قبل البيت الابيض، عندما اشار إلي ستيف اتكيس احد مساعدي الرئيس، وطلب مني ان استقل الشاحنة التي كان يقودها، حيث ذهبنا الى موقف سيارات مهجور وطلب مني النزول لأن هناك شخصاً يود الحديث الي. وخرج دان بارتليت مدير الاتصالات في البيت الابيض من سيارته، وهو يبتسم بخبث لهذا اللقاء المفاجئ.
وقال «لدي اخبار لك. الرئيس سيذهب الى بغداد».
وطلب مني الذهاب معه، ولكن يجب الا ابلغ مؤسستي او اسرتي. وطلب مني الاستعداد ولقاءه في تمام الخامسة والنصف مساء في موقف للسيارات في استاد جامعة بيلور. واثناء اللقاء كان المراسلون والمصورون ما زالوا مقتنعين بأن ذلك قد يكون مقلباً ظريفاً، وكانوا يعدون انفسهم للرد على اتكيس عند اعترافه بذلك المقلب.
وانضمت الى القافلة المكونة من مركبتين سيارة جيب غراند شيروكي بيضاء كان فيها بليك غوتسمان مساعد الرئيس الشخصي، ويقودها نائب رئيس موظفي البيت الابيض جوزيف هاغين. وجلس بارتليت في المقعد الخلفي وقاد اتكيس القافلة الى مهبط الطائرات في داكو.
وفي الكابينة المخصصة للصحافة في طائرة الرئاسة اسدلت الستائر، واغلق بابها وذلك حتى لا يتمكن المراسلون من رؤية بوش عند وصوله، ولا مرافقيه والاسلحة التي يحملونها. وعلم المراسلون بوجوده فقط عندما بدأت محركات الطائرة تهدر
في قاعدة أندروز
وبدأت الطائرة في التوجه مباشرة الى بغداد بسرعة 665 ميلاً في الساعة. فبعد مغادرة تكساس توجهت الطائرات شبه الخالية الى قاعدة اندروز الجوية في مريلاند للتزود بالوقود ولاصطحاب قائد هيئة الاركان اندرو كارد، وستة مراسلين اخرين. وكانوا قد التقوا في موقف للسيارات امام احد فنادق هوليداي ان حيث صادر المسؤولون كافة اجهزتهم الالكترونية مثل اجهزة التصوير التلفزيوني واجهزة البيجر، وذلك حتى لا يكشفوا عن الموقع السري الذي سينضمون فيه الى مرافقي الرئيس.
ولدى بوش طائرتان متشابهتان تماماً، واي منهما يمكن تحويلها الى طائرة الرئاسة عندما يستقلها بوش، ويطلق على الثانية «الاحتياطي»، ومن النادر ان تشاهدا معاً. وفي تلك الليلة كان على الرئيس استخدام حظيرة طائرة الرئاسة السرية للغاية في قاعدة اندروز للانتقال الى طائرة اخرى كانت تزود بالوقود والمأكولات والمشروبات، وهي تستعد للانطلاق.
وكان الضجيج عالياً في الحظيرة حتى انه لم يكن في الاستطاعة سماع ما يقول، لكنه رفع يده مشكلاً من ابهامه واصبعه الصغيرة علامة الهاتف ووضعهما على اذنه، كمن يستخدم الهاتف، وقال «لا اتصالات.. مفهوم؟». واكد ذلك بتمرير يده امام عنقه كناية عن القطع، وقال «لا اتصالات».
وانطلقت طائرة الرئاسة باتجاه بغداد بعد عشر دقائق، واستغرق بوش في النوم بعد عشرين دقيقة.. وكان معظم مساعدي الرئيس يرتدون ملابس مموهة لأسباب امنية. واعطي المراسلون سترات واقية من الرصاص.
وبعد حوالي عشر ساعات من مغادرة قاعدة اندروز الجوية اطفئت اضواء الكابينة، واسدلت جميع الستائر، وبعد عشرين دقيقة هبطنا في بغداد.
&"ايلاف" حصلت على تفاصيل مباحثات اعضاء
مجلس الحكم مع الرئيس الامريكي في بغداد
الربيعي : بوش أكد لنا انسحاب قواته
من العراق فور طلب الحكومة المنتخبة ذلك
مجلس الحكم مع الرئيس الامريكي في بغداد
الربيعي : بوش أكد لنا انسحاب قواته
من العراق فور طلب الحكومة المنتخبة ذلك
التعليقات