موسى الخميسي من روما: التغير الحاسم في الفن التشكيلي العالمي يتثمل في انقطاع الحبل السري الذي كان يربط هذا الفن ببعض التماثلات مع الواقع الإنساني، فالرسام في أيامنا هذه منصب على إعادة صياغة عوالم الأشياء المرئية التي تحيطه في نظام لا يمت لعالم اللوحة التقليدية بصلة، عالم متكون من ألوان وإيقاعات وأنسجة خامات، وتقسيم فراغات وترتيب أحجام من عندياته من دون النظر الى الخارج الذي يحيط به. |
وهذا الأمر ينطبق على العديد من الفنانين العرب الذين يعيشون في أوربا والذي أصبحت ممارسة الفن بالصيغ الجديدة بالنسبة إليهم، تجسيد للتحرر والتحول الذي يطمحون لتحقيقه من اجل التواصل مع معطيات الواقع الذي يعيشونه جامعين وفي آن واحد بين الصوري والتجريد.
والفنان فتحي حسن واحد من هؤلاء الفنانين الذي ركز في السنوات الأخيرة على أسلوبه الخطي التلقائي، الموازي في تطوره للتعبيرية التجريدية الشائعة الآن في معظم بلدان أوربا الغربية.
العالم في لوحاته يتكون من صور تحتويها الحياة اليومية، لا تحمل الكثير من الغموض الذي اعتاده فنانونا عندما قرروا التحول في تجاربهم الفنية لمسايرة المتغيرات الحياتية والفنية الجديدة، فهي لوحات تسجل لرؤى داخلية في شبكة خطوط عربية أحيانا من خلال استخدام كلمات وحروف عربية، تجتمع حول محور خيالي واحد وكأنه يرغب في وضع كل العالم الذي يريد بنائه على سطح لوحته الصغيرة، بعد ان كان مهتما بموجودات الحياة اليومية التي تزخر بها قرى النوبة في مصر القادم منها، كأكياس الرمل البيضاء التي علقها على جدران بيناله فينسيا سنة 1990 أثناء مشاركته مع مجموعة من الفنانين الشباب بدعوة من إدارة البيناله للتجربات الشابة الجديدة ممثلا جمهورية مصر العربية.
دافئ الألوان حميم الخطوط في لوحاته ويبدع رسوما تمت بعضها بصورة غير مباشرة الى التراث العربي بصلات أكيدة لم تلدها الصدفة على أية حال، بل هي وليدة دراسة معمقة وانبهار بمعطيات الفن الإسلامي، من خلال رؤية الأشكال الفلكلورية التقليدية وملامح الوجوه العربية التي وظفها في عمله الفني بعد ان اكتشف الرغبة المحيطة عند الإيطاليين لمعرفة جماليات الضفة الأخرى للعالم الشرقي الأكثر عراقة ودفء .
فتحي حسن وهو يتجنب بعض الأحيان المراقبة الواعية، تأخذه التلقائية التي تتولد منها العلامات والإشارات الشكلية الغير متباينة، فانه في مثل هذه الحالة يرسم سطوح وخطوط تدور حول نفسها وكأنها شكل لموجات تتصادم وتجري داخل اللوحة تفصل بينها وبين بعض أحيانا مساحات مسطحة تحمل ألوانا ساطعة، ويزيد من قوة هذه الألوان وعنفها الشرقي تناقضها الذي يتراءى لنا في بعض الأحيان وكأنه أشباح قادمة من أماكن اقل ما يقال عنها انها بعيدة.
في أحيان أخرى وفي لوحاته الجديدة نرى تركيبات لعالم غنائي تبدو في مضامينها القصصية بعض من الفطرية وما تثيره من غوامض وكأنها على صلة بالعوالم الأسطورية، تحمل تلوينات& تقترب الى فن المنمنمات، ولكنها اكثر عفوية و لا تخضع لأي تصميم مسبق،& تتوالد من بعضها البعض في أجواء غنائية حالمة.
في تقنياته الجديدة اعتمد على وضع طبقات كثيفة من الألوان ينتزع بعضها& بمهارة تقنية عالية وأحيانا بعبثية متصنعة ليحولها الى مادة جمالية للطبقات اللونية الشفافة المتبقية على سطح اللوحة، وما يتخللها من خطوط تتفاوت أعماقها، كما انه سعى لاستخدام عناصر مأخوذة مباشرة من الواقع وإدخالها بعد اجتزائها من محيطها الأساسي، لتعطي انطباعا جماليا بالقدم ومرور الزمن وكأنها جزء من نسيج الواقع.
ان تتبعنا لهذا التنوع في الأساليب عند هذا الفنان سيقودنا الى ملاحظة هامة تتعلق بالصورة اللاشكلية المنتجة وكأنها قد ولدت من الصدفة وحدها مع ان العديد من أعماله لم تكن لا إرادية، وهذا ما نجده عند كبار فنانو التعبيرية التجريدية الإيطالية بالذات التي تحاول على الدوام اخذ صفات موضوعية على الرغم من ضربات الريشة السريعة التي تحاول التمويه والغموض والضبابية أحيانا، الا انها من خلال هذه التلقائية والعفوية المقصودتين، تنبثق أمامنا صور إنسانية لم تفقد دلالتها رغم طابعها التجريدي، وهو التعبير الأكثر مباشرة وحميمية عن الحالة الذاتية التي يعيشها الفنان نفسه في محيطه الجديد.
التمثيل اللاشكلي عند الفنان فتحي حسن الشديد الاعتزاز بانتسابه للنوبة في مصر يأخذ بعض الأحيان صفة الرمز الملتصق بالعناصر التعبيرية ذات الصلة بالحدث المصور الذي يعبر عنه بعض الأحيان بانفعال ترسمه المساحات اللونية المبسطة والمختزلة والخطوط ذات الطابع الرقشي دون المبالاة& بالأحجام ووسائلها ، فهي تحتفظ بشيء من الغنائية الرومانسية ورموز ارض النوبة وما حملته من أمجاد تاريخية عظيمة، حيث تتحول المتناغمات المتولدة من رسم هذه المساحات اللونية القلقة وهي ذات طابع تزييني، تدفع الى الجانب التأملي وهو ما يدخل اليها عناصر الحركة باعتبارها معالجة ذات قوة إيحائية تعبيرية& تنحو نحو القلق العاطفي والخيال وتمزج بين الأسطورة والواقع ضمن مفهوم واضح يرفض التقيد بالمنظور ويستعير بالإشارات ، حيث يعمد الفنان الى عفوية الحركة والارتجال وحتى الى مصادر الصدفة او الاحتمال ، حيث بات همه نقل المشاهد الى اللوحة كي يصبح مشاركا فيها وليس حكما عليها، كما انه في الوقت نفسه يحاول استخراج أشياء كثيرة من المحسوس ليعتبره جزء من حقائقه الخاصة، مراعيا التحولات التي طرأت على الرؤية الفنية في مفهوم اللوحة والتي تحتم على الرسام استنباط تقنيات جديدة حلت الفكرة محل الصورة في مجال التعبير الفني كنتيجة لتحرر الفنان إزاء الموضوع وتبدل الرؤية الفنية، باعتبار ان الفن اليوم وكما يفهمه فتحي حسن يتعامل مع الفكرة والشعور والحس أو ما يسميه كاندنسكي( الضرورة الداخلية) في محاولة لجعل اللامرئي مرئيا بحسب تعبير بول كلي.
من ينظر الى أعمال هذا الفنان النوبي تدفعه رغبة حميمة للتأمل لما اتبعه من تقنيات متنوعة وبموضوعات يومية بسيطة، واتجاهات مختلفة، يوحدها التناغم بكل ما تحمله من تشابكات في الخطوط وتنوع وكثافة وارتباط، متوصلا الى خلق فضاءات لا شكلية داخل تركيبة اللوحة التي يزخر سطحها الفضائي بالخطوط والبنية، وبين الشكل واللا شكل، وبين النور والظلمة، وبالنبرات اللونية التأثيرية المتصارعة والمتواترة بمناخاتها، كأنها أبجديات كتبت بلغة مبهمة الى حد ما، لكنها تكتسب حضورا ذا دلالة بتناسقها الذي ينتظم في العديد من الحالات& في شكل غير مستبعد فيه عامل الصدفة والبراعات الفنية والحركية وغير مستبعد فيه أيضا المظاهر الإيهامية القريبة من الفن البصري التعبيري وهي في الوقت نفسه لا تبتعد عن الهدف التزييني بتناغم ألوانها وموسيقية العلاقات الخطية فيها ما يكفي لإيجاد لغة تعبيرية.
والفنان فتحي حسن واحد من هؤلاء الفنانين الذي ركز في السنوات الأخيرة على أسلوبه الخطي التلقائي، الموازي في تطوره للتعبيرية التجريدية الشائعة الآن في معظم بلدان أوربا الغربية.
العالم في لوحاته يتكون من صور تحتويها الحياة اليومية، لا تحمل الكثير من الغموض الذي اعتاده فنانونا عندما قرروا التحول في تجاربهم الفنية لمسايرة المتغيرات الحياتية والفنية الجديدة، فهي لوحات تسجل لرؤى داخلية في شبكة خطوط عربية أحيانا من خلال استخدام كلمات وحروف عربية، تجتمع حول محور خيالي واحد وكأنه يرغب في وضع كل العالم الذي يريد بنائه على سطح لوحته الصغيرة، بعد ان كان مهتما بموجودات الحياة اليومية التي تزخر بها قرى النوبة في مصر القادم منها، كأكياس الرمل البيضاء التي علقها على جدران بيناله فينسيا سنة 1990 أثناء مشاركته مع مجموعة من الفنانين الشباب بدعوة من إدارة البيناله للتجربات الشابة الجديدة ممثلا جمهورية مصر العربية.
دافئ الألوان حميم الخطوط في لوحاته ويبدع رسوما تمت بعضها بصورة غير مباشرة الى التراث العربي بصلات أكيدة لم تلدها الصدفة على أية حال، بل هي وليدة دراسة معمقة وانبهار بمعطيات الفن الإسلامي، من خلال رؤية الأشكال الفلكلورية التقليدية وملامح الوجوه العربية التي وظفها في عمله الفني بعد ان اكتشف الرغبة المحيطة عند الإيطاليين لمعرفة جماليات الضفة الأخرى للعالم الشرقي الأكثر عراقة ودفء .
فتحي حسن وهو يتجنب بعض الأحيان المراقبة الواعية، تأخذه التلقائية التي تتولد منها العلامات والإشارات الشكلية الغير متباينة، فانه في مثل هذه الحالة يرسم سطوح وخطوط تدور حول نفسها وكأنها شكل لموجات تتصادم وتجري داخل اللوحة تفصل بينها وبين بعض أحيانا مساحات مسطحة تحمل ألوانا ساطعة، ويزيد من قوة هذه الألوان وعنفها الشرقي تناقضها الذي يتراءى لنا في بعض الأحيان وكأنه أشباح قادمة من أماكن اقل ما يقال عنها انها بعيدة.
في أحيان أخرى وفي لوحاته الجديدة نرى تركيبات لعالم غنائي تبدو في مضامينها القصصية بعض من الفطرية وما تثيره من غوامض وكأنها على صلة بالعوالم الأسطورية، تحمل تلوينات& تقترب الى فن المنمنمات، ولكنها اكثر عفوية و لا تخضع لأي تصميم مسبق،& تتوالد من بعضها البعض في أجواء غنائية حالمة.
في تقنياته الجديدة اعتمد على وضع طبقات كثيفة من الألوان ينتزع بعضها& بمهارة تقنية عالية وأحيانا بعبثية متصنعة ليحولها الى مادة جمالية للطبقات اللونية الشفافة المتبقية على سطح اللوحة، وما يتخللها من خطوط تتفاوت أعماقها، كما انه سعى لاستخدام عناصر مأخوذة مباشرة من الواقع وإدخالها بعد اجتزائها من محيطها الأساسي، لتعطي انطباعا جماليا بالقدم ومرور الزمن وكأنها جزء من نسيج الواقع.
ان تتبعنا لهذا التنوع في الأساليب عند هذا الفنان سيقودنا الى ملاحظة هامة تتعلق بالصورة اللاشكلية المنتجة وكأنها قد ولدت من الصدفة وحدها مع ان العديد من أعماله لم تكن لا إرادية، وهذا ما نجده عند كبار فنانو التعبيرية التجريدية الإيطالية بالذات التي تحاول على الدوام اخذ صفات موضوعية على الرغم من ضربات الريشة السريعة التي تحاول التمويه والغموض والضبابية أحيانا، الا انها من خلال هذه التلقائية والعفوية المقصودتين، تنبثق أمامنا صور إنسانية لم تفقد دلالتها رغم طابعها التجريدي، وهو التعبير الأكثر مباشرة وحميمية عن الحالة الذاتية التي يعيشها الفنان نفسه في محيطه الجديد.
التمثيل اللاشكلي عند الفنان فتحي حسن الشديد الاعتزاز بانتسابه للنوبة في مصر يأخذ بعض الأحيان صفة الرمز الملتصق بالعناصر التعبيرية ذات الصلة بالحدث المصور الذي يعبر عنه بعض الأحيان بانفعال ترسمه المساحات اللونية المبسطة والمختزلة والخطوط ذات الطابع الرقشي دون المبالاة& بالأحجام ووسائلها ، فهي تحتفظ بشيء من الغنائية الرومانسية ورموز ارض النوبة وما حملته من أمجاد تاريخية عظيمة، حيث تتحول المتناغمات المتولدة من رسم هذه المساحات اللونية القلقة وهي ذات طابع تزييني، تدفع الى الجانب التأملي وهو ما يدخل اليها عناصر الحركة باعتبارها معالجة ذات قوة إيحائية تعبيرية& تنحو نحو القلق العاطفي والخيال وتمزج بين الأسطورة والواقع ضمن مفهوم واضح يرفض التقيد بالمنظور ويستعير بالإشارات ، حيث يعمد الفنان الى عفوية الحركة والارتجال وحتى الى مصادر الصدفة او الاحتمال ، حيث بات همه نقل المشاهد الى اللوحة كي يصبح مشاركا فيها وليس حكما عليها، كما انه في الوقت نفسه يحاول استخراج أشياء كثيرة من المحسوس ليعتبره جزء من حقائقه الخاصة، مراعيا التحولات التي طرأت على الرؤية الفنية في مفهوم اللوحة والتي تحتم على الرسام استنباط تقنيات جديدة حلت الفكرة محل الصورة في مجال التعبير الفني كنتيجة لتحرر الفنان إزاء الموضوع وتبدل الرؤية الفنية، باعتبار ان الفن اليوم وكما يفهمه فتحي حسن يتعامل مع الفكرة والشعور والحس أو ما يسميه كاندنسكي( الضرورة الداخلية) في محاولة لجعل اللامرئي مرئيا بحسب تعبير بول كلي.
من ينظر الى أعمال هذا الفنان النوبي تدفعه رغبة حميمة للتأمل لما اتبعه من تقنيات متنوعة وبموضوعات يومية بسيطة، واتجاهات مختلفة، يوحدها التناغم بكل ما تحمله من تشابكات في الخطوط وتنوع وكثافة وارتباط، متوصلا الى خلق فضاءات لا شكلية داخل تركيبة اللوحة التي يزخر سطحها الفضائي بالخطوط والبنية، وبين الشكل واللا شكل، وبين النور والظلمة، وبالنبرات اللونية التأثيرية المتصارعة والمتواترة بمناخاتها، كأنها أبجديات كتبت بلغة مبهمة الى حد ما، لكنها تكتسب حضورا ذا دلالة بتناسقها الذي ينتظم في العديد من الحالات& في شكل غير مستبعد فيه عامل الصدفة والبراعات الفنية والحركية وغير مستبعد فيه أيضا المظاهر الإيهامية القريبة من الفن البصري التعبيري وهي في الوقت نفسه لا تبتعد عن الهدف التزييني بتناغم ألوانها وموسيقية العلاقات الخطية فيها ما يكفي لإيجاد لغة تعبيرية.
التعليقات