حيان نيوف من دمشق: صدر كتاب سيرة ذاتية بقلم الكاتب جونثن بيت، ويتحدث هذا الكتاب عن سيرة الشاعر جون كلير وحياته التي بدت غريبة جدا. جون كلير كان شاعرا رومانسيا حالما. بعض الشعراء الإنكليز مثل Coleridge و Wordsworth كانوا يكتبون عن الريفي البسيط ولكنهم في الحياة الواقعية ابتعدوا عن الأفكار التي زرعوها في تربة قصائدهم. ولكن الشاعر جون كلير بقي متمسكا بريفه: بينما يكتب عن الريف فإنه يعيش حياة الريف ويعمل بالزراعة وكثيرا ما كان يشاهد في إحدى المناطق وهي Northamptonshire وهو يعمل مثل بقية الريفيين. فقد وصف شعره المناطق التي يعرفها وبغنائية فذة.
وبلغته الشعرية استطاع كلير أن يجسد الخيالات الريفية بقالب رومانسي عكس مثله الديمقراطية أيضا. ويقول ناشره جون تيلور بأن الشاعر جون كلير أعطى الصوت للغة غير المكتوبة في بريطانيا. ونذكر هنا أن تيلور نشر أيضا للشاعر كيتس Keats ، ورغم ذلك فإن كيتس وكلير يجسدان مدارس متنافسة ومختلفة ضمن المدرسة الرومانسية الواحدة. ومما يقوله كلير عن كيتس بأنه يصف الطبيعة كما تصور له مخيلته وليس كما يشاهد على أرض الواقع. وفي إحدى قصائده "عش العندليب" يطارد العندليب إلى عشها ويصفه "زنزانة ناسك مكتظة بالطحالب".
وللشاعر كلير علاقة مميزة مع الطبيعة على حساب علاقته بالمجتمع من حوله، فهو من طفولته كان يأخذ الأقلام والأوراق معه إلى الحقول ويكتب ملاحظاته عن الطبيعة من حوله في خلق كلامي وشعري متميز. لكن فترة الهوس بالطبيعة انتهت لتبدأ حالة جديدة من الكآبة الشعرية وخاصة بعد موت الشاعر بايرون عام 1824 حيث تفاقم ميله إلى الغموض من خلال نزعته نحو الكآبة.
وقد مر الشاعر جون كلير بأزمة "ذهنية" اختلف الكثيرون حول أسبابها بمن فيهم مؤلف الكتاب جونثن بيت الذي أرجع "أزمة كلير الذهنية" التي وصلت به إلى اضطراب عقلي حاد psychosis، إلى عدة أسباب منها: سقوطه ذات مرة على رأسه، أو أن شهرته جعلته يبتعد عن حياته مع القرويين، وأحدهم قال أن هذا بسبب إدمانه على"النثر الشعري". ولكن جونثن بيت لم يتأكد بعد من أي سبب من هذه الأسباب، وله حساسية تجاه حالة كلير الذهنية تعادل تناغم كلير مع العالم من حوله في إيقاع موسيقي هادئ.
وقد ازداد وضعه سوءا وقال كلير ذات مرة: "تبدو الطبيعة ميتة بالنسبة لي، وخفقانها يبدو خفقانا متجمدا لقطعة جليدية تحت شمس الصيف". ويحكى أنه قد انطلق من إحدى المناطق التي اتخذها كملجئ إلى منطقة أخرى وقد مشى مئات الأميال بلا نقود وراح يأكل العشب من على جانبي الطريق وقد وجد هذا العشب لذيذا مثل الخبز. ويروي مؤلف السيرة الذاتية، جونثن كيت، تفاصيل سفر الشاعر على الطرقات وفي إحدى المرات خلال سفرته هذه وقفت سيدة وطلبت من الشاعر أن يصعد عربتها فاعتقد أنها مجنونة وإذ بها زوجته.
التعليقات