&ابراهيم الجندي
&
&
&
اذا أردت أن أعبر عن فترة حكم الرئيس مبارك فى كلمة واحدة، فلن أجد غير الفساد للتعبير عن هذا العهد، الفساد بكل أنواعه..المالى والأخلاقى والدينى، مليارات الدولارات نهبت من البنوك و هربت الى الخارج، عشرات المسئولين التنفيذيين وأعضاء البرلمان ووزراء ومحافظين حوكموا بتهم فساد ورشوة وعمولات ويقضون عقوبات بالسجن الآن، مئات ان لم يكن آلاف المسئولين فى الأجهزة المختلفة تفوح منهم رائحة الفساد ولا يحميهم من العقاب سوى وجودهم فى السلطة، ملايين الأطباء والمحامين والصحفيين والضباط والقضاة وحتى المواطنين العاديين أصبحوا معدومى الأخلاق و الضمير خربى الذمة، ضمن منظومة متكاملة تهدف الى تجريف الانسان من الداخل لتجعله مسخا بشريا يلهث ليل نهار لتأمين قوته بالكاد، ومع كل هذا الفساد فقد استمر النظام معتمدا على جناحين: أولهما أجهزة القمع والتى مازالت ميزانيتها غير معروفة حتى الآن!!ا
وثانيهما: الاعلام الذى تفوق ميزانيته الصحة والتعليم معا !!ا
ومن وجهة نظرى المتواضعة أن النظام الحالى لن يستمر طويلا، لأنه لم يكن جادا فى شىء، بدءا من ضعفه أمام الجماعات الأصولية، مرورا بعدم مواجهته المشكلة السكانية، انتهاء بخطواته الخجولة فى انجازالخصخصة !!ا
ومن جانبى سوف أطرح عشر نقاط أراها بداية جادة للاصلاح فى مصر
أولا: وضع دستور جديد يلائم المستجدات الحالية، اذ ليس معقولا أن يكون اتجاه الدولة الى الخصخصة ودستورها لا يزال اشتراكيا، مع عدم تضمين الدستور الجديد أية مواد تمت للأديان بصلة وتنقيته من المادة التى تعتبر الشريعة الاسلامية مصدرا رئيسيا من مصادر التشريع
ثانيا: الغاء قانون الطوارىء لأن استمراره دليل على ضعف النظام، فكل ما يقال عن حرية الصحافة فى ظل الطوارىء يعد هراء، مع السماح للأحزاب الجديدة بالظهور حسب قواعد محددة وليس حسب مزاج لجنة الأحزاب، و السماح أيضا للجمعيات بمباشرة نشاطها خصوصا جمعيات المرأة والطفل والمعوقين
ثالثا: الاعلان صراحة عن عدم توريث الحكم وقطع الشك باليقين أمام الرأى العام مع تسمية نائب للرئيس خصوصا مع تقدم سن الرئيس مبارك وحالته الصحية الحالية فلا يعقل أن يترك دفة الحكم بعده للمجهول، واحتمال أن يقفز عليها ذوى النزعة الراديكالية
رابعا: التخلص نهائيا مما يسمى بالقطاع العام، وخصخصة كل شىء مع الابقاء فقط على الجيش والشرطة والقضاء بيد الدولة، ودعم قطاعى الصحة والتعليم على اعتبار أنهما يمسا الأمن القومى مع فتح الباب للقطاع الخاص للاستثمار فيهما
خامسا: الغاء ما يسمى بتطوير الأزهر وقصر الدراسة به على اللغة العربية والدين وحصر مقره فى منطقة الحسين بالدرّاسة مع تغيير كامل لمناهجه بحيث تساير العصر، وتحويل فرع الجامعة بمدينة نصر الى جامعة مدنية مستقلة لدراسة الكمبيوتر وهندسة الاتصالات والعلوم الحديثة
سادسا: الغاء مجلس الشورى بعد ان اصبح تجمعا لأصحاب المعاشات وتحويل مخصصاته لدعم المدارس والمستشفيات
سابعا: الغاء وزارة الاعلام والمجلس الأعلى للصحافة والبدء فورا فى بيع التليفزيون والصحف القومية بلا استثناء للقطاع الخاص، فقد انتهى عهد ملكية الدولة لوسائل الاعلام، مع السماح باصدار صحف جديدة بشروط تضعها وتشرف على تنفيذها نقابة الصحفيين صاحبة الشأن فى هذا المجال
ثامنا: الغاء وزارة العدل واحالة كل ما يخص القضاء الى المجلس الأعلى للقضاء حتى تتحقق له الاستقلالية بعيدا عن سلطة الدولة، فليس معقولا أن يأتمر وزير العدل بأوامر رئيس الحكومة
تاسعا: الانتهاء من مشروع الرقم القومى واجراء انتخابات برلمانية تحت اشراف دولى، فالتزوير الذى تمت به جميع الانتخابات البرلمانية السابقة ليس عملا من أعمال السيادة، بالاضافة ان الاشراف الدولى سوف يعطى صورة للعالم كله أن البرلمان معبّر حقيقى عن الشعب، ولن تكون هناك فرصة لأيا من كان أن يطعن فى نتيجة الانتخابات، وتلك بداية طيبة لتعليم الناس الصدق بعد أن أصبح الكذب فريضة
عاشرا: استحداث قانون يعطى الحق لمنظمات حقوق الانسان أن تجرى تحقيقات وتجمع أدلة حول قضايا التعذيب وتحيلها الى القضاء، على أن تضم هذه المنظمات بالاضافة لأعضائها رجال قضاء ونيابة ومحامين وشرطة سابقين، فهم بحكم خبرتهم أقدر على الوصول الى الحقيقة، مع اعطائهم الحق فى زيارة أى سجن أو حجز فى أى وقت للتفتيش عليه، وسؤال من به عما اذا كان قد تعرض لما يمس بدنه، فليس معقولا أن يستمر مجموعة من المرضى النفسيين من ضباط الشرطة فى تعذيب البشر دون رادع، حتى نقضى على تلك الظاهرة التى تمثل عارا فى جبين الانسانية كلها

صحفى مصرى مقيم بواشنطن
[email protected]