عبدالله الحكيم من الرياض: لخصت مجلة الاكونيمست أفضل كتب العام 2003 حيث أستعرضت في قائمة المراجعات، منتهزة فرصة أفول هذا العام، ما لا يقل عن 48 كتابا تتناول النتاج النخبوي المعاصر للعقلية الأمريكية والبريطانية ذاكرة أفضل التراجم الشخصية والتاريخ والسياسة واللاهوت، ناهيك عن الاقتصاد وادارة الأعمال والعلم والتكنولوجيا والرواية والثقافة وكتابة المذكرات.
وللواقع فهنك ثلاث شخصيات ما بين تاريخية ومعاصرة سيطرت على حقل التراجم، فقد جاء في قدمة الشخصيات كتاب فرانكلين روزفلت الذي وصفه مؤلف الكتاب، كونراد بلاك، في مقدمة الغلاف بكونه بطل الحرية. يقترب حجم الكتاب من الموسوعة الصغيرة حيث بلغت عدد صفحاته حوالي 1280 صفحة، وفيها يتتبع المؤلف السلوك السياسي لبطل الحرية بالاضافة الى أنه يتناول جوانب من حياة روزفلت والقضايا التي خاضها في دهليز الرئاسة عندما كان رئيسا لأمريكا. وأما الشخصية الثانية فقد كانت من نصيب الرئيس السوفياتي السابق خروتشوف، حيث ظهرت هذه الشخصية على قائمة أفضل التراجم أيضا في كتاب تحت عنوان "خروتشوف: الرجل وعصره"، وفي هذا الكتاب يتناول الكاتب الأكاديمي، وليام توبمان، سيرة الرئيس نيكيتا من ناحية كون خروتشوف ابان فترته الرئاسية أدان التعسف السياسي وغياب المرونة الدبلوماسية من الأجندة السوفياتية مؤكدا أن خروتشوف ورث دولة الخوف عن جوزيف ستالين، ولذلك فقد ترهلت مشاريعة ومبادراته ورؤاه السياسية.
وبسبب هذه التركة الثقيلة، آلت طموحاته الى سراب. وعلى نحو آخر برز الكاتب الأمريكي لو كانون في كتابه عن الحاكم ريجان، حيث يعيد الكاتب كانون ترجمة هذه الشخصية في تركيبة تجمع بين وثائقية التاريخ&ورؤى أسطورية مستهدفا من وراء ذلك استخراج بعد جديد لشخصية الرئيس الامريكي الأسبق ريجان لم تطرقه بغزارة بعد أقلام التراجم في سباقها المحموم لاعادة صياغة المشاهير.
وفي التاريخ برز كتاب "الاصلاح": البيت الأوربي يتداعى أو تداعيات البيت الأوربي لمؤلفه دايرميد مكلوخ الذي يعمل بروفيسورا للتاريخ الكنسي في أحد الجامعات البريطانية، وهذا الكتاب يغطي حوالي قرنين من الزمان للتاريخ الكنسي أي من الفترة 1490 - 1700م، حيث يتابع البروفيسور مكلوخ بروح الباحث في أنقاض الذاكرة الكنسية على مدى قرنين من الزمان مقاربات تاريخية لمحاولات تأسيس كنيسة برؤى وأبعاد تتجاوز النموذج الكنسي السائد في أوربا الغربية، وأما كتاب "سكرتاريا الملكوت" لمؤلفه آدم نيكلسون فيناقش فيه المؤلف جوانب وثائقية وتاريخية وأعمال وراقة مكثفة لقصة الانجيل المعروف تاريخيا في الوسط الانكليزي بانجيل الملك جيمس، وهذا الكتاب تعاد طباعته الآن تحت عنوان آخر هو: "المجد والقوة"، حيث يتناول من خلاله المؤلف نيكلسون في أدبياته السردية كيف أن الملك البريطاني جيمس الأول أشرف بنفسه على خمسين عالما في اجتماعات متواصلة لكي يتمكنوا من نقل الانجيل وقتئذ في نسخة جديدة لا تزال تعرف بين دارسي الكلاسيكيات الادبية للغة الانجليزية بانها النسخة الانجيلية للملك جيمس الأول.
وترشح مجلة الايكونوميست كتابا على نحو "أمريكا وفيتنام"، لمؤلفه ديفيد مارانيس، كاريزما الاستحقاق الفكري لأن يصبح من بين الكتب الكلاسيكية الدارجة، اذ لا يزال التاريخ يعيد نفسه اليوم أيضا. ومع ذلك يمكننا اعتبار "كتاب الانقلاب الأمريكي وجذور الارهاب في الشرق الأوسط" أو "رجالات الشاه بهلوي" كتابا مساندا من ناحية افكاره وتوجهاته لكتاب أمريكا وفيتنام، ففي الكتاب الأخير لمؤلفه ستيفن كينزر، يستثمر الكاتب شواهد وقصاصات من اضبارة الاستخبارات الأمريكية بهدف اعادة تقييم التجربة الأمريكية في ايران عام 1953م.
لقد أطاحت أمريكا بحكومة رئيس الوزراء الايراني الدكتور محمد مصدق وقتئذ، وكانت أجندة أعمالها في ايران هي التخلص من حكومة مصدق التي كانت حكومة شرعية وجاءت الى سدة الحكم من خلال الانتخابات، ولسبب أو لآخر فقد كانت الخطة الأمريكية تمارس تمكينا مكشوفا للشاه الايراني الذي سحقه الخميني عام 1979م من غير أن تكون لديها خطة بديلة على المدى الطويل لحراسة الموقف الايراني ومراقبة الأحداث السياسية للشاه في الداخل. ومن هنا يتناول المؤلف ستيفن كينزر مضاعفات الاجراء العسكري الامريكي محذرا من ان تجر سياسة تغيير الحكم في منطقة الشرق الاوسط الوجود الأمريكي الى مضاعفات لا تخدم المصالح الأمريكية على المدى الطويل.
وفي حقل السياسة والشؤون المعاصرة برز كتاب "بوش طليقا" لمؤلفيه أيفو داليدر وجيمس ليندزسيه، حيث يتناول المؤلفان ثورة الرئيس بوش في السياسة الخارجية لأمريكا وفي الوقت نفسه فهما يقدمانه على نحو يدحض الغباء الذي يتناقله الرأي العام عبر الصحف ونشرات الانترنت وغيرهما من وسائل الرأي في أمريكا وأوربا. يقول المؤلفان أن الرئيس بوش لديه رسالة بمرجعيات فكرية، فهو رجل حقيقي يمارس حضوره من نواح وظيفية بوصفه يمثل أكبر قيادة تنفيذية في شركة عملاقة.
وعلى عكس البشارة التي تواكب العولمة، فقد ظهر كتاب اقتصادي تحت عنوان: "العالم على صفيح ساخن من النار" لمؤلفه آمي تشوا، وفيه يتكهن المؤلف بانعكاسات تعيسة للسوق الحرة، حيث يعزو المؤلف آمي ان الكراهية العرقية وتنامي الاضطرابات في العالم سوف تكون من ثمار السوق الحرة.
وأما كتاب "العائلة العشوائية" لمؤلفه أدريان نيكول، ففيه يتناول المؤلف التآكل الأسري على هامش الحب والمخدرات وتنامي الضغط النفسي على عناصر الأسرة الافتراضية التي لا تستطيع الصمود لوقت طويل في حالة توافق معيشي، وهذا الكتاب هو اساسا نتاج عشر سنوات من الرصد الجرئ لقصة الأسرة وفق رؤى ومتابعات الكاتب أدريان نيكول، حيث تقوم فكرة الكتاب على خلاصة تجارب الكاتب مع امرأتين لاتينيتين من البرونكس في نيويورك قابلهما المؤلف في جلسات مكثفة، ولاحقا يتابع المؤلف حياتهما ويتعرف عن كثب على ظروفهما المعيشية في الاسكان العام وغرف الطوارئ والمحاكم والسجن، حيث يخلص المؤلف من تجربته في تقديم ادبيات بورتريهاتيه عن الفقر والفاقة والعوز بنكهة أمريكية تنتمي الى ذروة الواقعية القذرة.