سلام دواي


في نهاية كتابها "همس من الماضي-تاريخ طبيعي لعلم الوراثة" تهتف-جنفير اكرمان- لا للأستنساخ ونعم للجنس، فهواكمل الوسائل للفوز بمزيج طازج.... بأغنية جديدة بين الأغاني. وجنيفر اكرمان باحثة فذة استطاعت ان تنجز كتابا عن التاريخ الطبيعي لعلم الوراثة، بطريقة غير تقليدية، طريقة فيها ميل الأنوثة نحو التوحدمع الطبيعة وسر الحياة..فمع هذه الباحثة تتألق اسرار الوجود ومفاجات البولوجيا، في لغة ونسيج متماسك يضعنا وجها لوجه امام علم الجينات وعلم الوراثة وقضية الأستنساخ.
ترسم الباحثة في "همس من الماض" صورة بليغة للأسرة البشرية تربط بينها وبين كل الكائنات الحية .. تتغلغل الى الدم..الى الأعماق، لتصل الى مفاجأت بايلوجية عديدةنها رحلة الى قلب الوراثة، فهي تروي قصصا عن الحياة، والأنساب، والمصادفة، والمصير، وتركز على الوراثة الأعم التي تربطنا وبقية صور الحياة بطرق رائعة ومروعة معا.

شعر وجنون.. وحقائق علمية!
عندما همس(توماس هاردي) قائلا "انا وجه العائلة.يفنى الجسد وابقى حيا" مستخدما هذه العبارة الشعرية الرائعة، كان عالم الوراثة الأنكليزي(ج.ن.س.هالدين) يلنقي معه في نفس التفكيراذ قال"اضحي بحياتي من اجل اثنين من اخوتي او ثمانية من ابناء عمومتي".
لقد اتفق الأديب والعالم على صيغة عاطفية علمية وادبية، في ان واحد، تفسر لنا ملامح الأسرة البشرية.
ولتوضيح هذا الأمر تقول لنا البحثة(اذا كنت تحمل مائة جين نادر، فسيوجد منها خمسون جينا في جسم أي من اشقائك أو شقيقاتك، فالجسد يفنى والجينات تبقى. غير ان التاريخ يسجل لنا حالة اخرى انطوت على ظلم كبير وقع على واحد من اهم الشعراء الأنكليز.ففي عام1793 كتب الشاعر (وليم بليك)، "الست انا ذبابة مثلك؟ أو انت أنسانا..مثلي؟" فاتهم بانه مجنون وأودع في مشفى الأمراض العقلية، وفي عام1873، أي بعد اربعين واربعين عاما من اتهام شاعر الطبيعة الأنكليزي بالجنون.وصف العالم(جون بلير)الذباب بأنه الجزء الأصغر أو المتقزم من عائلتنا، فعومل هذا الوصف ككشف جديد وحقيقة علمية.
&
شابلن وتشرشل....والنعجة دولي
من المؤكد انه لاجين يعمل لوحده، وانما يتفاعل مع غيره بطرق تثير الدهشة، ومن المؤكد انه ليس هناك جبن مهمته الشيخوخة، فهناك كوكبة من المؤثرات أو الجينات الوراثية، فالأمر تتداخل فيه الجينات والهرمونات والخلايا، والقصور في كيمياء الجسد.
لقد عاش جدنا نوح 969 سنة، فمن ذا الذي ينافسه في حب البقاء، والأحتفاظ بسني الشباب. عندما قرأت هذا الجزء من الكتاب فكرت في تلك الأسرار التي عقها نوح فطابت له الحياة، انها رحلة من الأسرار تلك التي تطيل العمر في الأساطير، او في الحكايات، وفي الحقيقة ايضا.
لقد تصور الكيميائيون في العصور الوسطى ان امتصاص الجسم للذهب يطيل الحياة..وفي العصر الحديث تناول شارلي شابلن، وونستوت تشرشل، عن طريق الحقن خلايا اجنة الحملان، في محاولة فاشلة لتحدي مرور الزمن.
ولكن محاولات العلماء مستمرة، انهم يعيدون ضبط ساعة(التيلومير)لأطالة حياة الخلية، ولكن قد يكون الثمن باهظا، اذ تزداد احتمالات تحول الخلية الخالدة الى خلية سرطانية.&إلا أن&الدراسات تشير الى ان تقليل الغذاء الى النصف يطيل العمر، وفي كل انواع الحيوانات، فثمة جينات تفتح عند قلة الطعاملتسكت جينات اخرى تحد من النشاط المتلاف للخلية.
من سنين معدودة كانت احدث اعاجيب البايلوجيا،& وكان استنساخ النعجة (دوللي) من خلية اذت من ضرع نعجة عمرها ست سنوات، لم تكن ظاهرة الأستنساخ جديدة على الطبيعة، (الأميبا) سيدة هذه التقنية، وأشجار صفصاف كاملة تنمو من العقل، وبنقس هذه الطريقة يكاثر الفلاحون والمزارعون الثوم والعنب والموز والتفاح وقصب السكر، ولكن استنساخ (دوللي) من خلية بالغة كان ثوربا، تحمل كل خلية من خلايا ضرع النعجة، طاقما من الجينات، وسرعان ما تبعت تجربة دوللي تجارب اخرى مع ابقار وعنز وقردة.
&
الأخلاقيات وحدود البحث العلمي
لقد ثار الجدل الحامي الوطيس حول الآخلاقيات وحدود البحث العلمي، ولن تنتهي المخاوف بالضرورة، ولن تنتهي كوابيس بسبب خيارات غير طبيعية تتخذ بشكل غير طبيعي، لآباء يختارون الهوية لأبنائهم، لأسباب من خيلاء وزهو.او لأسباب علمية.. ولايخفف من هذا الغليان سوى بعض الأنباء منها، ان العلماء يعضدون الأستنساخ اساسا على انه طريقة لصتاعة بروتينات بشرية مفيدة طبيا و او خلايا وأنسجة تستخدم عند نقل الأعضاء طريقة توفر للناس انسجة جديدة لها بالضبط نفس نمطهم الوراثي ومن ثم تجنبهم خطر رفض الأعضاء مناعيا.
ان صراع كل من جينات الأب والأم، بل والحرب مع هذه الجينات تنتهي بالتزام كامل& وبرغم اي خلاف بتخليق كيان جديد باهر ومتألق، مزيج رائع من الأسلاف، بفضل الجنس واغراءاته، مزجه العجيب بين المخاطرة والأحتمال، وما يقدمه من صراع وتعاون، امور قد تقبلتها في لهف معظم الكائنات في الأرض وغدا التنوع احدى الخصائص الثابته المورثة للحياة، جمال التغيير والتجلي.
&