&
كنت ولا ازال من اشد المؤمنين بان الدكتاتور او الطاغية هو انسان ضعيف وجبان. الضعيف يحرص على إقصاء الآخرين ويتجنب الحوار ويعمل على تسليط الاضواء عليه وحده دون غيره، لانه لا يتحمل المنافسة. هكذا يولد الطغاة وهذه دوافعهم. لذا فان الاستسلام المهين لصدام حسين بدا امرا طبيعيا ويتناسب تماما وصفاته وخواصه الذاتية كاحد اكثر القادة دكتاتورية واستعلاء على الاخرين. الان وبعد التمعن اكثر في الامر، اجد من المنطق التساؤل عما اذا كان جبن صدام حسين فعلا هو الذي دفعه الى الاستسلام.. ام ان في جعبة الطاغية ما في جعبته؟
هل فعلا استسلم صدام حسين خوفا وحبا في حياته ام انه يدخل مغامرة جديدة من مغامراته الفاشلة ضد العالم وضد الولايات المتحدة بالذات؟ معروف عن صدام حسين، او نظامه على الاقل، انه صاحب معارك ديماغوجية واكاذيب اعلامية برع فيها، وربما اصبحت جزءا اساسيا من بنية النظام وعقليته. لذا، فان احتمال ان يكون استسلام الطاغية هو "خطة" لمحاكمة الولايات المتحدة وخوض معركة قانونية ضد المجتمع الدولي، وهو احتمال يتفق وطبيعة النظام المهزوم ويتناسب ودعاوى صدام بانتصاراته الدائمة. لقد حول صدام او اعلامه هزيمته في حرب تحرير الكويت الى انتصار والى يوم يحتفل فيه بدحر الغزاة وهزيمة الغرب. لقد ربح "ابو المعارك" كل معاركه او هكذا توهم.. لذا فان خوض معركة قانونية جديدة يبدو امرا ينسجم مع ذهنية صدام حسين ويتفق ربما مع شعوره الزائف بالعظمة والقدرة على الانتصار. لقد عاش صدام "مهرجا" خصوصا عندما دخل في مواجهة مع الولايات المتحدة - بسبب عدم تناسب الامكانات - وربما فرضت طبيعة المواجهة عليه ان ينتهي مهرجا، وربما هو اختار ان يموت كذلك وليس شهيدا او ضحية... عموما الايام المقبلة ستكشف لنا اكثر، حقيقة صدام حسين مثل ما ستكشف مصيره النهائي.